آلَتِ الشّمسُ لِلأفولِ وبدأَت خُيوطُ الظَلامِ تتسرّبُ شَيئًا فَشيئًا لِيلةُ اليَومِ سَيتبَعُها صَباحٌ شَاقٌ !
القَمرُ صَغيرٌ يُجالِسُ نَجمةً قُربَهُ هَذا كُلُّ مَا تَبّصرتهُ الأميرةِ الصّبِيةِ سَدن مِن نَافِذتِها
إلى حِينِ ما قَطعَ تَفكِيرُها صَوتُ بِيلار مُساعِدَتُها عَلتْها علاماتُ الرّزانَةِ والهُدوءِ وَ الّتي تَكبُرها بِثلاثِ سَنواتٍ- : " العَشاءُ سيكونُ جَاهِزًا بِغُضونِ عشرِ دَقائِق أعلَمتُكِ كَي تَتأهّبي رَابونزل" .جَاءَها الرّدُّ عَلى هيئةِ نَظراتٍ سَاخِطةٍ مِن سَدن
ذَلك بَعد أن عَاوَدتْ بِيلار : " المَلكُ اليَومَ مَن أخبَرني لِأُحضِركِ أيْ لا مَجالَ لِقولِ لا ".
نَطقتْ سَدن أخيرًا :" أترينَ تِلكَ النّجمةَ البَعيدة تَبدو تَائِهةً وأظُنُّها تُشبِهُني بِحق ، سَأجهَزُ الآنَ لا بُدُّ أنَّ أبي العَزيز يَرمي إلى مُصيبَةٍ أُخرى !" .
بَعدَ بُرهَةٍ مِن الزّمن كانَت سَدن تُجبِرُ نفسَها على بِضعِ لُقيمَاتٍ مُتبَقيّةٍ في طَبَقِها مَع ثَرثرةٍ مِن أختِها الكَبيرةُ غَيرِ الشّقيقةِ وبعدَ أن نَجحتْ في إنهاءِ طَبقِها
تَهاوَت لِمسامِعها كَلماتٌ ثَقيلةٌ جَاءَ بِها وَالدُها حَيثُ أنّه قَال : "صَباحَ اليَومِ سَيأتي مَخطوبُكِ يا سَدن لِيأخُذَكِ جَولةً في مَملَكتِه لا تُثيري المَتاعِبَ ".
إمتَعضّتْ وكَشّرتْ عَن أنيابِها عِندَ ذِكرِ ذلكَ الغُلامِ الأبلَهِ المَخدوعِ -فَهوَ يَظُّنُ أنَّ مَخطوبَتَه سَتكونُ سَديم أختَ سَدن الكُبرى- لِتتذّكرَ خُطتَها الكَبيرةَ وتَسْكُن تَعابِيرُها لِتَرْدُمَ : " حَاضر يا بابا ".
ثُمَّ تُوّجِهَ كَلامَها لِجُلُوسِ المَائدةِ :" لَقد شَبعتُ أعذُروني ".
تَاليًا وفي غُرفةِ الأميرةِ سَدن كَانتْ تتذَمّرُ بِشأنِ خَطيبَها الغَبيِّ وتَصُبُّ غَضبَها عَلى بِيلار المِسكينةِ الّتي إكتَفتْ بِطأطَأةِ رأسَها حِينًا ومُوافَقَتِها لِأميرَتِها حِينًا آخر وبَعد سَيْلٍ مِن التّعَصُبِ تَبسّمتْ سَدن أخيرًا : لَكنَّ أحدًا لا يَعرفُ بِخُطَتِنا مَع أنّي خَائِفَةٌ حَدَّ النُخاعِ والرُكبَتينِ والدِّماغِ وكُلُّ أعضاءِ جِسمِيَ تتراقَصُ إلّا أنّي لا أستطيعُ تخيُّل جُلوسي وَلو لِلَحظةِ معهُ نَحنُ مُختَلفانِ كثيرًا يا بِيلار".
هَزّتْ بِيلار رأسَها وتَابَعتْ سَدن :" كَم الأمرُ قاسٍ أتعلَمينَ ؟ إشتَقتُ لِأُمي حقًا ؛ وأبي البَغيضُ سَيُزّوِجُني مَكانَ سَديم أعتقدُ أنّها زَوجَتُه الأولى مَن تَزُنٌّ فوقَ رأسِهِ". -وهيَ وَالدةُ سَديم أيْ أنَّ سديم وسَدن مِن والِدتينِ مُختلفتينِ- .
تَنهدٌ مِن بِيلار تَبِعَهُ صَوتُها الهَادئُ : "غدًا سآخُذُ مَعنا خَادِمةً أُخرى لِمُساعَدتِنا".
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-اللّيلَةُ مُظلّمَةُ نَسيمٌ خَفيفٌ يُحَرِّكُ رَيحَانَةً في قِصٍّ عِندَ شُباكِ الأميرةِ سَدن مُطلقًا رائِحتها الفّواحةَ في الغُرفةِ -وَكانَت هذهِ الرَيحانَةُ هَدِيةَ ذِكرى وِلادةٍ الأميرةِ مِن قَبل أشهرٌ مَعدودَةٍ مِن بِيلار والّتي كَانتْ نَبيهَةً تَحفظُ المُخططاتِ وخرائِطَ الدُّولِ وتُشرفُ على دِراسةِ الأميرةِ وما إلى ذَلكَ-. هيّئَ ذلكَ الجَوَّ المُناسِبَ لِانغماسِ بيلار بالتّفكيرِ بينَما تُطالِعُ وَجهَ سَدن النّائِم وبعدَ قليلٍ سُمِعَ هَمسُها الرّقيقُ :" مُذ عَرفتِ يَا سَدن معنى اسمِكِ وأنتِ قويّةُ لا تَرضَخينَ، فيكِ عِزّةُ نَفسٍ كبيرةٍ ؛ ويَا أميرتي في هذهِ اللّيلةِ أُجَدِّدُ عَهدَ حِمايَتي لكِ وَوفائِيَ لِمّا وَعدتُكِ بِهِ .
"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"
تمَّ فَصلُنا الأوّلُ وَسائِدي آملُ أن يَنالَ إستحسَانَكم والتّفاصيلُ الغَاضمِةُ سَتكْشِفُ عَن نَفسها في الفُصولِ القَادِمةِ +.الفَصلُ قَصيرٌ أعلمُ هذا لِأنّي نَعسَةٌ وَ أجل أنا كِوالا تَعِبَةٌ.
🌟: إنّها أيامُ الصّيفِ الحّار .. وإنّي أوصِيكمْ بِشربِ المَاءِ مُتوّسطِ الحَرارةِ وأخذِ مِظّلةِ شَمسِيّةٍ فَضربَةُ الشّمسِ قَوِّيةُ ومُوجِعةٌ دُمتمٌ بِخيرٍ وإلى لِقاءٍ آخرٍ .
أنت تقرأ
لم دُعيت حبيبًا؟
Historical Fiction_كَالوَردِ سامَرُهُ النّدى. - أحبَبتُكِ أكثرَ مِما ينبَغي يا سَدن. - وَ أنا مَنحتُكَ فُرصةَ الرّحيلِ والآن يَا شِهابي سأحَقِقُ أمنِيتي بِأنْ أقتلَ رَجُلًا .