-7-

22 7 1
                                    

انتهى الفصل الدراسي وتفرق الأصدقاء على وعد باللقاء الفصل القادم لاكمال مشوارهم الجامعي سوية.
حان موعد العطلة الصيفية، وكعادة عائلة صفاء تمضي أيامها رفقة الأقارب في منزل الأجداد أين تلتقي الخالات والأخوال وأبنائهم فيقضون معا أسعد اللحظات ويسهرون لتبادل الأحاديث والطرف و ما يسر من الكلام.

مرت الأيام وشعرت صفاء بالفراغ وأخذت كعادتها تتصفح ما جد على جدران الانستغرام من أخبار محلية وأخبار عالمية ولابد أنها صادفت أخبار من كانت تتابعهم من ممثلين ومشاهير.
نهرت نفسها الأمارة بالسوء ووضعت هاتفها بعيدا تستغفر ربها.
توضأت وأخذت مصحفها لتكرر آيات الرحمان بغية حفظها وتثبيتها في قلبها عسى أن تقلع عن تلك العادة السيئة وتضييع وقتها.

وذاك كان ديدنها لأسبوع ولى وفي كل مرة يوسوس لها شيطانها لينهرها عن ذكر ربها ويربطها بما لا ينفعها من الأحداث و الأقوال.

وللأسف تغلب عليها فضولها وألقت نظرة تساؤل على تلك الحلقة فغرقت بين الدقائق والساعات ولم تلحظ مرور يومها إلا بسماعها لنداء صلاة المغرب، فهبت واقفة تعاتب ذاتها ومهرولة للوضوء تذم ضعفها وأسرعت لموعدها مع ربها تطلب العفو والغفران عن ذنبها.
لم تكن تلك آخر مرة فقد سولت لها نفسها وزين لها الشيطان عملها بعد عدة محاولات ، فلم ترفض هذه المرة زلتها ومضت تعيش أحداث مسلسلها وتقنع ذاتها أنها لن تفتن وأنها لا تلقي بالا لعاداتهم التي تخالف ديننا ،ولا لمظهرهم وأفعالهم التي لا تليق بإسلامنا.

غابت يوما عن اجتماع العائلة فقد سرق المسلسل وقتها فاتخذت ركنا بعيدا عن الأعين المستنكرة، فلم تشعر إلا وخالتها تلامس كتفها لتخرجها من دوامة أهلكتها.
-"مر اليوم ولم نرك، ألم تشتاقي للمتنا؟"
-"بلى، سأنهي ما تبقى من الدقائق وألتحق بكم"
-"عزيزتي، لقد أمضيت اليوم برفقة أبطال خياليين ، أما حان الوقت لعودتك للواقع؟! تلك الأفلام غرضها جذبك نحوهم وصدك عن الذكر وعن الصلاة وحثك على تضييع وقتك فلا تغتنميه فيما يفيد، أرضيت لنفسك ما لا يفيدك؟!"
-"لقد مللت الجلوس وليس لي ما أفعله لذا اتخذت الأفلام ونيسا علي أطرد ما حل بي من ضجر."
- "أفضلت ذلك على مراجعة وردك وحفظ قرآنك وذكر ربك ؟"
- "لم أنسى وردي فقد راجعته صباحا وقد حافظت على أذكار المساء وسأحفظ ما تيسر قبل نومي."
- "صغيرتي لقد من الله عليك أن جعلك ممن يحفظون كتاب الله فحافظي على نعمته تعالى وشدي عليها بالنواجذ، القرآن نور وبركة من تمسك به فقد كسب الدنيا والآخرة فإياك والاعراض عن الحفظ وترك المراجعة."
- "لا أنوي التوقف عن الحفظ بإذن الله فهدفي هو ختم القرآن والحفاظ عليه."
- "لكن حبيبتي الله سبحانه وتعالى يغار على قلب عبده أن يكون معطلا من حبه وخوفه ورجائه، وأن يكون فيه غيره ،فلا تجعلي من ملذات الدنيا وزينتها حائلا بينك وبين ربك، ولا تعلقي قلبك بغير الله فيخذلك، اجعلي للقرآن يومك لا وقت فراغك يجعل الله البركة في عملك ودراستك.
إن "القُرآن عَزيز" و كمسلمة سَلكت طَريق حِفظ القُرآن الكريمِ، عِندما تَسمعين هاته العِبارة فلا بُدّ أن يَتبادر لِعقلك معنَى سُهولة تفَلّتهِ، فإنّ القُرآن يأبَى المكوثَ طويلًا لدَى مَن أعرضَ عن تَعاهُدهِ بالمراجَعة والتّكرار، فَبمُجرّد أن تتخلّي عن الاستِظهار اليوميّ يَبدأ القُرآن في الرّحيل، ولذا فأنت في أمَسّ الحاجةِ للإصرار عليهِ كي لا يُغادر ذاكِرتك، والاستِمساك به لئلّا يُفارِق قلبك، فاحرِصي على وِردك إلى آخِر يَوم في حياتك، القرآنُ صاحِبٌ لا يَترُكُ صاحِبَهُ حتَّى يُدخِلَهُ الجنَّة."

أمسكت الخالة عن الكلام لبرهة، لترى مدى استيعاب صفاء لكلامها ثم عادت لتقول:
-"صفاء أعرضي عن اللهو وارجعي إلى المولى الذي يناديك ومادام الله أوحى لك الرغبة في حفظ كلامه ويسر لك تلاوته فحافظي على نعمته."

تركتها خالتها تشرد في كلامها علها تستفيق من أوهام خلفها تأثرها بما يتناقله أبناء جيلها من عادات سيئة للأسف.

تَذَبْذبٌ فَثَبَات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن