-4-

24 7 1
                                    

عدت لمنزلي والعديد من الأفكار تتزاحم داخل عقلي، سلمت على والدتي ودخلت غرفتي الصغيرة التي تجمع شتاتي وتحفظ أسراري.
اغتسلت وغيرت ملابسي لأخرى أكثر راحة لعلي أتخلص من تعب آخر يوم إمتحانات.
ارتميت على سريري منهكة أبتغي النوم والغرق بين أحلامي لكن ما إن أغمضت جفوني إلا وتذكرت صلاتي التي فاتتني إثر انشغالي بالاجابة عن أسئلة الاختبار.
استقمت وتوضأت وللقبلة إتجهت أكبر وأحمد الله في سجودي على توفيقه تعالى.
ما إن سلمت حتى لاحت ببالي كلمات أسماء، توجهت لركني المفضل أين تتواجد أريكتي  الناعمة سمعتها تناديني وبسرعة إحتضنتني تسأل عن همي.
سارعت بالاجابة ورحت أحكي ما دار بيني وبين صديقتي وأوضح وجهة نظري لأقنعها بصحة تفكيري وأقنع ذاتي.
تساؤلات طرحتها علي كنبتي إثر انتهاء حديثي :
-"كوني صريحة مع ذاتك ولا داعي لإخفاء الحقائق عني، كم من الوقت تقضينه بمشاهدة المسلسلات؟ ومتابعة آخر أخبار الممثلين والممثلات؟ أليس في ذلك وقت ضائع يمنعك عن ما ينفعك؟ ألم أحتضنك لأيام وأراك منفصلة عن العالم الخارجي وقد صنعت لنفسك ملاذا لا يدخله غيرك؟! صديقتك محقة فيما قالته لا بد وأن تجدي مخرجا من هاته الحفرة العميقة."

أدركت لوهلة عظم الأمر، واستوعبت أنني قد أمضي يوما بطيلته ممسكة بهاتفي دون ملل ولا كلل ومبحرة بين الصفحات والمواقع باحثة عن كل جديد في عالم الدراما والتمثيل ، يمنعني عن فعل ما يفيد ولا يشعرني بمضي الوقت وانطواء الأيام خاصة في العطل والاجازات أين أتحرر من قيود المراجعة والواجبات.

وقد لاح بذاكرتي يوم انجرفت في متابعة مسلسل حتى سمعت أمي تنادي: " حان وقت صلاة العصر، فتجهزوا" ،لم يرفع الآذان بعد، كانت حجتي، لكنني لم أستفق حتى رأيت والدتي تقف أمامي تستنكر فعلي:" مرت ساعة على الآذان ومكانك لم تبرحي ، أفرطت بصلاتك ونداء ربك لتلبية ما لا يغنيك ولا ينفعك ؟!!إلى متى إعراضك عن أمر الله ؟! إلى متى تعلقك بتلك الأوزار ؟! أثقلت موازين خطاياك !! انهضي يابنتي وانفضي عنك هاته الآثام، سنوات قضيتها أنهيك عنها ولم تنتهي، لا أريدك أن تغرقي أكثر في الخطايا فيصعب عليك مغادرتها والتراجع عنها، انهضي يابنتي وادعي ربك المغفرة، ادعي ربك الثبات والاعانة على تخطي الذنب وتركه."
يومها شعرت بالخزي والعار من ذاتي المقصرة في حق نفسي وفي عباداتي.

- " يبدو أنني ضيعت ما يكفي من حياتي وكما اقترحت أسماء سأبدأ بحفظ القرآن لعلي أكفر عن ما فاتني و أغتنم وقتي فيما يفيدني في دنياي وآخرتي"
وعدا قطعته مع ذاتي ألا أتخلف في حفظ القرآن وأن أجعل من صلاتي ودراستي أولوياتي.

تَذَبْذبٌ فَثَبَات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن