مرت أيام منذ خيبة أستاذي بي، وقد قطعت وعدا حينها أن ألتزم بمذاكرتي وأن أهتم بدراستي لذا فقد غيرت أولوياتي خاصة باقتراب موعد الامتحانات.
انشغلت بمراجعة الدروس وحفظ المقالات لضمان تفوقي والاحتفاظ بمرتبتي الدراسية التي ألفتها ، فقضيت أسبوعين بين أوراقي وكتبي أبحر بين الكلمات والأرقام لعلي أرضي ضميري الذي بات يعذبني ازاء اهمالي السابق.
وأخيرا ، رفعت رأسي إلى السماء الرحبة أستنشق عبير الأزهار وأستلطف نسمات الهواء اللطيفة أحمد الله على ما قدمته في الأيام الماضية وأدعو بالتوفيق والسداد في اجاباتي.
شعرت بأسماء تجاورني وبابتسامتها المشرقة التي تبعث الطمأنينة في روحي سألتني:
- "إذن ما خططك للاستراحة من عناء الاختبارات؟!"
أجبتها وكلي حماس:
-"الاسبوع الماضي سمعت بنزول أحدث المسلسلات لبطلة كانت دائما محط الأنظار وقد كنت من معجباتها المخلصات، لذا أخطط لمتابعة أولى حلقاته والتعرف على أحداث قصته."
- "مسلسل مجددا !!"
-"تعلمين شغفي بتلك المسلسلات ومتابعة قصصها، وقد مر أسبوعين استنفذت فيهما طاقتي لمراجعة الدروس، ألا أستحق جائزة لمثابرتي بفعل ما أريده وما يستهويني؟!!"
- "عزيزتي لست أنكر تعب الامتحانات لكنني لا أحبذ فكرة قضاء وقتك في تلك الملهيات، أفضل أن تستثمريه فيما يفيدك وينفعك ويريحك في نفس الوقت."
- "لا أعلم، ليس لدي فكرة غير الدراما لقضاء الوقت والاستمتاع، ماذا عنك كيف تقضين وقت فراغك ولما لا أراك كغيرك من بنات عصرك مغرمة بمتابعة الممثلين ومشاهير الأفلام ؟"
-"إني لا أجد في ذلك متعة ولا نفعا، تلك الأفلام وإن لم تكن تحرض على المنكر علنا فقد تدعو له سرا، إني أرى في تلك الأفلام مشاهد لا تليق بديننا ولا بعاداتنا وتقاليدنا المتحفظة وان لم تكن صورا فاحشة فهي لا تراعي الآداب بين الرجل والمرأة ولا آداب اللباس المحتشم، كما أنها تناقض أمر الله لنا بغض البصر سواء كنا رجلا أم امرأة ولا بد أن أسوأ ما علمته من تأثيرها أنها تفتح بابا لتخيلات غير لائقة لا طائل منها وتدفع العقل للاستغراق في أحداث ترهقه."إلتزمت الصمت وكلماتها ترن في أذني ، ضربات قلبي أخذت تتسارع ووددت لو أنكر قولها لكني لا أجد فيه إلا الصواب، لكن أليس الانسان يحاسب على قدر نيته؟! ولم أكن أنوي من متابعة الأفلام إلا الاستمتاع بمجريات الأحداث لم أكن لأدقق في ملامح الرجال ولا أن أتأثر بطريقة اللباس ، أعلم حدود ديني وأنا أحترمها ولن يرغمني مجرد مشهد تمثيلي على استبدال مبادئي وقيمي.
تهت بين أفكاري ومحاولتي لإيجادي حجج أنفي بها تأثير الأفلام علي لكنني استفقت لما تابعت أسماء كلامها بنبرة هادئة أثرت في نفسي:
-"إني لأفضل اغتنام وقت فراغي بما يرضي الله،فقد سمعت حديثا عن رسول الله ﷺ: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟» لذا فقد سجلت في مدرسة لتحفيظ القرآن بداية السنة وقد تمكنت من حفظ سورة البقرة كاملة وهذا انجاز أفخر به وأود لو تلحقينني لنكون من أهل القرآن معا. إني لأرتاح بتلاوتها آناء الليل وأستمتع بمراجعتها أطراف النهار و أدعو الله التوفيق لحفظ جل آياته وإتقانها."
-"كنت منخرطة في صغري في مجموعة لحفظ القرآن لكنني انشغلت بعدها بالدراسة ولم يساعفني الوقت على مراجعة المحفوظ والتقدم في الحفظ وقد نسيت ما تعلمته."
-"أخبرتني معلمتي أن القرآن إن أعطيته بعضك أعطاك بعضه وإن أعطيته كلك أعطاك كله، وأن حجة الوقت والالتزامات المهنية والدراسية ليس حائلا عن مراجعتك لوردك وانضباطك في تلاوة كتاب الله بل إن القرآن يضفي بركة على وقتك ويفتح عقلك للعلوم الدنياوية ، فلا تشغلي بالك بقلة الوقت وخذي كتابك بقوة يكن رفيقك في دنيتك وشفيعك في آخرتك."
-"كلام معلمتك جد مؤثر، هل حقا يمكنني العودة إلى رحاب القرآن؟!"
-"بالطبع، ما رأيك أن ترافقيني يوم السبت إلى المدرسة القرآنية ، لنجعل لنا وردا نحافظ عليه ونتسابق في تكراره واتقانه. فما أحلى التنافس في الخير وعبادة الرحمان كما كان ديدن صحابة رسول الله أبا بكر وعمر رضي الله عنهما".
أنت تقرأ
تَذَبْذبٌ فَثَبَات
Spiritualصفاء فتاة كغيرها من أبناء جيلها، فضلت العيش في الواقع الافتراضي فعلقت في فخ المشاهير والأفلام وغفلت عن المعنى الحقيقي للحياة. هل لها من عودة لواقعها؟! وهل ستكتشف الهدف الأول لهذه الدنيا؟ مشاركة في مسابقة فسيلة.