-6-

17 7 2
                                    

تعودت على حلقات الحفظ ورحت أشغل وقتي بترديد آيات الله لعلي أحفظها في قلبي وذهني. شعرت أحيانا بالتقصير في أدائي فلم أكن أتقن أحكام التجويد ولم أملك من الصوت الحسن الذي يضفي أثرا في نفوس سامعيه.

تبادرت فكرة الانقطاع عن الحفظ في كثير من الأحيان على بالي، لكني أزلتها من تفكيري تماما يوم سمعت معلمتي تنصحنا قائلة:

-"ما دمتن مع القرآن فأنتن في ربحٍ دائم!
لكن في كل حرف تقرأنه حسنة، وفي كل آية تحفظنها ترتقين في منازل الجنة، صدّقنني أن بركات القرآن وفضائله ليست محصورة على من بلغوا في القرآن درجة عالية من الإتقان، بل بركات القرآن ستشمل كل من أقبل عليه بصدق، كل من يقاوم، كل من يجاهد لأجل الوصول."
أعجبت كثيرا بكلام المعلمة، فلم تبخل علينا يوما بعبارات التحفيز لتدفعنا للمسير في رحلة القرآن وعدم التراجع في منتصف الطريق.

سرعان ما أضافت كلمات زعزعت دواخلي:
-" كل الذين لم يضبطوا القرآن، أو لم يتقنوا مهارة ما، أو لم يبلغوا آمالهم في متن من متون العلم  لم يجعلوا ما يريدون مشروعهم اليتيم ٬ وفكرتهم الأساسية وأوليتهم الكبرى، وإنما خلطوا تلك الأماني بغيرها، وقسموا لها بعضاً من أوقاتهم وزاحموها بكثير من المشتتات ومضت أعمارهم وهم يراوحون في ذات المكان ولم يجدوا بعد شيئاً يستحق الفرح والسرور، فأخلصوا نيتكم في حفظ كتاب الله وحددوا أهدافكم بدقة ولا تحيدوا عنها حنى تحققوها باذن الله."
" ولا بد لي أن أذكركم ونفسي أن كثرة الذنوب والمعاصي  تنسي العبد للقرآن، وتنسيه نفسه، وتعمي قلبه عن ذكر الله، وتلاوة القرآن، فاجتنبوها يرحمكم الله وأخلصوا عملكم لله وحده جل في علاه."
كثرة المعاصي تنسي القرآن، جملة ترددت على مسامعي فغيرت الكثير من معتقداتي، ظننت نسياني لما حفظته ناجما عن ضعف قدرتي على الحفظ واذ به ناتج عن مخالطته لما قدمته يدي من آثام، أعجزت أن أحافظ على زادي في هذه الدنيا بسبب مشاهد رأيتها على شاشتي؟!
أاشتغل عقلي بالتفكر في تلك الأحداث ونسي دوره الأهم في تدبر آيات الله؟! أغفلت عن مراجعتي وهون لي الشيطان سوء عملي؟!

غفرانك ربي غفرانك!!!
"اللهم لا حول ولا قوة لي إلا بك فأعني بقوتك على نفسي يا قوي يا جبار "

تَذَبْذبٌ فَثَبَات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن