(مُقدمة).
هل تتحقق الأمنيات المُستحيلة؟؟ بالطبع نعم، كُل الأماني الذي تنبعث من قلوبنا، يومًا ما ستتحقق، في مكانٍ ما، وزمنٍ ما، سيتحقق عالمنا الخيالي، الذي كُنا دومًا نهرب إليه من واقعنا المَرير، الذي ظلينا منذ الصغر نفقد تذوّقنا للسُكر به، شيئًا في شيء.
(الإهداء).
إلى قاعدة جماهيرية بأشخاص تمتلك قلوب بنفسجية اللون، ترى العالم بعيون سَبع أُمراء، يَرون العالم بإنه ليس سوى ساحة كبيرة، نبني فيها أحلامنا.
-رنَـا محمود.***
(الفصل الأول)"مجرد أمنية"!
(ديسمبر، ٢٠٢٣ ، القاهرة)
في غرفة مليئة بالفوتوكارد، وذلك الأرمي بومب الموضوع في الجانب من مكتبها، والألبومات العديدة الموضوعة بالجانب الآخر، والصورة الكبيرة المُعلقة على الحائط لـ جونغكوك، نظرًا لأنه هو البايس الخاص بها، خرجت من تلك الغرفة فتاة ذات عشرون عام، تدعى ريفال، كانت متجهه نحو كُليتها، كانت ريفال فتاة متوسطة الطول والوزن، كانت تمتلك بشرة بيضاء وشعر أسود كالظلام الحالك، عيناها كانت مسحوبة بطريقة جذابة ويزين خديها غمازتين عميقتين، أخذت هاتفها وخرجت من غرفتها لتجد والدتها فاطمة تلك السيدة في الخمسينات من عمرها ذات الوجه البشوش، تحضر الفطار، مع شقيقة ريفال والتي تدعى ندى، فتاة سبعة عشر عام، تشبه ريفال قليلاً ولكن شخصياتهم مختلفة تمامًا، على الجانب الآخر خرج يحيى، شقيق ندى و ريفال الأصغر، الفرق بينه وبين ندى عام واحد، أي كان ستة عشر عام، كان يحيى يشبه والدهم كثيرًا، الذي توفى منذ سنوات قليلة، وكان يحب تقريبًا نفس الأشياء التي تحبها ريفال، خصوصًا فرقة bts وكان دومًا يستمع لأغانيهم معها، ويرقصون سويًا رقصاتهم، ويشاهدون معًا حفلاتهم، على عكس ندى تمامًا، التي كانت غير مهتمة بالفن الكوري، فهي كان كل شغفها تجاه الكروشيه فقط، جلسوا يتناولون الفطور سويًا، فتحدث معها يحيى وهو يمضغ طعامه:
- ريفال، لا تتأخري اليوم، اليوم هو ميعاد حفلتنا الأسبوعية، دعينا نصل الهاتف ب مكبر الصوت، ونؤدي رقصات Standing next to you و On و dope والعديد من الرقصات.لتبتسم ريفال بحماس وهي تجاوبه:
- بالطبع! لن أتأخر.
لتتنهد ندى وهي تنظر إليهم، بينما تنظر لوالدتها التي كانت تبتسم لـ لطافتهم:
-أقسم بأن أولادك سيفقدون عقلهم بسبب هؤلاء الكوريين.
لتضحك والدتها وهي تجاوبها:
-لا بأس، يومًا ما كنا فاقدين عقولنا أنا وخالتك بسبب عبد الحليم حافظ أيضًا.ثم وقفت ريفال مستعدة للرحيل، ولكنها وقفت ثانيًا قبل أن تذهب تشعر وكأنها ناسية شيء ما، أو وكأنها لا تريد الرحيل، ولكن ودّعت عائلتها، وذهبت في طريقها إلى كُليتها والتي كانت كلية صحافة وإعلام، فإن ريفال تحب الصحافة جدًا، وتريد أن تكون صحافية مشهورة، رغم إنها كانت تحب كليتها، إلا إنها كانت وحيدة بها، لم تستطع صنع أي صداقات، أو تكوين علاقات مع زملائها، أنهت اليوم بسلام، وغادرت جامعتها، وصعدت بأحدى الحافلات الذي ستصلها إلى منزلهم، جلست على أحدى المقاعد، تنهدت وهي تتذكر كم يتبقى على تسريح جين وجيهوب من الجيش، فهي إشتاقت لنكات جين ولطافته، والبهجة التي يشعها جيهوب حين يظهر بصورة أو فيديو، فأمسكت بهاتفها تتصفح برنامج الويڤرس، الذي يكون موجود به كل أخبارهم، ولكنها تتفاجئ بخبر صادم من الشركة، يقولون بأن جميع أعضاء الفريق الآخرون، سيذهبون لتأدية خدمتهم في الجيش، شعرت بوخزة في خافقها، ودون شعور منها تجمعت دمعة في عيناها، أقفلت هاتفها وهي تتخيل كيف ستكون حياتها بدونهم، فهي كانت تتعلق بهم لدرجة لا توصف، فهي معجبة لهم منذ أربع سنوات فقط، ولكنها عاشت معهم لحظات سعيدة، وأخرى حزينة، كانوا بالنسبة لها ليست مجرد فنانين عالميين، بل كانوا عائلتها الثانية، ابتلعت ريقها وهي تمسح تلك الدمعة، وتغمض عيناها وتتمنى لو إنها فقط تعود بالزمن إلى حيث وقت ترسيمهم، وتذهب لهم كوريا، لتستطيع العيش معهم منذ البداية، وتستطيع أن تكون معهم أكثر وقت ممكن، ولكن كيف سيحدث هذا؟ هذه فكرة مستحيلة.
خرجت من الحافلة، تقف على الرصيف المقابل لمنزلها، كانت تشعر بالحزن الشديد لهذا الخبر الذي قرأته، كانت تشعر بجسدها متثاقل، لا تستطيع المشي، ولكنها وأخيرًا تقدمت بقدميها، كانت في منتصف الطريق، لم تشعر بنفسها إلا وهي تصطدم بها سيارة، ترفعها عاليًا، وتسقطها أرضًا مغشي عليها، تجمعوا حولها الجيران، وجاء نحوها سائق السيارة، والذي كان شاب في الثلاثينات تقريبًا، وخرجوا أيضًا والدتها وأشقائها، الذي هلعوا لمجرد رؤيتها وسط كل تلك الدماء.***
( مايو، ٢٠١٣، كوريا الجنوبية)
تفتح عيناها ببطئ، رأسها يؤلمها بشدة، بل جسدها بالكامل يؤلمها، تجد فوقها السماء الصافية، كانت ملقية بجسدها على الأرض، وحولها ضجيج عالي، يؤلم رأسها أكثر وأكثر، وأشخاص يتحدثون، ولكن لحظة.. هل هُم يتحدثون حولي حقًا أم إنني فقط أشاهد دراما كورية؟؟؟
نهضت مسرعة من الأرض، وقفت تنظر حولها في الأرجاء، لماذا كل من أراهم كوريين؟؟ ويتحدثون الكورية!! ماذا حدث؟ كل ما أتذكره إنني وقعت بحادث سيارة، ماذا يحدث لي، ولأنها كانت تدرس الكورية، بجانب مشاهدتها للدراما الكورية ومتابعتها للفرقة، كانت تتقن اللغة قليلاً، فأوقفت سيدة، تسألها بتوتر:
-لحظة من فضلك، أين نحن؟؟
لتنظر لها السيدة باستغراب وتجاوبها:
-نحن في كوريا الجنوبية يافتاة!
وقعت الكلمات على أذن ريفال كالصاعقة، ماذا؟ كوريا الجنوبية؟؟ متى؟؟ وأين؟؟ ولماذا؟؟ ثم تعاود سؤالها:
- أسفة ولكن... أي سنة؟
-إنه مايو ٢٠١٣.
أنهت السيدة جملتها وذهبت، تاركة خلفها ريفال، التي كانت ستجن حقًا، ألقت نظرة على المباني، لتتفاجئ مِما تراه، ماهذا؟؟ شركة بيجهيت؟؟ ظلت تنظر لمبنى الشركة قليلاً، قبل أن ترى أمامها سبعة شباب مراهقين يحملون المظلات بنفسهم لنفسهم، دون أي رجال تحميهم كالعادة، ودون أن تتجمع حولهم الفتيات وتصرخ من سعادتهم لرؤيتهم لهم، تقدمت بقدميها نحوهم ببطئ، حتى استطاعت أن تقف أمامهم تمامًا قبل أن يدخلون الشركة، عندما رآواها ظلوا ينظرون لبعضهم البعض في ذهول، ويسألون بعضهم إذا كانوا يعرفونها، ولكنهم كانوا بالتأكيد لا يعرفونها، فظلت هي تنظر لهم بدهشة وابتسامة معًا، لا تصدق بأنها بالفعل ترى أمامها بانقتان سنيوندان المراهقين، الذين لتوّهم بدأوا في شق طريقهم، كانت تراهم بعيناها حقًا، ليست من وراء الشاشة، ليسألها نامجون بتوتر من ردة فعلها المريبة:
-نحن آسفون يا أنسة، ولكن من أنتِ؟؟
ابتسمت ريفال أكثر وهي تجاوبه:
-أنا.. معجبة لكم، ولأغانيكم.
ليضحك نامجون ويجاوبها:
-ولكن نحنُ سنترسم بالفعل الشهر المقبل، ما الذي تقولينه الآن؟؟
لتبتلع ريفال ريقها، لا تعرف ماذا تقول حقًا، ولكنها جربت أن تقول لهم الحقيقة:
-أنا... جئت من المستقبل.
لم يردف إليها أحد، ولكن ملأ الصمت المكان بأكمله، حتى إستطاعت سماع طنين أذنها، من شدة الصمت، ليتحدث جونغكوك ذلك المراهق الصغير بعيون كبيرة وواسعة كعيون الغزال:
-هيونغ... دعنا ندخل سنتأخر، إنها بالتأكيد ثملة.
لتنظر له ريفال بصدمة ثم تجاوبه بتلعثم، لأنها غير متعودة على التحدث باللغة الكورية بعد:
- ماذا؟؟ ماذا تقول؟؟ يا إلهي لا أصدق حقًا بأن البايس الخاص بي يفعل بي هكذا، ربما علي فقط أن أغير البايس؟
لينظر لها جونغكوك باستغراب وخوف معًا من ردة فعلها، ليتقدم جين ويسألها:
-إذًا أيتها الفتاة، تقولين بأنك قادمة من المستقبل؟
لتومأ له ريفال مسرعة، ليردف إليها:
-إذًا، دعيني اسألك شيئًا، هل في المستقبل، سأظل وسيم بطبيعتي أم إنني فقط سأزداد وسامة؟ .
أنهى جملته وهو يشير لوجهه بابتسامة واثقة، لينظر له البقية بصدمة، وصمت ملأ المكان مجددًا، لتنفجر الأخرى ضاحكة على حديثه.
أنت تقرأ
عندما تتحقق الأمنيات.
Fantasyماذا لو تحققت أمنيتك؟ ويذهب بكَ الزمان إلى حيث ماتمنيت، ماذا لو أصبح خيالك حقيقة تعيش بها واقعيًا، إربط حزام الآمان، وخُذ نفسًا عميقًا، ودعنا نرى ماستفعله «ريفال» أو..«هي ريونغ» إسمها الكوري ! عندما تتحقق أمنيتها. -رنَـا محمود.