ℙ𝔸ℝ𝕋 3 :رجل مختل

67 9 4
                                    


" ليس كل باطن عفن....فأحيانا الجمال يكمن في باطنه"

.......................................................................................................................................

الساعة العاشرة صباحا ، صقلية ، إيطاليا ، 2024

تمشي بين شوارعها الضيقة، تتبعثر أنفاس التاريخ من كل زاوية، تعانقها رائحة البرتقال والليمون المنعشة. تتمايل المباني القديمة والكنائس الباروكية بفخر على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، يرتسم على واجهاتها البلاديومية بصمات الزمن والأحداث العظيمة التي مرت بها. في كل شارع، تجد نفسك أمام عجائب معمارية تحكي قصصًا عتيقة، هكذا هي صقلية ، بطبيعتها و معمارها و أناسها .....

مدينة مسالمة و نقية خلال النهار ، حيث الأطفال يلعبون في أحياءها الضيقة و الكبار من النساء و الرجال يصطفون لإبتياع الخبز ...البعض لا زال يعدل في ربطة عنقه و هو خارج من منزله مسرعا لأنه تأخر على عمله ، البعض الآخر يجلس في ركن من الأركان و صحبة بجواره يتبادلون أطراف الحديث و بعض الطرائف و النكات و الجميع يضحك و يبتسم...

كانت صقلية لتكون جميلة.....بالطبع ، دون سكان ذلك القصر الذي أقل ما يقال عنه فاخر ...كيف لا و دون إيطاليا يسكنه ،....حسنا ...ربما لا تعرفون من هؤلاء ، لهذا سندخل خفية من أحد النوافذ المفتوحة و نطل على ما يحدث بالداخل .....

.
.
.
.

داخل القصر ، تمتد أروقته الرخامية الضخمة على مسافات طويلة، مزينة بأعمدة فخمة ترتفع نحو السماء، وتتخللها تحف فنية تعكس رونقًا فنيًا استثنائيًا، مكتبة واضحة للأعين على طول الدرج وصولا للطوابق العلوية ، حيث نتحدث عن عالم آخر ...تماثيل ألهة يونانية و البعض إغريقية منحوتة بإمتياز و تصطف على طول الممر المؤدي للغرف ، الإضاءة خافتة ما يسمح للكريستالات القليلة على الجدران أن تلمع خفية ، الصباغة كانت بلون زيتي ، مع تداخل الأحمر و الأسود في بعض النقاط ، و لا ننسى طبعا آثار العلم و الفلسفة ، حيث في كل جدار تجد صورة لعالم أو فيلسوف خلد إسمه في العالم فأصبح أسطورة تذكر على كل لسان ، خارج القصر ، يحاط به حدائق خضراء خلابة، تتخللها نوافير تصطف بأناقة، المياه تتسرب منها بسلاسة و إنعكاس أشعة الشمس جعل من ذلك البريق الخافت يلمع تحت سماء إيطاليا ، الحراس ببذلاتهم السوداء القاتمة التي تنافس بياض السماء منتشرين على محيط شاسع في المنطقة ، الحماية مشددة و الآن قد إزدادت .....فالدون قد وصل لتوه .....

~

سيارة سوداء ، أو بالأحرى سيارات بنفس اللون قد أحاطت القصر و خرج منها الحرس المكلفون بحمايته مصطفين في خط واحد و أسلحتهم ملقمة ، مستعدين لأي تدخل أجنبي ، بينما هو خرج من إحدى السيارات بقميص أبيض مرفوع الأكمام و يحمل سترته في يده اليمنى بينما يمسك ملفا أحمرا في يده اليسرى ، مظهره كان موحشا و لا يمد للأناقة بصلة ، لكن يا جماعة ، الجمال الرباني لن تحدده بضعة ملابس !!!

جريمة مقدسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن