عند الظهيرة، بالقارة البشرية الشرقية، تحديدا بأحد أسواق عاصمة دولة التاج، بينما لا زالت أشعة الشمس عمودية على رؤوس المارة.
شاب ذو شعر أسود ملفت للنظر وعينين زرقاوين ثاقبتين، يرتدي عباءة سوداء بالكامل - معطف طويل، سترة، سروال، احذية وقفازات. جلس على درجة صغيرة عند مدخل أحد المنازل، حتى يجد الراحة في ظل ضيق.
حمل بيده غصنًا رفيعًا، يرسم أشكالا معقدة على الأرض. وفي بعض الأحيان، تلك الخطوط الترابية تتوهج باللون الأزرق بفعل طاقة غير مرئية للعين العادية.
وظل مستغرقًا في مهمته، يرسم، يمحو، ويعيد الرسم؛ إلى أن سأله بائع الفاكهة الذي بجانبه، بعد ما زاد قلقه من إطالة جلوسه جواره "هل تنتظر أحدًا؟".
وضع الشاب الغصن جانباً، ومسح الدائرة بحذائه، ثم نظر بهدوء إلى البائع. أجاب "ربما قد أكون في انتظار، ولكن من أو ما أنتظره لن يظهر هنا حسب ما أرى".
فغضب الفاكهاني، بعد ما فسر ذلك الرد على انه استهزاء. "هل تعبث معي؟" وأبدى الاستعداد إلى اللجوء للعنف. لكن نظرة واحدة هادئة من الشاب أخمدت غضبه، مثل سكب دلو ماء مثلج على شعلة.
قال الشاب "ما الغير سوى انعكاس لمشاعرك الخاصة". "عندما تقابل الغضب بالغضب يتوّلد عن ذلك غضب أكبر، لكن عندما تقابلها بالهدوء والتجاهل، تندثر كل تلك المشاعر السلبية في الهواء".
وسأل الفكهاني وهو لا يزال في حيرة "من أنت؟".
أجاب الشاب "أفترض أن عليّ تقديم نفسي". "اسمي موغي".
شعر الفكهاني بذنب كونه على وشك ضرب موغي دون سبب، وكان على وشك الاعتذار عندما استبقه هذا الأخير. "انا اسف لو ضايقتك بلا قصد، لكنها واحدة من عاداتي السيئة".
شعر الفكهاني بارتياح غريب وانسحب من الحديث. لاحظ موغي صندوقًا يحتوي على فاكهة وردية مميزة معروضة، فسأله "ما هذه؟".
"دراق فريد من نوعه، لا ينمو الا في تراب بلدنا". "هل ترغب في تجربة واحدة؟" عرض الفكهاني.
ابتسم موغي قليلا. "أود أن أشبع حواسي بملمسها الوردي المخملي، لكني سأمتنع عن ذلك".
"يبدو أنك مثقف للغاية. هل أنت أستاذ؟"، سأل الفكهاني شبه المتعلم.
أجاب موغي مبتسما "بشكل أكثر دقة، أنا مفلس".
ضحك الفاكهاني من قلبه، وهو صوت نادراً ما يصدر منه. "تقولها بفخر؟". "أنت شخص غريب بالفعل".
أجاب موغي "قد لا يكون هذا أمرًا سيئًا بالضرورة".
سأل بائع الفاكهة، وابتسامته لا تزال باقية "كيف ذلك، وليس لك مال أو زاد".
"لقد ابتكر البشر المال كبديل للمقايضة، أي كوسيلة للحصول على السلع أو الخدمات". "ولكن طالما أنني أستطيع تلبية احتياجاتي الأساسية، فإن المال يمثل مجرد وزن إضافي بترحالي".
أنت تقرأ
Beyond the Blank Page
Adventureفي عالم تتشكل فيه الهوية من خلال الذكريات والتجارب، يجد الفرد نفسه غارقًا في بحر من عدم اليقين. يُعرف هذا الشخص الغامض باسم كايوس فقط، ويستيقظ بذاكرة حية واحدة وسط مساحة شاسعة من المرج الأخضر. مع عدم تذكر ماضيهم، يبدأ كيوس (Caius) في رحلة لاكتشاف ال...
