٣.غولوڤينسكي.

75 11 227
                                    

٭
.
.

عجبًا، من كان يظنُّ أنَّ الأمور ستؤدي في نِهايةِ المطاف إلى هُنا؟

بالتّأكيد ليس أنا.

كان يومًا عاديًّا كأيِّ يوم، حسنًا، باستثناء عودة خالي مِن..مكانٍ ما؟

وقفتُ مع باقي النّاس أنتظرُ نزوله من الطّائرة، بيدي هاتفي أنظر للسّاعة كلَّ خمس دَقائق، حرفيًّا.

«هل تبحثين عن أحدٍ معيّن؟ شابٍّ وسيمٍ ربّما؟».

و بينما كنتُ أراقب هاتفي للمرّة العشرين، ظهر ورائي واضعًا كفّه على كتفي، بصوتٍ اشتقتُ لهُ بشكلٍ ما.

«بل عجوزٌ خرفٌ على وشَك الموت، هل رأيته؟ ستعرفه فورًا من شدّة تهالكه».

«لَئيمةٌ كَما تَركتكِ، أستطيعُ الإطمئنانَ و أنا مُغمضُ العَينين».

ظَهرَت تَجاعيدٌ حولَ عَينيهَ أثرَ إبتسامِه، لِما الكَذِب، إنّهُ عَجوزٌ وَسيم.

إقتربتُ أحتضنهُ بخفّة ليُبادلني، رائحتهُ تُذكّرُني بأمّي، لكنّي لسَببٍ ما لا أنفرُ مِنها.

«كيفَ الأوضاعُ عندَكِ؟».

«لا تَسأل».

إكتفيتُ بهذا مُسرعةً لمِقعدِ السّائقِ قَبله، فهوَ عَجوزٌ يحِبُّ السّرعةَ و المَخاطِر.

كانَتِ المَسافةُ بينَ المَطارِ و القَصرِ تُحتسبُ بحوالَي ساعَتان، ممّا يَعني ساعتَينِ من السّكوتِ المُريب، لأنّني و بكلِّ تأكيدٍ لن أفتحَ معهُ هذا المَوضوع.

«إذًا، كيفَ حالُها؟».

بالتّأكيدِ لستُ أنا مَن سَيُفاتِحه، صَحيح؟
أعطيتهُ نَظرةً تُنهي الحَديث، لكنّهُ خَرف لذلكَ لم يَفهمها.

«أعلمُ أنّكِ لا تُحبّينَ التّكلّمَ عَنها و لكِـ..».

« لا أريدُ التّكلّم!».

و بالفِعلِ كعادةِ كلِّ مرّة، لم يُعانِد و بقِينا صامتينَ طوالَ الطّريق، إلّا منَ الأغاني التي كانَ يَضعُها، و لا حاجةَ للقول، ذَوقهُ بالأغاني مثلُه: قَديم.

عِندما وَصَلنا، كنتُ مُرهقة، علِمتُ ما كانَ سيَحصلُ تاليًا و هذا ما جَعلني أكثرَ إرهاقًا.

كانَ القصرُ مَليئًا بالصّمتِ عندَما دَخلنا، وُجودُ خالي هُنا كانَ مثلَ رميِ حجرٍ في بِركةٍ ساكِنةٍ.
«بولينا».

و قد ظَنّ ككُلِّ مرّةٍ يَزورُنا أنّها ستَنتَظرهُ و تَستقبِلهُ بالرّغمِ مِن مَرضِها، رأيتُ والدي يَنزلُ من أعلى الدّرَج، خطواتُهُ كانَت صامتةً و ثقيلة.

موروز || Morozحيث تعيش القصص. اكتشف الآن