الفصل الثالث والعشرون

25.5K 1K 177
                                    

#سجينة_جبل_العامري
#الفصل_الثالث_والعشرون
#ندا_حسن

"ثار بركان الغضب داخل أعماق قلبي أثناء معركة ضارية والطبول المُطالبة بالنجدة تُقرع دون توقف في محاولة منها لإنقاذ ذلك الفُتات الذي تبقى منه، ولكن مع كل مرة تُقرع بها ينطبق القفص الصدري على فُتات قلبي المُتبقي ليسحقهُ أكثر وأكثر مُصرًا على أن يقوم بتدميرهُ، فلم يكن هناك فرصه للهروب من تلك الحمم البركانية فوقع قلبي قتيلًا أثر هذه المعركة الخاسرة، ليأتي قائدها ينعم بجمع الغنائم من بينهم قلبي الذي أراد أن يعيد له حياته، وبقيٰ السؤال هل يستطيع!؟ "

لحظات والصمت يجتاح جسده، نظرات عينيه، أنفاسه، الصمت والصدمة تتخلله سويًا يعبثون به إلى المنتهى، فبقيت هي تطالعه بضياع وعقلها مُشتت مُغترب عن أرض الواقع، تجرأت ورفعت أنامل يدها إلى ذراعه بضعف تنظر إليه بتمعن..

شعر بلمساتها على ذراعه فاستدار ينظر إليها بذهول وعيناه مثبتة على عيناها مباشرة فلم تستطع الصمود أمام نظرته وتفوهت قائلة:

-في ايه يا جبل؟ مين مات!

حركت عقله مرة أخرى عندما ذكرت الموت فاستفاق عليها بقوة، أدمعت عيناه أمامها والصدمة تحتل كيانه، وكأن الرعشة سارت في أنحاء بدنه كطفل صغير فقد لعبته المحبة إلى قلبه، أو كطفل ضل الطريق ليصل إلى والده..

حركت عيناها عليه بقلق ورفعت أصابعها إلى وجنته تزيل تلك الدمعة التي هبطت من عين واحدة وكأنها هاربة من سجن أبدي، تحدثت بخفوت:

-جبل.. مالك؟

دومًا نرى الرجال رجالًا قولًا وفعلًا هم رجالًا، عندما يتصرف بعقلانية في أصعب الأوقات، عندما لا يترك دمعات عينيه تفر هاربة في المِحن، عندما يقف شامخًا في مهب الرياح، دومًا نردد "اللهم إني أعوذ بك من قهر الرجال" أتدري أي قهر مر على رجل قضى عمره شامخًا كالجبال!..

كانت نظرات عينيه مؤلمة للغاية، مقهورة إلى أبعد حد، يحمل داخل قلبه أسرارًا وأسرار، يحمل أشياء تشكل عبئًا ثقيلًا على صدره وكأنه حاكم دولة ليست جزيرة يحمل أرواح الآلاف على أكتافه..

يشعر بقلبه يعتصر من شدة الألم، الذي يصبح أضعاف كلما استوعب ما حدث..

دق جرس الإنذار في عقله يدوي عاليًا يحذر من احتراق الأخضر واليابس أن اهتز الجبل الشامخ، وقد كان.. فلا جبال ستصمد وتبقى راسخة صامتة ولا بشر سيتحمل انهيارها..

نهض من الفراش بحركات هوجاء يلتقط ملابسه وهو يعرف وجهته إلى أين ستأخذه ضاغطًا على قلبه أكثر وأكثر مغلقًا على آلامه وتلك الصدمات موصدًا أبواب الحزن إلى أن يأتي بثأره..

يرتدي الثياب على عجله من أمره فوقفت "زينة" سريعًا وهي تبادله ما يفعل تستر جسدها تهتف بذعر وخوف:

سجينة جبل العامري "ندا حسن"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن