قضيت تلك الفترة في حالة من الكمون ، وهي حالة تشبه النوم والتأمل معا ، فأنت خلالها تكون نائما لكنك لا تزال متصلا بالعالم الخارجي.
بعد إنتهاء الوقت ، الذي قضيته في الكمون وإستعادة بعضا من الطاقة التي فقدتها ، أحسست أن هناك شيئاً ينغص على صدري. وبعض إنطلاق الرحلة تفاجأت أنني لم أصب بالغثيان رغم أنها أول مرة أصعد فيها على متن سفينة بحرية.
دامت الرحلة إلى البرازيل تلاتة أيام بالضبط في البحر ، كان الجو على العموم باردا والسماء معتذلة والمياه هادئة مع بعض التقلبات بين حالة مد تارة وحالة جزر تارة أخرى ، وأخيرا حططت الرحال بالبرازيل، وإكتشفت أنها أضخم مما كنت أتصور.
يا لها من مدينة!! أول ما وضعت رجلي على أرضها حتى أحسست بهالة سوداء مرعبة تتدفق منها. ورائحة الإجرام والمجرمين تفوح منها بقوة. فأدركت حينها أنني لو دخلت هذه المدينة حتما سيتغلغل السواد والخبت في روحي.لكن ، لا بأس ،قررت المضي قدما ، ومواصلة المسير والتجول ، تجولت كالغريب بين أول شارعين ، كانا غاية في الروعة والجمال ، لكن الأمر المزعج أنه في كل زاوية أجد شخصا أو إثنين إما يتعاركان أو أحدهما يحاول الإستحواذ على أموال الآخر ، وإما يتعاطون المخدرات. واصلت السير حتى وصلت إلى حديقة عمومية ممتلئة عن آخرها بالأطفال الصغار وضحكاتهم تملأ الجو صخبا، الأمر الذي كان له تأثير علي لبعض الوقت ، لكن ، سرعان ما تبادر إلى ذهني صورة مافعله بي داك الوغد، فتعكر مزاجي وإستشطت غضبا ، ولكمت الجدار المقابل لي في لحظة من اللاوعي، فإذا بجريدة تسقط على رأسي من حيت لا أدري تحت عنوان The criminal papers .
_ لا أصدق!! إنها تتحدت عن سان بيدرو. إنه داخل سجن الولاية بسان باولو الفدرالي بتهمة الإغتصاب والقتل العمد .
شعرت برجلاي قد تخشبتا في وقفتي وأحسست باليأس من وجود حل يحل محل الحل الحالي لحالتي الحالية يتدفق في شراييني.
_ لكن مع من ؟؟ هذا أنا وأقسم لك أنه سيحل عليك إنتقامي عاجلا أم آجلا.
فتبادر إلى دهني حلين لا ثالث لهما، إما أن أدخل السجن نفسه مع سان بيدرو وأنهي أمره إلى الأبد ومن ثم أخرج من السجن، وهو أصعب الحلين، وإما أن أتكفل بإخراجه من السجن بتبرئته من التهمة المنسوبة إليه، وبعدها أتقرب إليه وأصبح صديقه من أجل سلبه ما أخده مني والقضاء عليه بعدها نهائيا .
_ لكن ، كيف لي بإخراجه من السجن؟
لم ألبث أفكر كتيرا حتى قاطع تفكيري صوت قهقهة الصغار وهم يلعبون والبسمة مرتسمة على وجوههم ، قررت أن اقترب منهم شيئاً فشيئا وأن ألاعبهم ربما أستطيع ملامسة شعور داخلي يعيدني إلى ذكريات الطفولة القديمة وبينما أنا أفكر إصطدمت بي كرة أحد الصغار ، فإنتهزت الفرصة ومررت له الكرة في محاولة مني لمشاركته إنغماسه المريح في اللعب ناسيا بذلك هموم الحياة وقسوتها وقصتي الحزينة المكتوبة بحروف من الدم ، والتي كنت الفريسة فيها بينما كان كارل هو المفترس ، لكن وبينما أنا أمرر له الكرة سمعت صوتا رقيق يقول للفتى الصغير:
_ جواو!! لا تزعج الآخرين.
_ آسف يا أمي.
وجهت نضري نحو مصدر الصوت فإذا بي أتفاجأ بفتاة بهية المنضر، فاتنة الملامح، توبها أزرق كلون السماء ، فتاة ذات ملامح شديدة العروبة ، شعرها من شدة سواده إقتبس لونه من ظلام الليل الحالك، عيناها الواسعتان وكأن المها أخذت منها جمال العيون روحها المرحة وكأن الفرحة أُخذت من إبتسامتها .
قضيت فترة طويلة وأنا أتأمل تلك الفتاة التي لم أرى لجمالها مثيلا من قبل ، أزحت عيني للحظة عن ذاك القمر ، وعندما عاودت الإلتفات إليها لم أجدها في مكانها ، بل وجدتها تقترب صوبي وكأنها تريد فتح باب الحديث على مصراعيه معي. إقتربت مني ، جلست إلى جنبي تحت ظل شجرة يبدو أنها شهدت على تحول الزمان وتغير المكان ، واليوم ستشهد على ما سيدور بيننا من حديث. باغثتني بسؤال غريب:
_ هل كنت تلاحقني بعينيك منذ وصولك الى الحديقة ؟
_ امم!! أعذريني على هذا ، ولكن عيني لم ترى مخلوقا في متل جمال وحسن صورتك هذه.
_ لا تبالغ في مدحي وإلا سأذهب معك لمنزلك اليوم كعروسك
_ لا يمكنك ذلك
_ كيف ذلك ؟من تكون ؟وماذا تفعل هنا ؟
_ أنا لست من البرازيل ، أنا من المغرب وهاجرت إلى هنا على متن سفينة بالبحر، بحتا عن وغد يدعى كارل سان بيدرو .
ردت علي بلهجة تعجب :
_ سان بيدرو!! وما سبب سعيك ورائه ؟ وما قصتك معه ؟
فرويت لها القصة بأكملها منذ إختطافي ، مرورا بعملية زرع القلب الصناعي ، وصولا إلى إنصدامي بخبر سجنه بتهمة الإغتصاب والقتل العمد .
( الآن أنتم تسخرون من تهوري بإخبارها بقصتي ومخططاتي لكن ما باليد حيلة فسحر جمالها أفقدني السيطرة على جميع تحركاتي وأفعالي )
_ رويدك، رويدك أيها الفتى، يمكنني مساعدتك في مخطتك.
_ كيف ذلك؟ ومن أنت ؟ وكيف ستساعدينني ؟ وما سبب ذلك؟
_ أنا يا عزيزي، أدعى كلارا ، وأنا محامية من ولاية سان باولو ، كما أنني من طرف ضحية جريمة غريمك ذاك ، وسبب إعتقاله و دخوله السجن ، بمعنى آخر ، أنا هي من تحتاج في محاولة إنتقامك منه .
_ وكيف ستخرجينه من السجن ؟
_ سأقنع عائلة موكلتي بالعدول عن قرار سجن سان بيدرو وإفراج سبيله بدعوى أن السجن لن يعاقبه كما يجب .
_ حقا يمكنك فعل ذلك ؟؟
_ نعم بالتأكيد، وهل تشك في ما أقوله؟
_لا مطلقا ، وكيف يمكنني أن أشك في حسناء جميلة مثلك؟
_ شكرا لك
_ لم أقل سوى الحقيقة ، ولكن هل ستساعدينني بلا مقابل ؟ ما هو شرط مساعدتك لي ؟
_ لا شيء، أنا فقط أريد هذا الوحش أن يعاني ، فالسجن كما سبق وقلت لن يعاقبه كما يستحق ، أما أنت فدافعك قوي ويضمن لي أنك ستعاقبه كما يجب ، هذا كل شيء .
_ أشكرك كثيرا وأعدك أن أرد لك هذا الجميل يوما .
« كل من كلارا وأحمد يخوضان هذه المغامرة من أجل أسباب متقاربة نوعا ما، لكنهما يخفيان أسرارا عن بعضهما البعض فكلارا تخفي أنها أخت كارل سان بيدرو العدو الأكبر لأحمد الغير الشقيقة وتنوي الإنتقام منه لأنه عاش في الثراء كل عمره بينما هي عاشت في العراء ، أما أحمد فهو يخفي شكه في أنها مخلصة له ولا تكذب أو تخفي شيئا عنه»
أنت تقرأ
قلب في البرازيل
Actionأحمد ، ما الذي جرى ؟؟ هل هذه هي النهاية ؟؟ تتمحور القصة ببساطة حول شاب عشريني ، وقع ضحية لمؤامرة من مؤامرات المافيا البرازيلية ، سيحاول الانتقام واسترداد ممتلكاته ، ام أنه سترميه الحياة من جديد في براتن بطشهم ؟؟