.

31 7 0
                                    

|١٩ مايو ٢٠٢٤

بحديثي أن يوم ذكرى ميلادي كان سيئاً..هذا اليوم كان أسوء..
لقد وقف امامي في الممر حال خروجي من الصف..الجميع يحدق بنا وهو يحدق بي..
أشعر بالثقل والإحباط..ماذا؟
رأيته يرفع يديه امامي يحدثني، بلغة الإشارة إنه مُدرك لها!
لقد فُجأت ودمعت عيني وما قاله لي جعلني اسكن في مكاني بإنكسار..
ما قاله..

"أنا اريد اخبارك بشيء
أود الإعتذار عما بدر مني قبلاً، لم اقصد إزعاجك أبداً..
كما أني لم أعلم في البداية انك غير قادرة على التحدث..
علمت مؤخراً حينما رأيتك تتحدثين بلغة الإشارة..
أنتي لم تسرقي محفظتها، انا اعلم هذا،
آسف على التطفل في أي وقت..لقد كُنت نوعاً ما وقحاً معك..
أيضاً إنك شخص لطيف وطيب القلب، واختك كذلك..
اتمنى حقاً الا تنظري لي بطريقة سيئة أود أن نصير أصدقاء"

بماذا ارد الآن؟ لا شيء مما قاله صحيح عدا أني لم أسرق..
إنه يعلم لغة الإشارة!..لقد علم ما كنت أقوله ذاك اليوم..
عرف ما قلته، وأنّي شتمت أكثر من مرة..
لكن يعتذر ويشكر..
لما كل هذا؟
وقح؟
ايسخر مني؟
ايحاول قلب الأدوار؟ وهو يعلم جيداً اني أنا من كُنت وقحة معه!
لست شخص لطيف ولست طيبة القلب..
أختي؟ إنه يهتم لأمرها حقاً..
ياله من غبي!..الا يدرك أنّي أُعجبت به للوهلة الأولى..

الأمر يزداد سوءاً، الجميع يحدق بنا، وهو يحدثني بهذه الطريقة الجميع ينظر ويسخر ويضحك إنه فحسب يسبب لي الإحراج..بل انا أُسبب الإحراج لنفسي، بكوني لست شخص طبيعي كالباقين.
إنه لا يدرك بعد أن لطفه قاسٍ علي، لا يدرك أنّي اعتبر طيبة القلب شفقة والإهتمام سُخرية..
اريد إنهاء كل هذا..اريد محو كل شيء..
اريد محوه من ذاكرتي..
لما احدث نفسي بهذا؟ عليه أن يعرف، يجب أن أخبره أنّي لا أريده في حياتي..

"قد أبدوا لك ضعيفة ومثيرة للشفقة، لكنّي لست جبانة..
لا اريد شُكرك ولا اريد أن تعتذر لي، لم اكُن أُريد معرفتك منذ البداية لقد تدخلت و اقتحمت حياتي..
لا اريد أن نكون أصدقاء ولا أريد لأحد أن يكون في حياتي..
الا ترى أعينهم؟ الا ترى الطريقة التي ينظرون بها إلي..
اتظن أنه من الصحيح أن فتاة خرساء تلازم شخصاً سليماً ومثالياً بينما يتواصل معها بلغة الإشارة؟
إلا تظن أن هذا كبير في مكان كهذا؟ لست بمقدوري تحمل تصرفات أحد في حياتي..
لا تطلب منّي أن نكون أصدقاء..لقد احببتك في السابق لكنّي تهورت..
ولقد تدمرت بسبب هذا ولم احكي ذلك حتى في نفسي..دعنا لا نلتقي مجدداً ودعني لا ارى وجهك..
تذكر أنّي خرساء"

توقفت عن تفريغ مشاعري مع سقوط دموعي، لا اريد معرفة ماهي ردة فعله ولا اريد معرفة جوابه..
مشيت متخطية إياه ناحية مخرج المدرسة لكني وجدتُ نفسي ابتطح الأرض بينما شعرت بالألم في ركبتي..
وقعت و لقد  كانت تلك المجموعة التي تقف أمام الخزانات السبب..
رأيتهم يضحكون وهم ينظرون إلي بأعينهم القاتلة..
وقفت ولا زلت اجتهد لـألا انفجر في هذا المكان..

رحلت وابتعدتُ عن تلك المدرسة..
لقد أقحم نفسه في مشكلة، سيعاني من الإشاعات والظنون بسببي..
'جونهوي صديق الفتاة الخرساء'
أستطيع تخيل إنتشار هذا مثل البرق..
لا اريد له أن يعتاد على الشائعات كما فعلت انا، إنه لمؤلم..أن يأتي إلي عني ما لا اعرفه عن نفسي..
سيء أن أُتهم بالكثير بينما أتقبلها بلا إكتراث..
مالذي سأفعله بعد هذا؟ أظنني تعبت!

اريد أن ارتاح! اريد أن انام طويلاً ولا أستيقظ مجدداً..
تعبت من كل شيء..اكرهني كثيراً..
لا أكاد أرى الطريق بسبب الدموع التي لا تتوقف عن النزيف من عيني..
لا أستطيع إيقاف تلك المشاعر التي خرجت دفعة واحدة..
مالذي يمكنني فعله؟
كيف لي ان اشرحها؟
إنها فحسب تؤلم..
لقد حاولت كتمانها لكن بكائي يعلو وشهقاتي تخرج دون مقدرتي على السيطرة عليها..

لقد قادتني قدماي إلى ذاك الزقاق البارد والذي يشعرني بالدفئ كلما قدمت إليه..
جلست على الأرض الإسفلتية ولم أبرح مكاني حتى يتقدم إلي بعينيه الرمادية كفرائه..
مسحت دموعي وأخذت أضمه بذراعي..
هو من كان يضمني حقيقة، لقد شعرت به يحتضن ألمي و يربت علي، لقد كان دافئاً لحد شعرت فيها بالرغبة بالبكاء أكثر..
تمنيت لو أستطعت الحديث حينها كان سيستمع لي..

أنّي كُنت اتألم منذ أن عرفت ما تسمى الحياة، لم يكن لي وجود لم يتقبلني اهلي لأني خرساء..
لم اكن كما كل البشر..
لم استطع الحديث معهم أو سماع ندائهم لي عندما يحتاجون للمساعدة..
كان كل إعتمادهم على أُختي وحبهم مقدم فقط لها..لقد كنت الاسوء دائماً حتى في المدرسة، المدرسة التي كرهتها بشدة..
تلك التي زادتني ألم فوق ألمي..إني أكرههم جميعاً..اتمنى أن يختفي الجميع وابقى انا وانت كوروم..

مرت دقائق وجدتُني فيها قد توقفت عن البكاء تماماً بينما ابتسم وانا امسح على فرائه الناعم، لقد كان مستمعاً بهذا!
ماذا إن كان يراني؟ هل سأكون جميلة في نظره؟
لا زلت لا أعلم كيف له أن يثق بي ويتعلق بي بهذه الطريقة بينما لم يرى وجهي للحظة،
احبه كثيراً، كونه لا يشبه أحد..
كونه تقبلني رغم أنه لم يرني ولم يسمع صوتي يوماً..
أحياناً أشعر بأن العالم كله لا يهمني عندما أكون معه، اتمنى لو استطيع العيش معه بعيداً، بمفردنا..شعور أن احب حيواناً وأن اعطيه كامل حياتي جميل للغاية، إنه أفضل بكثير من البشر..أنه الوحيد في حياتي..

MUTE DIARY||مُذكِرات صامتةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن