الفصل السادس عشر

1.7K 188 16
                                    

الفصل السادس عشر

وحررت رقة أحدى عينيها من خلف العمود لتسرق النظرات اليه، ووجدته يتحدث مع الآخرين بثباتٍ وهيبةً كعادته .. لم يبدو عليه أي تأثر بهجرها أو شيء من الحزن!، يتحدث مع الآخرين ويبتسم بمجاملة لأحدى النسوة ممن يجلسن بنفس الطاولة ولغة جسده تقول أنه معتاد أن يأمر فيطاع!، حتى أشتد غليان قلبها وقالت بشراسة لصديقتها بيلا :
_ أنا لو دخلت دلوقتي هطربقها على دماغه.

واضافت رقة بألم وهي تنظر له بخفاء وتره مبتسما بهدوء لمن حوله ويتحدث ويعقد الصفقات ويقم بمهامه وكأن لم يطرأ بحياته كارثة أختفائها، أو هكذا ظنت!، أن أختفائها يعد له كارثةً وستتوقف حياته حتى عودتها إليه :
_ ولا فارقة معاه!!، كل يوم بتأكد أني كنت صح في قراري .. الكداب !!.

توترت بيلا وقلقت أن يحدث ذلك بالفعل، نظرًا للغضب الواضح على وجه رقة التي تحولت للنقيض بلحظةً منذ رؤيته !... فسحبتها من ذراعها للخارج وقالت:
_ يلا بينا نمشي أحسن.

ولدهشة بيلا أن رقة نفضت ذراعها بقوةً وهي تنظر لأشهد بشرر ناري بعينيها ثم قالت برفض :
_ لأ مش همشي.

تسمرت بيلا للحظات ثم قالت برجاء وصوت خافت :
_ مش عايزين مشاكل يا رقة؟! .. أنتي بنفسك قولتي لو دخلتي هطربقيها على دماغه !!.

تنفست رقة بعمق وملأت رئتيها بالهواء قبل أن ترد وهي تشير لمقاعد الحديقة الخارجية للمطعم :
_ لو قعدنا هنا مش هيشوفنا .. احنا بس اللي هنشوفه.

استدارت بيلا ونظرت للطاولات الخارجية بالهواء الطلق وقالت باعتراض وحدة :
_ بس وارد يشوفك، أنتي عايزاه يشوفك ولا لأ ؟! .. مابقتش فهماكي!.

وتابعت بيلا بعدما تمالكت أعصابها قليلًا:
_يا رقة أنا ماحبتش أعرف اللي حصل ما بينكم بالضبط ولا حبيت اضغط عليكي عشان عارفة أن دي خصوصيات، بس اللي فهمته أن في مشكلة كبيرة ما بينكم وصلتك أنك تطلبي الطلاق .. وغالبًا في طرف تالت، فبصراحة شايفة أنك تتكلمي معاه وتسمعيه وبعدين أنتي حرة في قرارك..!

ظلت رقة تنظر له بغليان وغضب، ثم استدارت لتغادر من المكان دون إجابة، فركضت بيلا خلفها وأوقفتها بالطريق قائلة بإعتذار :
_ مكنتش اقصد أضايقك والله، ومقدرة أحساسك وزعلك منه، بس أنتي ليه رافضة تواجهيه؟!

أشارت رقة بنظرة بها دموع سجينة الكبرياء وترفض السقوط .. وقالت:
_ أنتي وشهد وحتى أم بسنت مصممين أني أواجهه .. أواجه ده !، اللي عايش حياته عادي ولو كان فعلًا صادق كان زمانه قالب عليا الدنيا لحد دلوقتي، أنا فعلًا صدقت اللي كشفتلي حقيقته وقالت أن أي واحدة عرفها أو هيعرفها بعد خطيبته اللي سابته هي مجرد محاولة عشان ينساها!.

واكملت رقة بسيماء وجه مزجت بين الغضب والألم :
_ لما جيتلك عشان تساعديني كنت عارفة أني ضعيفة ولسه ضعيفة، يمكن لسه جوايا مشاعر ليه وخايفة أواجهه وأصدق كدبه .. عشان كده رافضة أواجهه دلوقتي، أنا عايزة أنساه يا بيلا، عايزة افضل شيفاه من بعيد وهو كده عشان أبدأ اكرهه بجد، وعايزة أنجح في حياتي .. عشان يوم ما أقف قدامه ما اتهزمش من ضعفي وقلة حيلتي، بس للأسف محدش فاهمني وحاسس بالنار اللي جوايا.

كسرة و ضمة و سكون ... للكاتبة رحاب إبراهيم حسنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن