« الفصل الأول »

902 45 26
                                    

أُذكروا الله♡
ولا تنسوا غزَّة بين دُعائِكم"))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طِفلة تحمِلُ من البراءة والجمال، تركُضُ هُنا وهُناك داخِل تلك الحديقة الشاسِعة والَّتي زيَّنتها أزهارٌ من جميعِ مُختلِفِ الألوان والأنواع والمُتواجدة في منزلهم بِفُستانٍ زهري اللون يُشبهها في لطافتِها بسعادةٍ جالية وبراءة لم تُدنس بعد من قِبل أعباء الحياة، ومن دونِ أن تنتبه لتلك الحجارة الَّتي أمامها، تعثَّرت بِها فوقعت على رُكبتيها بقوَّة جعلتها تُجرح وتسيلُ دماءً قليلة منها، فانهمرت الدموعَ من عينيها الَّتي كانت تُخفضها بألم، وقد رفعتهُم بعد أن شعرت بكفٍ صغيرة حانية تُربِّت على كتفيها، فابتسمت وسط دموعها وتوقفت عن البكاء عندما وجدت أمامها إبن عمِّها وصديقها الوحيد ينظُر لها بدفئٍ ويُواسيِها بعينيه دون حديث، وقد إمتدَّت كفهِ نحو عينيها يمسحُ دموعها، ثُم نهض من أمامِها واتجه نحو حوضٍ مُمتلئ بالزُّهور، وقطف منهُم واحدة، واقترب منها مرَّة أُخرى وجلس جوارها يمُد يدهُ المُمسِكة بالزهرة نحوها قائلًا ببراءة..:

_معلش ماتعيطيش والوجع إن شاءالله شوية صُغيرين وهيخف..وسمعت ماما بتقول إن الورد بيداوي الألم فجبتلك وردة جميلة شبهك.

وتمُر خمسُ سنوات بسُرعة الرياح على هذا المشهد اللطيف.. وفي نفس المكان، هرولت الفتاة بأقصى سُرعتها وكأنَّها صاروخ، ودمُوعِها تتساقطُ بجنُونٍ على وجنتيها، حتى توقَّفت على عتبةِ باب المنزل الشاسِع تنظر لذلك الَّذي يسيرُ برفقةِ رجلٌ يحمِلُ حقيبتين مُمتلِئتان ويُجاورهُ إمرأة تقبض بين كفيِّها بكفي ولدين، وجميعهم مُتجِّهينَ نحوَ سيَّارةٍ تبدوا وكأنَّها تنتظِرهُم، وقد تابعتهُ بعيناها الَّتي لا تستطيعُ أن ترى من خِلالها بسبب الدموع القاسية الَّتي تحجِبُ عنها رُؤيتهِ للمرة الأخيرة، ومن بينِ كُل هذا همست بحُرقةٍ كبيرة..:

_متسيبنيش وتمشي.

وأتبعَ قولها بسيلانٍ من الدماء الغزير يتدفَّق من أنفِها، ووقوُعِها على الأرضية فاقدة للوعي!

❈-❈-❈

أدخلت رأسِها الَّتي كانت تُخرجها من النافِذة كي تتأملُ الخُضرة الرائِعة الَّتي تُحيطُ بالمنزل، وافتغر ثُغرها عن إبتسامةِ حنين عندما تذكَّرت الماضي الجميل والمُؤلِم، والحبيب الَّذي ذهب ولم يعُد للآن، وقد نهشها نار الإنتظارُ الطويل، ولكنَّها لم ولن تمِل حتَّى تموت، فمن سِمات الحُب الحقيقي الصبر والإنتظار، وها هي تسيرُ على النهجِ الصحيح دونَ أي أخطاء.

_شرود الصُبحية دا أنا عارفاه كويس.

إلتفتت "ذِكرىٰ" خلفها تنظُر نحو باب غُرفتِها الَّذي ولجت منهُ صاحبة الجُملة، فتبسَّمت بسُخرية تسألُها بحاجبين معقودين من الإستغراب..:

"ليْتها تعلم"Where stories live. Discover now