« الفصل الثالث »

374 31 15
                                    

قبل القِراءة أُذكروا الله..
ولا تنسوا غزَّة بين دُعائِكم"))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عندما يأتينا خبرًا كُنَّا مُتوَّقين لسماعهِ بعد إنتظارٍ لسنواتٍ كثيرة حسبنا فيهم الأشهر والأسابيع والأيام والساعات والدقائق والثواني أيضًا، أقل شيئٍ مُتوقَّع هو الصراخ بأعلى قوة فرط من السعادة، ولا يهم إستماع الناس وإستغرابهم وفكرهم الَّذي يتهادى على أننا قد جننا .. تبا لهم، كل ما يهم هو أننا أخيرًا عادت إلينا أرواحنا بعد هجرانها، وهذا أقلُّ شيئٍ من المُفترضِ أن تفعلهُ "ذِكرىٰ"..

ولكن حقًا ما يُثِير التعجُّب والصدمة، هو إزدياد جمودها بعد ما ألقى والدها القنبلة الَّتي كانت بمثابة نجاةً لها لا دمار، لم تُصدِر أي كلمة أو أي إماءة، بل ظلت على حالها كالحجر منذُ إنضمامها لهم تتناول طعامها بآلية وكأنَّ والدها لم يقُل شيئًا من الأساس، فقط إبتلعت الطعام، ونهضت من مقعدِها قائلة بنبرة بارِدة..:

_الحمدلله شبعت.. أنا داخلة أوضتي عشان هنام.

وتحرَّكت على الفور نحو غرفتها دون أن تضيف شيئًا آخر أو تسمعُ منهم ردًا، وما إن خطت قدميها داخل غرفتها أغلق الباب واتجهت بخطواتٍ جامدة نحو الفراش وجلست فوقه تضم قدميها وتلُف ذراعيها حولهما وعيناها تمركزت على النافذة التي تبعد عنها بعدة مترات، فقط ظلت على هذه الحالة الجامدة قبالة الدقيقتين، وقبل أن تدخُل في الثالثة، إنهمرت الدموع من مقلتيها التي استحال لونهما للأحمر على الفور، وأطلقت العنان لشهقاتها الَّتي جاهدت في جعلها خفيضة كي لا يسمعها والديها وينهالون عليها بالأسئلة، وظلت تبكي هكذا لوقتٍ طويل غير مُصدقة أن ما تمنت طوال عمرها أن يتحقق قد حدث بعد إنتظارٍ أحرق داخلها وأنهكها تماما، حتى أصبحت رُوحها خراب لن يصلحه سواهُ كما تعتقِد!

❈-❈-❈

خرجت من غُرفتها وهي تحملُ بين يديها سُلحفاء، وبين الثانية والأُخرى ترفعُها نحو ثُغرها وتُقبلها فوق قوقعتها بعشق شديد، لتُقابل في طريقها شقيقها الَّذي ولج للتو داخل شقتهم، وما إن رأت وجهه انتفضت كالملسوعة تُلقي السُّلحفاء من بين يديها والَّتي فور ما إن وقعت على الأرضية أدخلت رأسها داخل قوقعتها تحمي نفسها من الخطر، بينما اقتربت الأخرى من شقيقها بسرعة تسأله قائلة وهي تتلمس وجهه المُصاب ببعض الخدوش بأصابعها..:

_مالك يا'نُوح"!.. مين اللي شلفط وشك كده؟

جعد "نُوح" ملامحه بألم عندما ضغطت شقيقتهُ الغبية على جرح رأسه بأصابعها، فرفع كفه مُمسِكًا بكفِّها وأبعدهُم عن وجهه وهو يقولُ بغيظٍ شديد..:

_يخربيتك صوابع دي ولا إمواس.

_إنت غتت والله وانا غلطانة إني قلقت عليك وتستاهل بجد اللي جغالك.. وإن شاء الله بابا أول
ماهيشوفك هينفخك عشان أكيد باين عليك إنك كُنت في خناقة.

"ليْتها تعلم"Where stories live. Discover now