ذهبت جمانة وسيل من الافكار والعبارات تدور في رأس احمد تارة يتخيل ابتهال وهي تقول له : لم اعد احبك ، لنترك بعضنا ، وتارة يفكر في وجه جمانة وجسدها والدفء الذي شعر به عندما لامس يدها ، وجد ان كل شيء حوله يدور ويدور حتى عندما وقف سقط لكنه وقف بسرعة ، ولحسن حظه لم ينتبه احد على ذلك...
كانت هذه هي السنة الثالثة لهم في كلية الصيدلة ، طلب الدكتور منهم ان يكونوا مجموعات كل مجموعة يكون فيها طالبان ، سارعت جمانة بالجلوس مع احمد ، مما اثار تعجب ابتهال وانتظرت ان يقول احمد شيء ، لكنه لم يعترض حتى ، كان هذا اول انكسار لها لكنها كتمت ذلك ولم تتكلم ، وذهبت للجلوس مع احدى زميلاتها .
اردف الدكتور قائلا : ( اريد منكم كل واحد يكتب عن علاج معين ويذكر كل شي يخص هذا العلاج من فوائد واضرار جانبية واستخداماته ...
سلم الطلاب اوراقهم وعاد كل واحد الى مكانه ، وبعد انتهاء المحاضرة ، ذهبت ابتهال الى غرفتها التي تشاركها جمانة بها ، واغلقت الباب وبكت حتى نامت ولم تستيقظ الا على صوت جمانة وهي تبدل ثيابها وتستعد للنوم ايضا.
ابتهال : ( جمانة شنو معناه الي سويتيه اليوم ).
جمانة : ( ولا شي ، بس اني مثل ما تعرفين مستواي ضعيف وحبيت اختار طالب شاطر مثل احمد يساعدني بس هذا كل شي ).
ابتهال : ( بس انتي تصرفين بغرابة ، اني لاحظت هذا الشي بس ما حجيت ، بس اليوم حسيت فعلا انتي تريدين تحاربيني).
جمانة : ( ماكو شي هذا تفكيرج بس يلا نامي ، انسي كلشي ، باجر عدنه محاضرة مهمة ).
في صباح اليوم التالي ذهبت ابتهال الى المكان الذي دائما ما تجد احمد هناك جالساً ، فتجلس معه ويتبادلا عبارات الحب ويتكلمان قليلاً عن الدراسة والمقالات الطبية وفي بعض الاحيان يشربان العصير معا او يطلبا بعض الحلويات
كان احمد اليوم على غير عادته بارد تماما ، حتى وان لم يفصح عن ذلك تماما ، فكان يتغزل بابتهال ويجيد ذلك الكلام الساحر ، وطلب لهم الدونات التي تحبها ابتهال ، لكن لم يستطع ان يخفي ذلك عن ابتهال ، فقد كانت تنظر في عينيه وتفسرهما جيدا .
اخذت جمانة تغتنم الفرص التي تكون ابتهال فيها مشغولة بالقراءة واستطاعت ان تلقي سمها واخذت رقم احمد ، وبدأت تراسله ، وترسل له صورها ، حتى تمكنت اخيرا من قلبه ، ولم تفكر بقلب صديقتها الذي سوف يتحطم تماما .
اصبح احمد يقلل من تواجده في مكان جلوسه مع ابتهال ويتحجج دائما بأن لديه عمل او يريد ان يبحث في حاسوبه الشخصي عن بعض المصطلحات التي يجد صعوبة في فهمها .
وابتهال كانت تتفهم هذا الامر ، ولا تحاول ان تضايقه ابدا .
اما جمانة فأخذت تهتم بنفسها اكثر والسعادة لا تفارقها ابدا ، تحقق حلمها اخيرا ، تغني ، تضحك ، لا تكترث برد فعل ابتهال عند علمها بما فعلته ، لا اعرف لماذا بعض الناس تتلذذ بعذاب غيرها ، ترقص فوق جرح الاخرين ...
هل هم ذئاب ؟ لماذا يغدرون ؟... تراهم عندما يتكلمون معنا يضحكون واقدامهم تحفر لنا ليسقطونا في قاع مظلم ولا زالوا يضحكون ، تارة يضحكون لنا مبتهجين ، وتارة يضحكون علينا مفتخرين بكسرهم لنا ، وكأنهم حققوا انتصارا كبيرا ....
ما اقسى قلوبهم وما اقبحهم ....
هم ليسوا بشراً ... هم حيوانات ممسوخة .
حاولت جمانة ان تقنع احمد ان يجلسوا بنفس المكان الذي يجلس به احمد مع ابتهال ، لكنه رفض ولم يستجب لذلك الا بعد اصرار كبير من قبل جمانة ، وفعلا جلسوا معا.
كانت جمانة في غاية السعادة هذا ما اكدته ابتسامتها الممزوجة بشيء من الافتخار والنصر ، تقربت من احمد مسكت يده قربت شفتاها منتظرة ان يقبلها ، قبلها بعمق ، كم تمنت جمانة ان تأتي ابتهال في هذه اللحظة وتشاهد ذلك ولم يخب ظنها ابدا ، فقد كانت ابتهال تقف امامهم مصدومة ، حائرة ، مكسورة ومحطمة تماما ، لقد ماتت ابتهال اليوم ، وان كانت لا تزال تتنفس ، لكن كل شيء بداخلها قد مات لم تتماسك نفسها وركضت سريعا ، تمنت انها لم تأتي الى ذلك المكان المشئوم ، لا تريد ان ترى شيء بعد ذلك حتى شغفها بالدراسة انتهى ، تبخر ، مات هو ايضا مع ما مات بداخلها ، لم تستطع ان تبقى في ذلك المكان الذي حطمها كليا شدت اغراضها وعزمت على ترك دراستها والعودة الى محلتها الى اهلها ، حزينة ، محطمة ، تجر الارض بقدميها ، دفعت الباب لم تتكلم بأي كلمة ، توجهت مباشرة الى غرفتها واغلقت الباب ، شاهدت كتبها والصور التي تتعلق بالادوية ، ومجهر صغير كان قد اشتراه لها والدها عندما كانت في مرحلة الاعدادية .
انقضت على كل تلك الاشياء ، مزقت.. كسرت ... صرخت بصوت هز ذلك المكان واخذت بالبكاء .
أنت تقرأ
لم تكن الا سرابا
Historia Cortaرواية مزيج من الواقعية والخيال ، من الحب والحرب والخذلان والفقدان والانكسار لتنتج هذه القصة اتمنى لكم قراءة ممتعة ♥️