الفصل السادس عشر

3 0 0
                                    


في بعض الأحيان يتعجب المرء، كيف يقال له بأنه على قيد الحياة بينما قد انتقلت روحه لعالم الأموات منذ زمن؟!
                                   ***
وللمرة الثانية يخبره هاتفه بأن هاتفها مغلق، تعجب وساوره القلق قليلًا، ليل لا تغلق هاتفها إلا للضرورة القصوى لذلك تنهد وهو يبحث عن رقم آخر في هاتفه حتى وجده، وهلات أخرى من الرنين حتى أجابت لارا صديقتها قائلة بمزاح :

-ده خير اللهم اجعله خير، كريم بنفسه بيتصل بيا!

ابتسم كريم بخفة وهو يكمل قيادته نحو منزلهما الذي اتفقا على اللقاء به، كان قلقًا حقًا ولا يسعه المزاح الآن لذلك قال بجدية تعجبت لها لارا :

-هي ليل عندك يا لارا؟!
-لا مش عندي، آخر مرة كلمتها النهارده الصبح وهي رايحة للدكتورة، هو في حاجة ولا ايه؟!

زفر بضيق ثم زاد من سرعة سيارته حتى يصل سريعًا إلى المنزل عسى أن يلتقيها هناك كما المتفق وعلى الرغم من شعور القلق بداخل قلبه المنقبض إلا أنه قال :

-لا متقلقيش مفيش حاجة انا خلاص داخل على البيت اهو وهي اكيد وصلت من بدري
-خلاص ماشي، لو في حاجة كلمني
-أكيد حاضر

ودعته لارا ثم أغلقت الخط هي الأخرى بعدما ساورها القلق أيضًا عن سبب مكالمته الغامضة تلك لذلك حاولت الإتصال بصديقتها أيضًا لكن دون جدوى، صف كريم سيارته قبل أن يترجل منها مسرعًا تجاه العقار الخاص بمنزلهم، لم ينتظر المصعد حتى فصعد مسرعًا حتى وصل للطابق المنشود، فتح الباب ثم أقبل على الفور قائلًا في لهفة وأمل :

-ليل!

اجابه الصمت، فقط الصمت فإزداد هلعه ثم اخذ مسرعًا يبحث عنها بين أرجاء المنزل حتى دون أن يغلق الباب، بحث عنها كمن فقد عقله، أين ذهبت تلك الفتاة! كيف لها أن لا تستقبله بعناقها حين أقبل ونادى حروف إسمها المحببة! لم يجدها بعد بحثٍ طويل في كافة ارجاء المنزل فهمّ بالخروج مسرعًا لا يعرف وجهته ولكنه سيبحث عنها وفقط عسى أن تكون ذهبت لتحضر شيئًا ما وتعود! حين مغادرته للعقار التقي بالحارس لذلك سأله بلهفة :

-هي ليل جت وانا موجود؟!
-لا والله يابشمهندس مشوفتش مدام ليل النهارده ابدًا

حرك رأسه بتفهم ثم زفر بضيق وهو يعود إلى سيارته، كان يجب أن يكون هادئًا فـ ليل ليست فتاة صغيرة يمكنها أن تتيه بين الطرقات وتضل طريق العودة إلى المنزل، حيث احضانه، لكنه كان قلقًا حد الجنون ولا يجد سببًا لذلك سوى قلبه الملتاع لفراقها! عاد إلى سيارته وحاول الإتصال بها مجددًا، مراتٍ ومرات بنتيجة واحدة، الهاتف مغلق! وحين أوشك أن يفقد صبره وعقله تناهي إلى مسامعه صوت رنين الهاتف في المرة المئة ربما فتهللت اساريره وتنهد في ارتياح، انقضى صوت الرنين حينما أجابت فقال كريم على الفور مندفعًا :

-والله يا ليل اللي عملتيه ده ما هيعدي، انتي كنتي هتجننيني! انتي فين؟!

يعلم بإنه في قرارة نفسه كاذبًا، حينما يلتقيها لن يؤنبها على فعلتها، فقط سيعانقها ويخبرها كم احترق شوقًا إليها! أنتظر أن يأتيه صوت زوجته الحنونة ولكن بدلًا من صوتها اتاه صوت رجل لا يعرفه قائلاً في هدوء :

على حافة الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن