الفصل السابع عشر

4 0 0
                                    


بعض اللحظات نشعر بها وكأنها جبال تجثم فوق قلوبنا ووحده المُحب من يملك القدرة الكافية ليدفع تلك الجبال عن قلوبنا وأرواحنا، وحده المحب من يجعل المصائب تهون!
***
استمعت غزل لحديث بدر في دهشة، كيف هرب مراد! أصابها الهلع وهي تنظر نحو باب الغرفة المغلق الذي أودعت به سليم قبل قليل حتى يتثني لها الحديث مع بدر، لم تكن تخشى على حالها، امرأة مثلها فارقت الحياة قبل أعوام لكن روحها بقت معلقة، تحيا فقط من أجل سليم، ماذا لو أصابه مكروه ماذا سوف يصيب روحها حينها! استفاقت غزل من شرودها حينما شعرت بكف بدر تلامس يدها، نظرت إليه بعينيها المتسعة إثر ما كانت تسمعه بينما قال هو :

-انتي معايا؟!

حركت غزل رأسها تجيبه بنعم ثم أبعدت كفها عنه ببعض الخجل، وزفرت، أين السبيل إلى المفر عندما تضيق كافة الطرقات بنا! قالت غزل ببعض الخوف :

-طب والعمل؟!
-حاليا معرفش، بس كان لازم أحذرك، اعتقد مراد مش هيسيبك في حالك بعد اللي عملتيه

وضعت غزل يدها فوق جبينها، لو لم تساعد بدرًا لكانت في السجن الآن، ولأنها ساعدته أصبحت حياتها في خطر، زفرت من جديد فشعر بدر بضيقها لذلك قال :

-انا بقترح تخلي سليم عند حد من قرايبك يكون مراد ميعرفهوش، وضع مؤقت لغاية ما نقبض عليه تاني، هي مسألة وقت متقلقيش

نظرت غزل إليه وقلبها ينزف ألمًا، نظراتها بدت تائهة وكأنه يراها زهراء ذات الخمسة عشر عاماً مجددًا، قالت هي في ضيق :

-سليم ملوش إلا أنا!
-وأهلك راحوا فين؟!
-اهلي؟!

قالتها بنبرة ساخرة قبل أن تنفجر ضاحكًة وكأنه قد تفوه بأترف الدعابات للتو، عقد بدر حاجبيه بتعجب فتوقفت هي عن الضحك وقالت :

-انا مليش أهل يا باشا

ازداد انعقاد حاجبيه، يذكر حين انقذها واعادها إلى عائلتها، كم بدت نظرة والدتها حينها تقطر منها اللهفة والشوق إلى ابنتها! نظرت غزل إليه وهي تدرك أن دائما ما تبصره أعيننا تكون أنصاف الحكايات فقط، أجل كانت تنظر إليها بلهفة حينها بعدما كانت بيدها من القتها لذلك الرجل الملعون! نهضت غزل من مجلسها وكأنها ضاقت بالكون بأسره ذرعًا وتحدثت وكأنها تتحدث إلى حالها فقط :

-انت بس متعرفش حاجة يا باشا، انا أهلي بإيديهم سابوني في النا.ر ولما رجعتلهم وعرفوا نتايج عملتهم كانوا عايزين يمو.توني، هربت! مكانش قدامي حل غير ده!

وعادت نظراتها تتعلق بباب الغرفة المغلق، ازدردت ريقها ثم تابعت بمرارة :

-عشان بس احافظ عليه! عشان يكون عنده حياة احسن من حياتي، وأهل احسن من أهلي

نهض بدر هو الاخر ثم قال متعجبًا :

-انا مش فاهم حاجة، انتي خطـ.فتي اخوكي وهربتي من أهلك؟

على حافة الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن