الفصل السادس

8 1 0
                                    


العائلة هي المحطة الأولى التي يقف بها قطار العُمر، وحدهم من يسمحون لـ المشاعر بالدخول إلى قطار حياتنا، فوحدهم من يذرعون الثقة كشجرة عامرة بالثمرات ووحدهم أيضًا من يقتلعونها وكأنها يومًا ما كانت! هي العائلة! ينفذ حديثهم إلى الروح مباشرة فتارة يزرع الورد وتارات أُخر لا يترك سوى آثار الخنا.جر!
                                     ***
طُرق الباب أخيرا بعد دقائق مرت في ترقب وصمت، فقط حديث الأعين من كان قائمًا في انتظار الدقائق والثواني حتى تمر! وثبت لارا من مقعدها سرعان ما طُرق الباب وكأن ثعبان ما لدغها وتكلفت في الابتسام وهي تخبر محمود بأنها ستفتح الباب، فتحت الباب فتقابلت عينيها بعينيّ صديقتها التي بدى عليها اللا مبالاة وأما لارا فتنفست الصعداء كمن عاد إلى الحياة ثم قالت بخفوت حتى لا يسمعها محمود :

-انتي هتودي نفسك في داهية يا ليل

افسحت لها المجال لتعبر فأقبلت ليل دون كلمة، لا تدري كيف نهضت مسرعة حين تلقت المكالمة من صديقتها وابدلت ثيابها كلمح البصر وسط تعجب كريم، فقط أخبرته أنها ستعود سريعًا وبأنها ستشرح لاحقًا ما الذي يجري، كعادته تقبل غرابتها بصدرٍ رحب وتركها ترحل على عجالة، لم تكن تهاب شقيقها ولكنها تعلم أنه من المحتمل قد أتى بأمر من أبيها او معتز، أتى ليلقي على مسامعهم فيما بعد ما الذي تفعله شقيقته وهل كانت تكذب أم صادقة، وذلك ما آثار تعجبها قليلًا فأحيانًا كانت تمضي ايامًا خارج المنزل ولا تشعر عائلتها بغيابها من الأساس، وكم عشقت أن تحيا بينهم كالطيف، وكم تألمت لأنها عاشت بينهم كالطيف!! تصنعت ليل الدهشة حينما رأت شقيقها ثم قالت :

-ايه ده انت هنا يامحمود؟!

ضحكت لارا بخفة لتشارك صديقتها الممثلة البارعة تمثيلها ذلك ثم قالت إليه :

-شوفت قولتلك راحت تجيب حاجة.. متأخرتش اهو
-خير يامحمود في حاجة ولا ايه؟!

قالتها ليل وهي تجلس فتبسم هو إليها ثم قال :

-لا انا بس كنت قريب من بيت لارا جيت اطمن عليكي، وكمان الورق ده محتاجة تشتغلي عليه بابا قالي اوصلهولك

اخذت ليل منه الأوراق ثم ضحكت ساخرة وقالت :

-طب جاي عشان تديني ورق دي معقولة شوية، إنما عشان تطمن عليا! غريبة دي!

زفر محمود بضيق، منذ طفولتهم وليل تحيا الحياة ذاتها وسط قسو.ة والدها، كثيرًا ما كان يكتفى بالمشاهدة متألمًا لأجل شقيقته وقليلًا ما كان يحاول منع الظلم، ولكنه لم يكن يدري أبدًا بأنه بات ظالمًا مثلهم تمامًا بصمته، ففي صمته ظلم أكبر لها! جلست لارا بجانب صديقتها ثم ربتت على كتفها وضحكت قائلة :

-فيها ايه يعني يا ليل اخوكي جه يطمن عليكي عادي يعني، وبعدين متخافش عليها اوي كدا احنا قاعدين مع بعض دي ليل مونساني حتى!

على حافة الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن