الفصل الثاني

15 2 0
                                    


الصُدف هبات القدر! قد يمضي المرء أعوامًا يشعر بالنقصان، ذلك الجزء غير المكتمل بداخله ينتظر أن يجد من يكمله، يبحث لأعوام عن من يناسبه، يلتقي بذاك وذلك، قد يعجبه أحد ويسعد برفقة آخر ولكنه أبدًا لا يشعر بالكمال، مازال الجزء الناقص بداخله يستجديه، لم نجد من يشبهنا! حتى يفقد الأمل ويكف عن البحث وحينها، فقط حينها تأتي الصدف! لقاء دبره القدر ليجمع بين قلبين أرهقهما البحث، وبعد أعوامٍ من المحاربة للبحث عن اشباهنا تأتي الصدف كالسلام على الحر.ب!
                                      ***
أشرقت الشمس ذلك الصباح بعد تغيبها عن عرش السماء لأيام، على الرغم من أن فصل الشتاء أوشك على الانتهاء إلا أن السُحب كانت تبكي لأخر دمعة بداخلها! استيقظت ليلى أثر الجلبة التي احدثتها ابنة عمها أثناء استعدادها للذهاب إلى العمل، فتحت ليلى عينيها ببطئ فعلى الفور داعبت الشمس عينيها، تأملتها چويرية مبتسمة ثم قالت :

-اخيرا صحيتي! يلا هنتأخر على الشغل
-مش هروح

قالتها ليلى بصوت غلفه النعاس وقد جذبت الوسادة لتضعها فوق رأسها، رفعت چويرية أحد حاجبيها بتعجب ثم ذهبت لتجلس بجانبها على حافة الفراش، أزالت الوسادة من فوق رأسها ثم قالت :

-ليلى حبيبتي انا مقدرة إن الإنسان ممكن يضحي بحياته عشان ساعتين نوم زيادة بس دي حاجات بنهزر بيها على الفيس بوك إنما مش بنعملها في أرض الواقع!

ضحكت ليلى ساخرة ثم قالت بحزم :

-بس انا مش هروح الشغل تاني يا چويرية، انا قررت خلاص!

عقدت چويرية حاجبيها تلك المرة ثم قالت بتعجب :

-هو انتي لسه زعلانة من اللي حصل! ده نزار بنفسه اعتذرلك! ميبقاش قلبك أسود بقي
-الفكرة مش كدا، الفكرة اني مستحيل أقعد في مكان مش مقدر قيمتي

قالتها بعزة وأنفة وقد كانت حزمت قرارها منذ البارحة انها لن تذهب إلى تلك الشركة مجددًا، مهما كلفها الأمر! فكرامة المرء يجب أن تأتي في المقام الأول دائمًا، فلا عزة ولا شرف لشخصٍ يحيا بدونها! زفرت چويرية بضيق وكادت أن تتحدث مجددًا إلا أن الباب فُتح فصمتت، نظر إليهما عبد الله والد ليلى ببسمته البشوشة دائمًا ثم قال بتعجب :

-انتي لسه نايمة يا ليلى يابنتي
-مش هروح الشغل يا بابا

تعجب عبد الله فإبنته دائمًا نشيطة ومحبة لعملها، ساوره القلق قليلًا عليها لذلك قال بإهتمام :

-مالك ياحبيبتي انتي تعبانة؟!

تبادلت ليلى برفقة چويرية بعض النظرات، تحذرها بها أن تنطق بحرفٍ واحد عن السبب الحقيقي لتركها للعمل فليلى أبت أن تخبر والدها حتى لا يحزن لذلك تبسمت ثم قالت :

-تعبانة شوية اه مش هقدر أروح
-وماله ياحبيبتي ارتاحي النهارده براحتك

نهضت چويرية ثم دنت منه وقالت بمزاح مغيرة مجري الحديث :

على حافة الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن