{ الفَصل الأول }

319 15 11
                                    

في لَيلة كان الظَلام فيها حالكاً وفي إحدي الازِقة في شوارِع القاهرة حيثُ لا يوجَد سِوي إضاءة خافِتة.

تَجلِسُ فتاة بِجسدٍ ضَعيف هَذيل تَضُم أرجُلها إلي صَدرِها وتُحاوِطَهُم بِكلتا يَديها تَرتَجفُ رُعبً وأعيُنها حَمراء مَليئة بالدِموع شاحِبَة اللون ومَلابِسها مُتَسِخة بِه العَديد مِن الثُقوب والكَثير مِن الجُروحِ العَميقة و السَطحية المُنتشرة في جَميع جَسدِها.

تَنتَبهِ إلي صَوت رِجال قادِمين نَحوها لِتُجَمِع شُتاتِها وتُحاول الرَحيل مِن هذه المَنطِقة.
ولَكِن يَلحَقها أحَد هولاء الرِجال قائلاً:" علي فين يا مُزة؟".

لَم تُعطهِ إهتِماماً وتَلتَفِت مُعطية إياه ظَهرِها ولَكِنهُ يِسحَبَها بِقوة إليه مُردِفاً:" هو إنتِ إيه طَرشة؟".

ثُم يَضَع يَدهُ علي وجهِها مُتَلَمساً إياه لتُغمِض أعيُنِها بِقوة مُحاولة الأبتِعاد عَنهُ ولَكِن قُوتِها لا تَسمَح لَها بإبعادِه..

لِيردِف بِنَبرة خَبيثة لا تَنوي بِالخَير :" ماتيجي بيتي وانا أداويكي هنستمتع أوي متخافيش دا حتي انتي مُزة وقمر حرام أسيبك كِدا" .

لِتَنظُر لَهُ مُتَصَنِعة القوة مُبثِقةً علي وَجههِ ثم تَضرِبهُ في بَطنهِ بِرُكبَتيها ليَنحني مُتألماً لتَنتَهِز هي الفُرصة وتَركُض خارج هَذا الشارِع .

ويَجتَمِع حَولهُ أصدِقائه مُطمَئِنين عَليهِ ليقول أَحَدَهُم:" إنتَ كويس ؟:" لينظُر لهُ مُهزهِزاً رأسَهُ بِنَعَم.

لِيقول الثاني ساخِراً:" بِنت زي دي تِضرَبَك وتِهرَب؟ ،مَتوقَعتهاش بِصراحة".

ليرفَع  رأسَهُ مُجيباً عَليه:"فُكك مِنها أصلاً مَفِهاش حِته سَليمة كانِت هَتروح فيها وألبِسها أنا "
يَرد عَليه قائلاً:"علي رأيك ...قوم يلا خَلينا نِمشي ".
لِيجتَمِعوا خارِجين مُكمِلينَ سَهرَتِهَم .

خِلال ثَوانٍ قَليلة كَانت تَقِف أمام الشارِع العُمومي لِتَنظُر إلي يَمينها وتَجِد مِقعد إنتِظار الحافِلات تَتَوجَه نَحوَهُ جَالسةً عَليهِ مُتَنَهِدةً بِتَعب ثُم تَرفَع أعيُنِها إلي السَماء مُستَنجِدَةً بِرَبِها داعيةً أن يُساعِدها و يُقَويها علي هَذه الصِعاب والمَشاكِل التي تَمُر بِها.

يَمُر بَعض الوَقت شاردة في الطُرق والسيارات المَارة أمامِها لِتَشعُر بالنُعاس و التَعَب الشَديد نَتيجة لِما تَعَرضت لهُ .

تَمُر بِجِوارِها امرأة أربعينية جَميلة ذو مَلامِح رقيقة يَشوبَها بَعض التجاعيد بِفعل السِن لتَبتَسِم لَها بِإطمِئنان تَحثُ بِقَلبِها السَكينة و الهُدوء مِردفةً بِنَبرة بِها بَعض مِن الحِنية :" إنتي كِويسة يا بنتي؟".

لِتنظُر لها قَليلاً تَتَرَقب حَرَكاتِها ثُم تَهِزُ رأسِها مُعطية إياها إجابة بِنَعَم.

• أوراقُ الأمَلِ • (مُتوَقِفَة)Where stories live. Discover now