بشر أم ذئب..!!

12.5K 471 14
                                    

نظرت الفتاة الي ذلك الشخص الذي ظهر من بين الضباب.. كان يحمل بندقية اطلق رصاصتين ف الهواء فارتعبت الذئاب وهربت مسرعه..
كانت الفتاة تلهث ومع كل نفس تأخذه يجمد الهواء البارد حلقها ودقات قابها تتسارع اقترب منها ذلك الشخص كانت تراه يقترب شيئا فشيئا لم تكن قادره علي تمييز ملامحه لكنه كان رجل طويل القامة وقوي البنيه مع بندقية صيد..
انحنى لاسفل اليها بينما كانت هي لتزال متكئة علي الشجرة كان الثلج كثيف وكان الرجل شبه ملثم بقبعته ووشاحه من الصوف الابيض المموج بالرمادي لكنها تمكنت من رؤية عيناه الزقاوتان المضيئتان في الليل.. كان يشبه الذئب.!!
في لحظه جنون ظنت ان احد الذئاب اخذ شكل بشري ليقترب منها ويلتهمها..
بعد صمت رهيب وضع الرجل يده علي كتفها مطمئنا وقال :
-هل انتي بخير؟
فاجابت بعيون مغمضه وصوت يرتجف:
-رحماك ياربي..ان كنت ذئبا ارجوك لا تؤذني.
ابتسم الرجل فرأت ابنسامته تنقصه فقط بعض الانياب البارزه لتبدو كابتسامه الذئب..قال الرجل
-لا تخافي.. ستكونين بخير لقد ابتعدت الذئاب..
حدقت فيه الفتاة بصمت وخوف وراقبته وهو يخلع معطفه الجلدي ويلف به جسدها المتجمد وخلع وشاحه ولفه حول عنقها فكشف عن وجهه الابيض وعن وجنتيه التي يغطيهما بعض الشعر.. قال الرجل :
-رجلك مصابه انها تنزف ورأسك ايضا.
فصرخت ألما.. حاول الرجل تهدأتها قائلا
-تحملي قليلا سأخذك الي بيتي وستكونين بخير.. هيا قفي
لكنها لما تستطع الوقوف فحملها علي يديه واتكأت بجسدها المتهالك والمتعب عليه ولم تمر الا لحضات حتي فقدت وعيها...
وصل ذلك الرجل الشاب الي بيته.. كان بيتا صغيرا مصنوعا من خشب اشجار الصنوبر القويه وكان يقع بعيدا عن الغابة بقليل بين صخور الجبال وحوله الثلج ف كل مكان
فتح الباب ثم اغلقه بحرص واتجه الي احدى الغرف ووضع الفتاة المغشى عليها علي السرير وغطاها جيدا ثم اتجه الي المدفأة ووضع بعض الخشب واوقد النار وبعد لحظات اضاءت المدفئة ارجاء البيت وعم الدفئ ف المكان..
فتحت الفتاة عينيها دون ان يعلم وصارت تراقبه ينزع قبعته وكنزته المبلله الان استطاعت ان ترى ملامحه جيدا كان ناصع البياض كالاموات.. بذقن خفيفه عبي وجنتيه.. وشعر اسود قاتم مموج يصل الي عنقه وعينان زرقاوتان حادتان كعيني الذئب اسفلهما اثر لجرح قديم..كانت له بنية تدل غلي انه رجل جبلي معتاد علي هذه الارض الوعره..
انتبه اليها فاقترب منها نحو السرير وجلس علي كرسي بجانبها.. قال
-انت في بيتي الان..لا داعي ان ترتجفي هاكذا..انت بأمان..
ثم نهض وفتح الخزانه وبعد قليل عاد اليها ومسح الدماء عن جبينها ولف الضمادات برقه علي رأسها وقدمها تألمت بشدة ولكنه كان لطيفا وهدأها فبدى كالذئب الوديع
نهض الي خزانته مجددا وعاد ومعه كنزة من الصوف الرمادي وجوارب واقترب منها قائلا
-قد لا تكون مناسبة ولكنها ستدفئك
صارت تراقبه بهدوء وصمت وهو ينزع قميصها الممزق ويلبسها كنزة الصوف لم تستطع ان تفعل او تقول شيئا وهي في هذه الحال فكانت مستسلمة لهو تماما..
اتجه نحو المدفأة واخذ الابريق الذي كان علي النار وسكب بعض من شاي الاعشاب الذي كان يعده في كوب وقدمه لها.. لكنها عجزت حتي بالامساك بالكوب فساعدها في شربه فتكلمت اليه لاول مره.. قائله بصوت متعب منخفض
-شكراا..
-لاعليك.. انت متعبه جدا نامي وارتاحي الان..
قالت له وهي تهلوس
-الذئاب.. الذئاب...اني اسمع صوت عويلها..
فوضع يده علي جرح رأسها وقال بلطف محاولا ان يخفف خوفها..
-انت بأمان في هذا البيت لن تصل الذئاب اليك حسنا. الجو صار اكثر دفئا وقد عالحت جرحك نامي وستكونين بخير.. سأكون بالغرفة المجاوره واعدك انه لو اقترب ذئب من هنا فسأطلق النار عليه..
وابتسم لها ابتسامة ذئب وديع وذهب...
بعد ليلة مثلجه بارده اشرقت الشمس كانتفقط مصدر للضوء فالجو مزال باردا والثلج المتساقط في كل مكان فتحت عينيها.. الان تستطيع ان تتذكر كل شيء.. حاولت الجلوس علي السرير بصعوبه كان جرحها مازال يؤلمها ولم يشفى تماما ثم دخل الشاب شبيه الذئب ببنطلونه البني وكنزته الصوفيه البيضاء وقال لها مع ابتسامه:
-صباح الخير.. تبدين افضل حالا..
-اه نعم.. بفضلك..حقا لا اعرف كيف اشكرك! شكرا جزيلا لك سيدي..
- العفو.. هه كنتي وجبه سائغه لتلك الذئاب..
-اه نعم ارجوك..لا تذكرني ليزال جسدي يرتعب من ما حدث..
-حقا..اعتذر.. كنت ترتجفين مثل ارنب صغير تائه.. رغم ان تلك الذئاب ليست بذلك السوء..!!
-ماذا! ليست بذلك السوء!! لقد رأيت انياب احدها لقد بدت كعلبة سكاكين متنوعه الاحجام..
-ههههه علبة سكاكين!! ظريف..
استغربت من برودة هذا الرجل لم يكن خائفا ابدا ادركت انه لابد ان يكون معتادا علي رؤية الذئاب ومواجهتها..
قال الرجل بلطف..
-سأغير لك ضمادات جرحك وبعد ذلك سنتناول الافطار.. لقد اصطدت بعض السمك من النهر ويكاد ينضج.. انت جائعه صحيح؟
شعرت بالخجل ولم تجبه فقال
-ههه لا عليك انا ايضا سأموت من الجوع يجب ان تأكلي لتعوضي الدم الذي نزفته..
-شكرا لك
-يافتاة..هل تريدين شكري حقا؟
-نعم بالتأكيد!
-اذا رجاءا..توقفي عن تكرار كلمة شكرا
-هههه حسنا..كما تريد..
جلسا امامهما وجبة متواضعه مم السمك قالت الفتاة
-هل انت اصطدت هذا السمك؟
-نعم بالطبع
-يبدو انك تعيش هنا منذ فترة طويله حيث انك تبدو محترفا ومعتادا علي المكان..
-هذا صحيح..كما ترين اعيش فيها ليس امرا مستحيلا..
-غريب.. تعيش وحدك.. اليس هناك بيوت قريبه منك؟
-آآآآ..هييييي انا من يجب ان يسأل هنا.. ماذا تفعل فتاة وحدها في مكان كهذا!!
-اه انا.. ف الواقع اتيت منذ شهر الي قريه قريبه من هنا..لاعيش مع عمتي.. لم اعتد المكان بعد وحذرتني عمتي ليزا من الذهاب وحدي الي اي مكان خصوصا الغابة اول الجبل لكني.. كنت عنيده واردت ان اجمع بعض الفطر لها وافاجأها لكن الثلج ازداد واضعت طريقي ثم سقطت من اعلى الجرف وفقدت وعيي وعندما نهضت وجدت نفسي وحيده بين الذئاب والباقي تعرفه..
كان الرجل ينصت اليها باهتمام وكأن شيئا يدور ف رأسه..
-قريبه قريبه! هل تعرفين اسمها؟
-اه نعم..اسمها قرية "وبر الذئب"
فصمت الرجل وعاد الي تناول السمك ولم يجب..
فقالت
-هل تعرفها؟
-اها نعم..معظم اهالي القرية هم من الصيادين وسميت بهذا الاسم لاشتهارها ببيع جلود الذئاب التي يصطادونها..
-هكذا اذا..انن صياد ايضا أليس هذا صحيحا؟
-نعم.. انا صياد..لكني لا اصطاد الذئاب..
-ماذا تصطاد اذا!؟
لكن الرجل ابتسم وتابع تناول طعامه ولم يجب.. شعرت بالخوف كلما ابتسم ازداد شبها بذئب بري..
-ماذا! هل انتي خائفه؟
-اه لا.. ولما اخاف!
-لا ادري..اراك تنضرين الي مطولا..!!
-اعتذر ان كنت ازعجتك..
نهض الشاب نحو المدفأة وضع الخشب فيها وهو يقول
-هل عمتك صياده؟
-لا.. انها تعمل ف حياكة الصوف
-جيد.. انه عمل شريف..
-يبدو انك تكره الصيد
لكن الرجل لم يجب وغير الحديث قائلا
-لم تخبريني باسمك يافتاة!
-اسمي ليندا
اقترب الشاب منها وامسك يدها وبدي وكأنه يقرأ كفها وقال وهو ليزال ممسكا بيدها
-ليندا..ارى حزنا عميق..وخوف رهيب انت لا تحبين هذا المكان المتجمد وتشتاقين جدا الى الدفئ..
-وااو انت تجيد قراءة الكفوف حقا!!
ابتسم الشاب.. قالت
-عجيب.. سكان الجبال دائما يجيدون هذه الاشياء
-نعم سكان الجبال يجيدون دائما مثل هذه الترهات الكاذبه..
-اه اسفه لكني لم اقصد ذلك
-لا عليك.. علي اي حال لم اكن اقرأ كفك لقد تظاهرت بذلك..
-حقا؟؟
-نعم.. لقد حزرت انك لا تحبين هذا المكان ويبدو اني كنت علي حق
-ف الواقع..نعم..ليس لان هذا المكان بترد ومتجمد فالمكان الذي جئت منه لا يختلف كثيرا..انا افتقد الدفئ.. دفئ وحنان والداي.. لقد فقدتهما من فتره قصيره.. كانت صدمه قويه بنسبه لب وعندما سمعت عمتي بالخبر جاءت لتأخذني معها واحضرتني معها..
-اسف من اجلك..لكن الحياة قاسيه..
-لا.. انا بخير الان عمتي طيبه جدا وتحبني..هه
قالت ذلك والدموع تةاد تنزل من عينيها العسليتين..
شعر الشاب بشفقه عليها والحزن..كأنه تذكر والديه ايضا... عندما نضر اليها للمره التانيه بدت ليندا متعبه جدا.. لم تكن قادره علي اتزان نفسها..
-ليندا..هل انت بخير..انك تتعرقين!!
-انا بخير فقط اشعر ببعض الصداع..
-دعيني ارى.. اووه حرارتك مرتفعه يبدو انك اصبتي بالحمى!
-لا انا بخير صدقني.. شكرا علي الوجبه كانت لذيذه..والان من فضلك.. هل يمكنك اخذي الي قرية وبر الذئب..!
-في هذه الحاله! مستحيل.. انت غير قادره علي الوقوف..
كان اخر ماسمعته ليندا هي هذه الكلمات قبل ان تفقد وعيها بسبب الحمى..










___________________________

عرين الذئبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن