لم اكن اتخيل يوما ان انسى شىء من ذكريات بيتى الجميل

8 1 0
                                    

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.




بدأ الخوف يعتريني ... لم اكن اتخيل يوما ان انسى شيء من ذكريات بيتي الجميل
كان لي في شمال قطاع #غزة في #بيت_حانون شارع #سالم متفرع من شارع #القرمان منزل ... منزل جميل مكون من طابقين ... اغادره صباحا متجها إلى عملي واعود إليه مساء بعد انتهاء العمل لالقي نفسي في احضان أسرتي و احضان بيتي الذي شيدته بتعب وكد و طموح و آمال وتطلعات ... بيتي الذي كان لي ذكريات في كل ركن من أركانه .... مدخله وبابه صالون الضيافة المعزول عن البيت المريح الواسع الذي كان ملتقى للأصحاب و الأقارب و المحبين ولطالما حلت فيه مشاكل وخرجت منه حلول وأشهرت فيه افراح ومناسبات لي و لأهلي ... ثم تدخل من باب واسع بعد باب الضيافة لتواجه صالة المعيشة ... حيث كانت اليوميات الحياتية ... مشاهدة مباريات #الاهلي وراية الاهلي القاهري معلقة على الجدار كاثبات عشق وانتماء لهذا النادي العظيم (#اعظم_نادي_في_الكون)  ووجبات الطعام اليومية وفنجان القهوة الصباحي والمسائي ... دراسة الاولاد وجلسات ضحكهم و سمرهم ولعبهم ومشاهدتنا كل لما يحب عبر الشاشة الكبيرة المعلقة على الجدار .. بجوار راية الاهلي الحمراء الزاهية انا ومبارياتي ونشرات اخباري وبعض المسلسلات المصرية القديمة خصوصا كوني أحد أبناء جيل الثمانينات الجميل الذي تشرب الفن الجميل حتى الارتواء .... ثم تستدير لترى غرفة الاولاد بكل (بعكشاتهم) وتصرفاتهم الصبيانية التي دفعتني كثيرا للجنون ... وبجانبها غرفة البنات بلونها الزهري الفاتح الجميل وترتيب البنات لغرفتهم كي يوصلن لي ولأمهن رسالة مفادها أنهن أكثر ترتيبا و (شطارة) من الاولاد ... واذا اتجهت بنظرك للناحية الشرقية من البيت سترى المطبخ والذي ارى أن ملكيته لم تكن من ضمن ممتلكاتي في المنزل بل كان ملكية ومملكة خاصة بالهانم أم العيال ... كان الاقتراب منه والعبث به والتسبب في اتساخه جريمة تعاقب عليها أم العيال بإحكام أقرب للأحكام العرفية والميدانية ... كان لنا الحق في تناول الوجبات على طاولة السفرة المتواضعة الموجودة في المطبخ لكن هذه هي الحدود المرسومة وذات الرقابة المنزلية الشديدة ... في كل ركن من أركان هذا البيت ذكرى ... ذكرى فرح .. ذكرى مشكلة منزلية صغيرة ... ذكرى جلوس ابي الراحل في هذا الركن او ذاك هنا ضحكت كثيرا ... وهنا بكيت على فراق أبي وهنا جلست امي ومدت قدمها ووضعت راسي ورؤوس اولادي معي على قدمها لتعبث بشعري وحدي أو  شعورنا جميعا ... هنا جائت حماتي مهنئة بولادة زوجتي وهنا جئن اخواتي البنات في يوم العيد وتجمعن مع أولادهن وبناتهن ليصل صوت الضحكات الخارجة من بيتي إلى رأس الشارع ... هنا كنت اجلس انا واخوتي الشباب لنلعب الورق (الشدة) (الكوتشينه) وهنا كنت اجلس بالساعات مع ذاك الصديق والحبيب الذي فرقتنا الحرب حتى غدونا كالغرباء (يا خسارة) ...هنا كنت اتناقش في السياسة والفكر مع ابي الراحل وهنا كنت اجالسه لنستمع لبرامج إذاعة الBBC المختلفة #صندوق_النغم #همزة_وصل #قول_على_قول  #BBC_Extra وهنا كنت أجلس محاولا اصلاح اي شيء يتلفه الاولاد أو انا ... هنا وهنا و هنا ... لكن ها أنا ذا ... بعيد منذ عشر شهور عن هذا البيت الذي تهدم ... وصار أثرا بعد عين... كان لي هناك منزل كان مكانا مليئا بالحب والأحلام ومخططات كبيرة لي و لاسرتي الصغيرة ... عجنوا حجارته مع احلامي و مالي وذكرياتي والتراب وعرقي وضحكاتي ودموعي ... وهجروني منه عنوة وانا لا ذنب لي ولا لاولادي ... أن نعيش هذه الحياة .. في خيمة حارة سقفها من البلاستيك وجدرانها من القماش وارضيتها من التراب ...فعلا حياتنا كانت هانئة وبسيطة لكنها #لم_تعد_كذلك .. فقد كان لي هناك منزل و ذكريات و حياة ... ارجوكم ... لا تألفوا ما نحن فيه ولا تعتبروه شيء عادي ... نحن نهان و نقهر

قصص غزة🇵🇸حيث تعيش القصص. اكتشف الآن