تغيير المنزل 2

3 0 0
                                    

دخل ويليام وجاسبر إلى المنزل. كان الداخل قديمًا، لكنه لم يكن مخيفًا كما بدا من الخارج. بل كان هادئًا ومليئًا بالغبار، مما يوحي بأن أحدًا لم يدخل هذا المكان منذ زمن بعيد. الأغصان المتشابكة للأشجار المجاورة تسللت إلى الداخل، وكأنها ترغب في الاستحواذ عليه بالكامل. على الجدران، علقت صور عائلة ويليام، لكن الغبار غطاها، مما جعلها تبدو كأنها أشباح من زمن بعيد.

ورغم هذا، كان المنزل يصلح للعيش. فقد كان والد ويليام رجلاً مبدعًا، وصمم المنزل بطريقة مميزة وفريدة من نوعها. كل زاوية في هذا المكان تعكس حبه للتفاصيل وإبداعه اللامتناهي. البيوت التي بناها كانت تتحدث عنه، عن قصصه، وعن حياته التي تركت أثرها في كل زاوية وكل ركن.

في هذه اللحظة، كان المنزل ينتظر، كأنه يترقب قدوم أحد ليعيد الحياة إلى جدرانه الصامتة، ليزيل الغبار، ويحيي الذكريات المدفونة في قلبه. كانت الأرض الخشبية تصدر أصواتًا خافتة عندما يدوس أحد عليها.

نَظَر جاسبر إلى المكان بانبهار ودهشة، وهو يعبر العتبة الخشبية القديمة إلى الداخل. كانت أعينه تلتقط تفاصيل الجدران المزخرفة والنوافذ العالية التي تملأها أشعة الشمس المتسللة. كل شيء هنا كان ينبض بتاريخ طويل وذكريات لا حصر لها.

على الجانب الآخر من الغرفة، وقف ويليام يتأمل المساحات المحيطة به، غارقًا في ذكريات طفولته التي نسجتها أروقة هذا المنزل الجميل. كانت رائحة الخشب العتيق تملأ المكان، تحمل معه ذكريات الأعياد العائلية وصوت ضحكات الأطفال. استعاد في ذهنه صورة أمه وهي تعد المائدة، وأباه وهو يروي قصصًا من ماضيهم البعيد.

بينما كانت عيناه تتنقلان بين الأثاث العتيق والأعمال الفنية المعلقة على الجدران، تذكر ويليام كيف كان يجري في هذه الممرات كطفل صغير، وكيف كان يختبئ في الزوايا المظلمة خلال ألعاب الغميضة مع إخوته. هنا، كان كل شيء يبدو مألوفًا وحميمًا، كأنه لم يغادر هذا المكان أبدًا.

غاص جاسبر في صمته، مستشعراً الثقل العاطفي للمكان، بينما كان ويليام يستعيد ذكرياته بكل تفاصيلها الحميمة.

نظر جاسبر إلى ويليام ثم قال:

"يجب علينا تنظيف المكان لكي يصبح صالحًا للعيش."

تأمل ويليام المكان ثم أجاب:

"أنت محق. سأذهب إلى السيارة وأحضر معدات التنظيف."

أومأ جاسبر له، وخرج ويليام ليحضِر معدات التنظيف. بدأ جاسبر يتجول في المنزل الجميل، لكنه لاحظ قطعة أرضية بلون مختلف عن البقية، مرتفعة عن السطح. شعر جاسبر أن تحت هذه القطعة شيئًا ما، لكنه لم يفتحها بل انتظر ويليام حتى عاد.

عندما عاد ويليام، اقترب منه جاسبر وقال:

"ويليام، هناك..."

قبل أن يكمل كلامه، قاطعه ويليام قائلاً:

"أعلم، هناك قطعة على الأرض مختلفة عن البقية."

انصدم جاسبر وسأل:

"لكن كيف عرفت؟"

وضع ويليام أغراض التنظيف فوق طاولة خشبية جميلة اللون وقال:

"كنت أعلم أنك ستلاحظها، ولكن قبل أن نذهب إليها، يجب علينا تنظيف المنزل."

أومأ جاسبر وأخذ معدات التنظيف وبدأ في العمل مع ويليام.

في هذه الأثناء، كان الهمس القاتل في مقرّه الرئيسي، الذي لم يكن هو المقر الذي التقيا فيه مع ويليام. كان المقر قصرًا ضخمًا، مجهولًا لا يعلم بوجوده أحد. ارتفعت جدرانه السوداء المخيفة عالياً، تبدو كأنها تحتضن الظلام، مما يوحي بأنه مهجور منذ زمن بعيد. ولكن المفاجأة كانت في الداخل؛ حيث كان القصر جديدًا ببريقٍ يأسر الأنظار، ضخمًا بأروقة ساحرة وقاعات فاخرة.

عبر الأروقة والممرات، كان الحراس منتشرين في كل زاوية، يتجاوز عددهم المئة، مما يزيد من رهبة المكان وغموضه. هؤلاء الحراس، بعيونهم المتيقظة، كانوا حُماة الأسرار التي تخفيها جدران القصر.

في الخارج، لم يكن لجاسبر وويليام أي علم بحقيقة هذا المكان. كانوا يظنون أن المقر الذي التقوا فيه هو المقر الحقيقي، غير مدركين لوجود هذا القصر الخفي.

كان الهمس القاتل أمام حاسوبه الضخم، يراقب أخبار الشرطة حول محاولاتهم للقبض على ويليام. كانت الأخبار تقول:

"اليوم قد تم إبلاغنا من إحدى الأشخاص أنهم رأوا شخصًا بنفس مواصفات الشخص الذي نبحث عنه مع شخص آخر يحمل جثة في السيارة، ثم ينطلقون دون عودة. وفي الليلة السابقة، جاءت لنا شكوى عن فتاة تصرخ في أحد الأحياء القديمة، وسُمع صوت طلقات رصاص..."

كان يستمع للأخبار، يشرب قهوته، ويضحك ضحكة انتصار، قائلاً:

"إلى أين ستذهب يا ويليام؟ أصبح الجميع ضدك."

..........

دُمــوعْ الـإنْــتــقَـامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن