ما تحت المنزل

3 1 0
                                    

انتهوا من تنظيف المنزل، واستسلموا للتعب المتراكم، فتوجهوا إلى الأرائك ليأخذوا قسطاً من الراحة. كان الجهد واضحاً في كل حركة قاموا بها. نظر جاسبر إلى ويليام وسأله بصوت يحمل شغفاً:

"لقد انتهينا من تنظيف المنزل، هل سنذهب لتلك الفتحة الغريبة على الأرضية الخشبية؟"

شرب ويليام قليلاً من الماء قبل أن يجيب بثقة:

"نعم، سأريك."

استوى ويليام على قدميه وبدأ يمشي نحو الفتحة، وتبعه جاسبر بلهفة. وعندما وصلا إليها، سلم ويليام الماء لجاسبر وجلس على الأرض. كان جاسبر يراقب بكل فضول، يشعر بأن هناك سراً يتخفى في عمق الفتحة.

أزال ويليام قطعة الخشب وكشف عن باب سري مغلق بكلمة سر. قال جاسبر بحماس:

"هل هناك شيء تحت الأرض؟"

نظر ويليام إلى الباب الحديدي وقال:

"شيء ضخم."

كتب ويليام كلمة السر، وانفتح الباب بصوت صرير عالٍ. طلب من جاسبر:

"احمله معي، فهو ثقيل بعض الشيء."

جلس جاسبر بجانبه وبدأا معاً في حمل الباب الحديدي الضخم، بعد محاولات عدة نجحا في دفعه بعيداً. أصدر الباب صرخات معدنية، ليتسرب الضوء إلى الفتحة الداكنة التي كانت تبتلع كل شعاع من النور.

كان الظلام عميقاً ومخيفاً، لكن ويليام لم يبدُ عليه القلق. نزل في السلالم دون تردد، فأصبح جاسبر فضولياً أكثر. قال جاسبر مستفهماً:

"أنت لست خائفاً من الظلام؟"

ضحك ويليام وهو ينزل السلالم وقال:

"أخاف؟ لا تضحكني. أنا قد رأيت أشياء أكثر رعباً من الظلام. رأيت عائلتي تموت والشرطة تلاحقني وتظن أنني مختل عقلياً. كيف أخاف من الظلام؟"

نزل ويليام إلى الأسفل وقال له:

"ماذا، هل تخاف من الظلام؟"

أجاب جاسبر باهتزاز خفيف:

"لا، ليس لدي خوف من الظلام. إنه أمر بسيط بالنسبة لي."

ضحك ويليام، وعندما وصل إلى القاع، أضاء الأنوار فجأة، ليكشف عن غرفة مضاءة ومريحة. بدأ جاسبر ينزل السلالم، بينما كان ويليام ينظف ويرتب المكان.

عندما نزل جاسبر ونظر حوله، تجمد في مكانه. كانت الغرفة مليئة بأجهزة الكمبيوتر الضخمة، وكأنها وحوش معدنية صامتة تتنفس من بين الأسلاك والشاشات المتوهجة. الأدوات التكنولوجية كانت منتشرة في كل زاوية، والكاميرات تراقب بلا توقف، وكأنها عيون لا تنام. كانت الجدران مزينة بتفاصيل فنية رائعة، تمنح المكان لمسة من الغموض والجمال.

في وسط هذه الفوضى المنظمة، كانت هناك طاولة ضخمة مثقلة بأجهزة الكمبيوتر وأدوات الاختراق. كل جهاز ينبض بالحياة، يعرض أكواداً متوهجة ومعقدة. كان هذا هو المكان الذي يمكن فيه أن يتحقق خيال جاسبر، حيث تلتقي العبقرية بالتقنية، ويصنع فيها مصيره بيديه.

قال ويليام لجاسبر:

"هذه الغرفة كلها لك، لأنني لا أجيد استخدام الحاسوب وأنت تتقنه."

ناظر جاسبر بذهول، لم يستطع تصديق ما سمعه:

"ماذا؟ كل هذه الغرفة بأجهزتها لي؟"

اقترب ويليام منه ووضع يده على كتفه:

"نعم، كل هذا لك. عندما توفي والدي وعائلتي، لم يكن هناك من يجيد استخدام الحاسوب، فكل هذه لك، استمتع بها."

اتسعت ابتسامة جاسبر وحضن ويليام بشدة:

"أنت لا تعلم كم حلمتُ بهذه الغرفة. أنت حقاً أفضل صديق لي. أنا سعيد بمساعدتي لك، أنت الأفضل!"

ضحك ويليام قليلاً وداعب شعر جاسبر:

"أنا سعيد لأنك صديقي المقرب."

ابتعد جاسبر عن الحضن واقترب من الحواسيب، وبدأ بفتحها. كانت لا تزال تعمل بكفاءة، فقد صممت لتبقى فعالة لمدة أربعين سنة لأغراض التجسس.

بينما كان يشغل الحواسيب، أضاء أحد الشاشات الأخبار، حيث كانت تتحدث عن اقتحام منزل جاسبر. اندفع ويليام وجاسبر نحو الشاشة، وسمعوا الأخبار تقول:

"اقتحمنا اليوم منزل فتى يدعى جاسبر، ووجدنا بقايا دماء تحت الأريكة، ولم يكن هناك أحد، كما اختفت نصف الأغراض. هذا يدل على أنه هرب مع المجرم الذي نبحث عنه، والذي لقبته الشرطة بـ 'دارك شادو' لأنهم لا يعرفون أي شيء عنه. كما وصفت الشرطة جاسبر بالمختل عقلياً والمجنون لأنه قتل عائلته."

عند سماع ويليام للأخبار، تغير وجهه بشكل مفاجئ، وامتلأت عينيه بالغضب. قال بصوت عميق ومخيف:

"يجب علينا التخلص من الهمس القاتل **الآن**، ويجب علينا سرقة الأسلحة والقنابل من مقر الشرطة **الآن**!"

......

دُمــوعْ الـإنْــتــقَـامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن