CHAPTER_04

62 12 0
                                    

--------------------------------------------------

كان الفجر قد بدأ يلوح في الأفق عندما وصلت ليانا والحارس إلى حدود قرية صغيرة تقع في سفح أحد الجبال الشاهقة. كانت القرية محاطة بغابة كثيفة، مما جعلها تبدو كملاذ آمن مخفي عن أعين الغرباء. بدا المكان هادئًا بشكل غير طبيعي، وكأن الزمن توقف عند حدود هذا المكان.

توقف الحارس أمام بوابة خشبية كبيرة كانت تحرس مدخل القرية. نظر إلى ليانا بعينين متعبتين لكنهما كانتا تلمعان بتصميم قوي. "نحن هنا. هذه القرية هي موطن فارس عظيم كان في يوم من الأيام واحدًا من أقوى حلفاء والدك."

نظرت ليانا إلى البوابة برهبة. "ولكن... كيف سنقنعه بالتحالف معنا؟ نحن في موقف ضعيف، ولا نملك سوى القليل."

ابتسم الحارس بمرارة. "هذا صحيح، لكننا نملك شيئًا لا يقدر بثمن. دمك الملكي هو ما يجعلك الوريثة الشرعية للعرش، وهذا يعني أن الناس في هذا العالم لن يتجاهلوا وجودك. الفارس الذي سنلتقيه يدعى كايل، وكان من أوفى وأقوى رجال أبيك. إذا استطعنا إقناعه، فسيكون لدينا قوة كبيرة في صفنا."

دفع الحارس البوابة الخشبية ببطء، وأصدرت صريرًا حادًا وهي تفتح لتكشف عن القرية الهادئة. كانت البيوت صغيرة ومبنية من الخشب والحجر، وزُيِّنت ببساطة تدل على الحياة الريفية التي يعيشها سكانها. الأطفال كانوا يلعبون في الساحة الوسطى، بينما كانت النساء ينسجن القماش بجانب البيوت، وعند رؤيتهم للحارس وليانا، توقفت جميع الأنشطة، وبدأ الناس في التحديق بهم بريبة.

"من هؤلاء؟" همس أحد الرجال الجالسين بالقرب من أحد البيوت، بينما تحرك آخرون بحذر نحو الداخل.

تقدمت ليانا ببطء، وهي تشعر بثقل نظرات الناس عليها. أدركت أن هذه القرية كانت واحدة من القرى القليلة المتبقية التي لا تزال تحتفظ ببعض الحياد في زمن مورغريم، وربما كانت الحصن الأخير الذي يمكن أن يعتمدوا عليه في مواجهته.

وصلوا إلى ساحة صغيرة في وسط القرية، حيث كانت هناك نافورة قديمة مصنوعة من الحجر، ينبعث منها صوت خرير الماء الهادئ. وقف الحارس وليانا أمام منزل كبير نسبياً مقارنة بالبيوت الأخرى، مع درع فضي معلق فوق بابه.

"هذا هو منزل الفارس كايل." قال الحارس بصوت خافت.

"هل تعتقد أنه سيوافق على مساعدتنا؟" سألت ليانا، محاولة إخفاء قلقها.

"ليس لدينا خيار آخر سوى المحاولة." أجاب الحارس وهو يتقدم نحو الباب ويطرق عليه بقوة.

لحظات قليلة مرت قبل أن يُفتح الباب ببطء، وظهر رجل ضخم البنية، بشعر أشقر طويل يتدلى على كتفيه. كان يرتدي درعًا قديمًا ولكن نظيفًا، وعيناه الزرقاوان كانتا تحملان نظرة حادة وقاسية.

"من أنتم؟ وما الذي جاء بكم إلى هنا؟" سأل كايل بنبرة مليئة بالشك.

تقدم الحارس خطوة للأمام وانحنى احتراماً. "أنا سيريل، أحد حراس الملك الراحل، وهذه هي ليانا، ابنته ووريثة العرش الشرعية."

عند سماع اسم ليانا، تغير تعبير وجه كايل بسرعة. "ليانا؟ ابنة الملك؟" قال بدهشة وهو يقترب منها، محدقًا في وجهها بتمعن.

"نعم، أنا هي." قالت ليانا بثقة رغم أنها كانت تشعر بالارتباك من النظرات المترقبة للفارس.

"كيف يمكن أن تكوني هنا؟ لقد سمعت أن مورغريم قضى على كل أفراد العائلة المالكة." قال كايل بصوت مليء بالشك.

"لقد نجوت بفضل الحراس المخلصين مثل سيريل. وأنا هنا الآن لأطلب تحالفك معنا في استعادة المملكة." قالت ليانا، محاولًة إظهار القوة في صوتها.

توقف كايل للحظة، ثم أدار وجهه بعيدًا وكأنما كان يفكر بعمق. "أنت تدركين أن التحالف معك يعني مواجهة قوة عظيمة؟ مورغريم ليس فقط حاكمًا ظالمًا، بل هو أيضًا سيد سحري لا يُستهان به. وسيكون ذلك بمثابة إعلان حرب."

"أدرك ذلك." أجابت ليانا بسرعة. "ولكنه أيضًا سيد ظالم يسعى لتدمير كل ما تبقى من مملكتنا. إذا لم نقم بالتحرك الآن، فقد لا يكون لدينا فرصة أخرى."

تبادل كايل نظرة مع سيريل، ثم قال بنبرة هادئة: "كانت والدتك امرأة قوية، ووالدك كان ملكًا عظيمًا. إذا كنتِ تمتلكين نفس القوة والإصرار، فسأكون إلى جانبك."

"سأفعل ما بوسعي لاستعادة المملكة." قالت ليانا بحزم، لكنها شعرت أن كلماتها كانت تحمل وزنًا أكبر مما كانت تتوقع.

"إذن، نحن متحالفون." قال كايل وهو يمد يده ليصافحها. "لكننا بحاجة إلى خطة محكمة. مورغريم ليس خصمًا عاديًا، وقواته تسيطر على معظم المملكة."

صافحت ليانا يد كايل، وشعرت بحرارة عزمه وقوته تتسلل إليها. "أعرف ذلك، وسأحتاج إلى توجيهك وخبرتك في هذا الأمر."

"سنبدأ فورًا." قال كايل وهو يلتفت إلى سيريل. "عليكم أن تستريحوا قليلاً، فلدينا الكثير لنفعله."

قادهما كايل إلى داخل منزله، حيث جلسوا حول طاولة كبيرة مصنوعة من الخشب الثقيل. أخرج كايل خرائط قديمة للمملكة ووضعها أمامهم. "لدينا بعض الأصدقاء في الجنوب، ولكن علينا أن نتوخى الحذر في كل خطوة نقوم بها."

بدأ كايل في شرح الخطة، مشيرًا إلى مواقع القوات المعادية والمناطق الآمنة. كان واضحًا أن التحالف مع كايل كان الخطوة الأولى في رحلة طويلة وخطيرة لاستعادة المملكة. ومع ذلك، كانت ليانا تشعر ببعض الأمل لأول مرة منذ بدأت هذه الرحلة.

بينما كانت تستمع لكايل، أدركت أن هذا التحالف لم يكن فقط لمصلحتها، بل كان لمصلحة كل من عاش تحت ظل حكم مورغريم. كان عليهم أن يكونوا أقوياء، وأن يعملوا معًا لهزيمة الظلم.

ومع بزوغ الفجر الجديد، كانت ليانا تعلم أن اليوم قد بدأ بداية جديدة، بداية لتحالف قد يغير مصير المملكة بأكملها.

--------------------------------------------------

مملكة الظلال: صعود ليانا || Kingdom of Shadows : The Rise of Lyannaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن