أول الصباح الباكر وخارج غرفة الاجتماعات في أحد المصانع الكبرى لتصنيع الأدوية والعقاقير وقف مجموعة من الأطباء والباحثين والموظفين يتبادلون الأحاديث الجانبية ويتناولون القهوة والفطائر قبل انعقاد اجتماع مهم مع رئيس الشركة.
د. ابتسام) وهي ترتشف قهوتها : من النادر أن يأتي الرئيس لزيارة المصنع .. بالعادة يطلب عقد الاجتماعات في مقر الشركة الأم (د. فاروق) قاضياً فطيرة متأملاً الموظفين والطاقم الطبي الواقف في أرجاء المكان : يبدو أن هذا الاجتماع ليس عادياً .. سمعت أن مالك الشركة سيكون حاضراً كذلكد. ابتسام) بقلق : هل تظنهم سيغلقون المصنع بسبب الخسائر في
المبيعات مؤخرا ؟
د. فاروق) : لا أستبعد ذلك فالشركة قدمت تقريرها للربعين
الأول والثاني من هذا العام وكانا مخيبين جداً للأمال
دنا منهما شخص يلبس معطفاً أبيض وشاركهما الحديث قائلاً : نحن لم ننتج عقارًا أو مصلاً مميزاً منذ سنوات وكل ما ننتجه مجرد أدوية ومسكنات تنتجها شركات أخرى وبأسعار منافسة
د. ابتسام) : أهلاً دكتور نجيب) .. لم أرك منذ مدة
(د. نجيب) : كنت في رحلة عمل خاصة بالشركة الحضور بعض الندوات والمؤتمرات في محاولة لعلاج التقصير الحاصل في المصنع ولم أعد إلا بالأمس
د. فاروق) : ومن يلام على هذا التقصير يا دكتور ؟ .. ألست
أنت رئيس قسم الأبحاث ومن المفترض أن تطور لنا عقارًا جديدًا يرفع من أسهم الشركة؟ د. نجيب) : هل تحاول إلقاء اللوم علي في تدهور هذه المنظومة
المتهالكة ؟
(د. ابتسام) : من نلوم إذا ؟ .. معظمنا يعمل في أقسام تهتم بالجودة
والإنتاج ولسنا من يعمل في معامل التصنيع والأبحاث(د. نجيب) : اللوم كله يقع على مديرنا الجبان الذي يرفض تزويدنا بالميزانيات اللازمة لتطوير عملنا .. كيف يريد منا تطوير عقاقير جديدة دون دعم مالي مجز لشراء الأجهزة الحديثة والمتطورة والمواد اللازمة لعمل الأبحاث ؟ د. فاروق) : استغل هذا الاجتماع واطرح الأمر
(د. نجیب) : وما الفرق ؟ .. هذه لن تكون المرة الأولى التي أثير
فيها الموضوع معه
د. ابتسام) : الفرق هو أن المالك سيكون حاضراً هذه المرة وقد
يكون له رأي آخر
صمت (د. نجيب) متفكراً ...
قاطعت الحوار فتاة قصيرة القامة بشعر أسود أملس وأعين رمادية في العشرين من عمرها تقريبا. اقتربت ووقفت بجانب الدكتورة
(ابتسام) وهمست في أذنها لتهز رأسها وتشير لها بالانصراف.
د. فاروق) يتأمل الفتاة وهي تسير مبتعدة قائلاً : من هذه الفتاة الغريبة ؟
أنت تقرأ
الغيهب
Fantasyأن تكون أعمى والحقيقة متجلية امامك فهذه طامة وأن تكذب تلك الحقيقة وانت لم تعايشها فهو غباء، فاليوم كل شيء ظاهر امامنا فالخيال الذي نراه في المسلسلات بالأساس حقيقة مدسوسة في سم الخيال .