واحد و عشرون~✿ ألم لا يُفارق الروح

88 11 3
                                    


وجُوههم لا تُفارق خاطري..

وجوه المرضى الذين عَاشوا مُطولاً في هذا المكان و رحلوا في النهاية كونَهُم لم يستطيع أيٌ مِنهم تحمل ألمه..
ب

ات هذا المكان رمادياً..ذاتْ المكان الذي أعتادت فيه ملامح المرضى على الإبتسام رِضى بما يَحُول بهم..
تلونت حيطان هذا المبنى البيضاء بألوان قَاتِمة و تبلدَّت أسقفه بِهُموم المرضى الميؤوس منهم،
مات المريض و رَحل المُمرض و توقف الطبيب عن العمل!
تَواترت أيام باهتة و كئيبة على هذا المشفى،
يتردد في ذِكرى الجميع ذاك اليوم الذي ماتت فيه الممرضة البَشوشة..
و ما جعل الوجوه جَزيلةَ الهَم و فارغة المشاعر، رحيلُ طَبيبهم الذي عالجَ جِراحهم الغَليظةَ في أعماق قُلوبهم،
وطأة رَحِيله على المرضى و المُوظفين زاد من بُؤسهم و تجريدهم من المشاعر..
لاحَ ليَّ الموت عدة مرات و لا زلت أرى نفسي أُلوح برحابةِ صَدر له في اليوم مِئة مرة..
حِيطان غُرفتي الباهتة باتت تنعى وفاتي كُل يوم كُلما وجدتني توقفتُ عن التنفس للحظات..
كُلٌ يُغني رجائه بأنفاس مُثقلة..
مُتمنياً أن تتوفاه المِنية في طَرفة عين، مَل الجميع من الإنتظار و ما عادت جُمل الأطباء اليائسة تُفيد..
ما عاد يُفيد الإنتظار، الإنتظام في الأكل، أو إلتزام الدواء..
إما أن يرحل المريض و لا يعود، راضياً على الرغم من أنه قد يكون بائساً حزيناً محطماً إثر حياته التي لم يعشها..
أو يُكتب له العيش بقية حياته في هذا المبنى الشاهق..الواسع المليء بالغرف التي تُخفي الألم خلف أبوابها...
و يبدو لي بأن هذا قد كُتب لي بالفعل..كوني سأسكُن تحت سقف غرفتي منتظرةً الغفوة التي لا أعاود الإستيقاظ مِنها،
على الرغم من أني لا أُفوت اي أدوية و لا أي فحص..أستمر بالإعتناء بصحتي و أكل طعامي....
على أمل وحيد..
أمل أن أتحسن و أخرج لإيجاده، لا أزلت أود أن ألمح وجهه لمرة..سأكون جشعة إن قُلت أني بحاجة لرؤيته يبتسم!
بات قلبي يُمزقني ألماً كُلما تذكرته، ألم شديد أكثر شِدة من الألم الذي يراودني عادة،
هذا ما يجعلني أتألم و أحتضر دائماً..
ما عُدت أشعر بذاك الألم الذي أُدركه جيداً..
أشعر بألم مختلف،
ألم يصعب وصفه..كُلما وجدت نفسي اُبحر في عقلي و قلبي يقود القارب..
كُلما فكرت ببقائي هُنا، سبب موت الممرضة 'يونغ مين'..'سوبين'..سينقكوان و المرضى الذين أعتدت الدردشة معهم من وقت لآخر بِتُّ أراهم يرحلون واحداً تلو الآخر..
و جونغهان!..
أشعر بالألم عميقاً يحفر داخلي كُلما تذكرته، لا يفارق كوابيسي..
إن كان بمقدوري لمرة واحدة و لدقائق قبل أن أموت، أن أخرج من هنا لرؤيته..لأصل إليه و أخبره أنّي ممتنة له لكل دقيقة ثمينة ضيعها في مواساة مريضة ميؤوس منها بسبب قلبها المضطرب..
اتسائل إلى متى سيدوم هذا؟..إلى متى سيستمر الألم بمراودتي طوال الوقت؟ حينما أُعمض عيني و حينما أفتحهما، حينما أنظر لسقف الغرفة أو حيطانها، حينما أرى ملامح المرضى الباهتة و الممرات المظلمة؟
مر شهر..و لا زلت في مكاني أقف بدون حراك، أتمنى بقدوم يومٍ جليل مُبارك يحمل معه الموت لقلبي المشتعل جمراً.....
هل علي التوقف عن ذلك؟..التوقف عن التفكير بهم، و أن أعيش بطبيعية مُنتظرة لذاك اليوم؟
أعلي أن أنساه كي أشعر بالشفاء؟
أبِمقدورني أن أنسى دوائي لكي أُشفى..يون جونقهان، إني بحاجة لأن أنساك كي استطيع الإستمرار بالعيش!

PRINZMETAL||برينزميتال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن