Chapter 6 ZAYN

2 1 0
                                    

بدأ اليوم الجديد في الشركة بلمعان أشعة الشمس على زجاج المبنى العملاق الذي يشق السماء في قلب المدينة. داخل الطابق العلوي، كان زين المنصور يستعد لبدء يوم آخر من العمل الشاق والمليء بالتحديات. جلس زين خلف مكتبه الكبير، وكان يحمل كوب قهوته المعتاد، يأخذ رشفة بينما كانت عيناه تتابع شاشة الكمبيوتر بعناية. كان الوقت مبكرًا، وقبل أن تبدأ الاجتماعات والمكالمات، قرر أن يراجع الكومة الأخيرة من السير الذاتية التي كانت تنتظره منذ يومين.

أخذ زين نفسًا عميقًا، ووضع كوب القهوة جانبًا. نظر إلى الكومة الكبيرة من الملفات الورقية التي تراكمت على طرف مكتبه. تلك السير الذاتية كانت تمثل آمال وأحلام العديد من الأشخاص، لكنه كان يرى فيهم مجرد أرقام وقرارات مالية. كل ما يهمه في النهاية هو من يستطيع أن يحقق له الأرباح.

أمسك بالملف الأول بحركة سريعة، وبدأ في تصفحه بتركيز. كانت عينيه البنيتين القويتين تمران بسرعة عبر النصوص المكتوبة، يبحث عن أي شيء قد يكون ذا قيمة. كان زين معروفًا بقدرته على تحديد الفرص الواعدة من خلال قراءة سريعة ودقيقة، لكن معظم هذه السير الذاتية لم تكن تثير اهتمامه. كان كل ملف عبارة عن مجموعة من التفاصيل المتكررة، أفكار مشابهة وطموحات قديمة.

**"لا شيء مميز هنا"،** فكر زين، وهو يضع الملف الأول جانبًا دون أي تعبير على وجهه. استمر في تصفح الملفات، واحدًا تلو الآخر، بسرعة وكفاءة. كانت حركة يده ثابتة، بينما كانت أصابعه تمر عبر الأوراق بخفة. كلما مر على سيرة ذاتية جديدة، كان يبحث عن شيء يلفت انتباهه، ولكن لم يجد شيئًا حتى الآن.

بينما كان ينتهي من مراجعة الملف العاشر، شعر بقليل من الإحباط. "هل هناك أي شيء هنا يستحق الوقت؟" تساءل في نفسه، ثم توقف للحظة، قبل أن يأخذ الملف التالي. عندما بدأ بفتح الملف التالي، ظهر أمامه شيء مختلف قليلاً. **"أمبر الفاروق"**، كان هذا هو الاسم الذي كُتب على الصفحة الأولى.

رفع حاجبيه قليلاً عندما قرأ الاسم، ثم بدأ بقراءة ما كتبته أمبر بعناية أكبر. كانت التفاصيل الشخصية عادية، لكنه لاحظ في الفقرة التالية شيئًا يثير الاهتمام. تحدثت أمبر عن تجربتها في إدارة مشروعها الصغير، وعن شغفها في تقديم شيء مميز للمجتمع. كلماتها كانت تحمل روحًا من الإصرار والتحدي، وهذا ما جعله يتوقف قليلاً.

بدأ زين يشعر بفضول غير مألوف. كان هناك شيء في طريقة كتابة أمبر وصدق كلماتها يلفت انتباهه. "هذه الفتاة ليست مثل البقية"، فكر وهو يتعمق أكثر في القراءة. كان هناك شيء في السطور يوحي بأنها لا تبحث فقط عن المال أو الفرصة، بل كانت تبحث عن التغيير، عن تحقيق حلم لطالما كافحت من أجله.

عندما انتهى من قراءة السيرة الذاتية، وضعها جانبًا بحذر، ثم استند على كرسيه الجلدي الفاخر. أخذ لحظة للتفكير، بينما كانت عيناه تركزان على السقف. "لماذا أشعر بأن هذه الفتاة قد تكون استثناء؟" تساءل في نفسه.

رغم أنه كان يركز عادة على الأرقام والعوائد المادية، إلا أن هذا الملف بالذات جعله يتساءل عن مدى قدرة هذه الفتاة على تقديم شيء جديد. "هل أستطيع الوثوق بشخص مثلها؟" فكر بعمق، ثم ألقى نظرة على الكومة الكبيرة من الملفات التي لم يراجعها بعد. كان يعرف أن لديه الكثير من العمل ليفعله، لكن هذا الملف بالتحديد جعله يتوقف.

في تلك اللحظة، سمع طرقًا خفيفًا على باب مكتبه. كان سمير، مساعده المخلص، يقف هناك بيده ملف إضافي. "سيدي، وجدت هذا الملف في بريد الشركة صباح اليوم. يبدو أنه من نفس المجموعة السابقة، لكن تأخر وصوله."

نظر زين إلى سمير ببرود، ثم أشار إليه بوضع الملف على المكتب. "اتركه هنا. سأنظر فيه لاحقًا."

وضع سمير الملف على المكتب وغادر بهدوء، بينما بقي زين جالسًا في مكانه، يفكر في الخيارات المتاحة أمامه. أخذ الملف الجديد وفتحه بنصف اهتمام، لكن عقله كان لا يزال مشغولًا بما قرأه في سيرة أمبر.

"ما الذي يميزها عن البقية؟" تساءل مرة أخرى. كان هناك شيء في طريقة كتابتها يجعله يتخيل طموحها، ورغبتها في تحدي الواقع وتغيير حياتها وحياة من حولها. بدأ يتخيل كيف ستكون الفتاة التي كتبت هذه الكلمات، وكيف يمكن أن تكون شريكة في مشروعه.

بينما كان يغرق في أفكاره، استعاد تركيزه سريعًا. "ليس لدي وقت لأضيع على التخمينات. العمل هو المهم الآن." وضع زين الملفات على جانب الطاولة، وعاد لتركيز انتباهه على شاشته. لكن على الرغم من محاولته، كانت كلمات أمبر لا تزال عالقة في ذهنه، تثير بداخله تساؤلات لم يعتد عليها.

مع مرور اليوم، كان زين يغرق في عمله المعتاد. مراجعات، تقارير، اجتماعات، كلها كانت تشغله عن التفكير في ملف أمبر. لكن كلما عاد إلى مكتبه، كانت تلك الورقة تبرز أمامه، تذكره بأن هناك شيء مختلف في هذا اليوم.

مع اقتراب الليل، وعندما بدأ التعب يأخذ منه، نظر زين إلى كومة الملفات مجددًا. "غدًا سأقرر. الآن لدي الكثير من العمل." قال لنفسه وهو ينهض من مقعده. كانت الملفات لا تزال تنتظر، بما فيها ملف أمبر، الذي كان يحتفظ ببذرة حلمٍ قد تغير مجرى حياتها.

غادر زين المكتب، تاركًا وراءه ملفات الطموحات والتحديات التي تنتظره في اليوم التالي. كان يشعر بثقل اليوم على كتفيه، لكنه كان يعرف أن الغد يحمل معه قرارات جديدة قد تكون حاسمة.

LolWhere stories live. Discover now