Chapter 3 ZAYN

4 1 0
                                    

في مبنى الشركة المكون من أربعين طابقًا والذي يعانق السماء في قلب المدينة، كان زين المنصور يجلس في مكتبه الفخم بالطابق العلوي. واجه زين نافذة بانورامية ضخمة تطل على المدينة، تعكس ضوء الشمس الباهت في عينيه البنيتين العميقتين، اللتين كانت تركزان بكل دقة على شاشة الكمبيوتر أمامه. كان المكتب بحد ذاته يعكس شخصية زين: أنيق، منظم، ومرتب بعناية فائقة، تمامًا مثل كل شيء في حياته.

كانت الطاولة الخشبية اللامعة خالية تقريبًا من أي شيء باستثناء بضع ملفات مرتبة بدقة في زاوية، وحاسوبه المحمول اللامع الذي كان يشع ضوءًا خافتًا على وجه زين المليء بالتفكير والتركيز. خلفه، كان هناك رف من الكتب، معظمها عن الأعمال التجارية، الإدارة، وبعض الروايات التي قرأها منذ زمن بعيد.

زين كان يجلس بهدوء، مستغرقًا في عمله، عينيه تتابع الأرقام والمخططات على الشاشة بإصرار. كان كل رقم وكل خط بياني يمثل جزءًا من استراتيجياته لتحقيق المزيد من النجاح لشركته. بالنسبة له، كانت الأرقام هي اللغة الوحيدة التي يفهمها ويتحدث بها بإتقان. كان مهووسًا بكل تفصيل صغير، وكل معاملة تمر عبر شركته يجب أن تخضع لرقابته الصارمة.

بينما كان يستعرض البيانات، جاء صوت طَرق خفيف على الباب، مما قطعه عن أفكاره. لم يكن يحب الانقطاعات، خاصة عندما يكون في وسط تركيزه. ألقى نظرة سريعة نحو الباب وقال ببرود: "ادخل."

فتح الباب ودخل مساعده الشخصي، سمير، وهو يحمل بيده مجموعة من الملفات. تقدم سمير بخطوات سريعة لكنه حذرة، وكان وجهه يعكس احترامًا ممتزجًا بقلق من رد فعل زين. "سيدي، هناك المزيد من السير الذاتية للمشاريع الصغيرة التي تقدم أصحابها للحصول على فرصة استثمار من شركتنا."

نظر زين إلى سمير بتمعن، ثم إلى الملفات التي كان يحملها. "ضعها على المكتب،" قالها بصوت هادئ لكنه مليء بالسلطة، دون أن يظهر عليه أي تعبير. كان زين دائمًا واضحًا في توجيهاته، يتوقع من الآخرين تنفيذها بدقة دون أي تساؤل.

وضع سمير الملفات على المكتب، وبقي واقفًا لبضع ثوانٍ، كما لو كان ينتظر توجيهات أخرى. لكن زين لم يكن مهتمًا بالتفاصيل الشخصية للمشاريع، بل فقط بالنتائج. لذلك قال بلهجة آمرة: "هل هناك شيء آخر؟"

أجاب سمير بتوتر خفيف: "لا، سيدي. هذا كل شيء."

أومأ زين برأسه، ملوحًا بيده كإشارة لسمير بالمغادرة. "حسنًا، يمكنك الذهاب. لدي الكثير من العمل."

بعد مغادرة سمير، بقي زين صامتًا للحظات، مستغرقًا في التفكير. نظر إلى كومة الملفات التي تركها على مكتبه. كان يعرف أن الكثير من الناس يتوقون للفرار من حياتهم الصعبة من خلال الاستفادة من هذه الفرص، لكنه لم يكن يهتم بتلك التفاصيل العاطفية. بالنسبة له، كانت كل سيرة ذاتية تمثل مجرد رقم آخر، مشروعًا محتملًا، أو خسارة محتملة.

فتح الملف الأول بيد ثابتة ومتحكمة، وأخذ يقرأ بعين نقدية كل تفاصيل المشروع المقترح. لم تكن الأفكار سيئة، لكن زين كان يبحث عن شيء أكثر استثنائية. كان يعتبر نفسه رجل أعمال لا يخطئ، شخص يعرف كيف يفرق بين مشروع ناجح وآخر محكوم عليه بالفشل. تابع زين استعراض الملفات واحدًا تلو الآخر، دون أن يثير أي منها اهتمامه. كان كل ملف يبدو وكأنه نسخة مكررة للملف الذي سبقه، لا شيء جديد، لا شيء ملهم.

عندما انتهى من قراءة معظم الملفات، شعر بقليل من الإحباط. "كل هؤلاء يسعون للخروج من حياتهم الصعبة، لكن لا أحد منهم يفهم حقيقة العمل الجاد والاستثمار المطلوب لتحقيق النجاح." كانت تلك هي أفكاره وهو يضع آخر ملف من الملفات جانبًا.

وفي تلك اللحظة، عاد سمير إلى المكتب، حاملًا بيده ملفًا إضافيًا. "سيدي، أعتذر على المقاطعة مرة أخرى، ولكن هذا الملف وصل للتو. ربما تود إلقاء نظرة عليه."

تناول زين الملف من يد سمير دون أن يظهر أي اهتمام خاص. كان يرى نفسه مشغولاً بما يكفي ليتعامل مع المزيد من السير الذاتية. وضع الملف على المكتب بجانب الملفات الأخرى وقال ببرود: "سأراه لاحقًا. يمكنك الذهاب الآن."

خرج سمير من المكتب مرة أخرى، تاركًا زين وحده مع أفكاره. نظر زين إلى الملفات المنتشرة على مكتبه، ثم عاد لينظر إلى شاشة الكمبيوتر. بالنسبة له، كان العمل هو كل شيء، والأرباح هي ما يحكم قراراته. لم يكن لديه وقت ليهتم بما يمر به هؤلاء الناس في حياتهم اليومية، كل ما يهم هو الأرقام والنتائج.

بينما كان يركز على شاشته، تجاهل الملف الجديد الذي وضعه سمير، والذي كان يحمل اسم "أمبر الفاروق." بالنسبة له، كان كل شيء يتعلق بالمستقبل، بالأرباح، بالنمو المستدام لشركته. لم يكن لديه أي نية للتورط في قصص الناس أو مشاعرهم. كل ما يريده هو التركيز على عمله وتحقيق المزيد من النجاح.

مع مرور الوقت، غرق زين مرة أخرى في عمله، واستمر في قراءة التقارير المالية، ومراجعة العقود، وتحليل الاستثمارات الجديدة. كان الوقت يمر بسرعة وهو يعمل، حتى بدأت الأضواء في المدينة تنطفئ تدريجيًا معلنة عن قدوم الليل. زين لم يلاحظ حتى غياب الشمس عن السماء، ولم يكن يهتم. كان كل ما يهمه هو إنهاء عمله اليومي، بغض النظر عن الوقت الذي يستغرقه ذلك.

عندما اقتربت الساعة من منتصف الليل، ألقى زين نظرة أخيرة على شاشة الكمبيوتر، وأغلقه ببطء. نهض من مقعده، وأخذ سترته من على ظهر الكرسي. قبل أن يغادر المكتب، ألقى نظرة سريعة على كومة الملفات التي كان ينوي مراجعتها، لكنه لم يعطها اهتمامًا كبيرًا.

"غدًا يوم جديد،" قالها لنفسه بهدوء، وهو يتوجه نحو الباب. كان يعلم أن لديه المزيد من العمل ليقوم به، لكن بالنسبة له، هذا هو أسلوب حياته. العمل، ثم المزيد من العمل، دون التفكير كثيرًا في أي شيء آخر.

بهدوء، أغلق زين الباب خلفه، وترك مكتبه المضاء بالخلف، لينتهي يوم آخر من حياته المشغولة، تاركًا خلفه تلك الملفات غير المقروءة، بما فيها الملف الذي كان يحمل اسم أمبر، الفتاة التي تحمل حلمًا كبيرًا ورغبة في التغيير.

LolWhere stories live. Discover now