الفصل السادس

5 1 0
                                    

جاء الصباح و قررت بالفعل أن تتنازل عن حجابها أمامه ، فأنزلت ذيل الحصان البني الذي تعشقه و تركته ينساب على ظهرها ..
و ذهبت لتعد الفطور ، و عندما كانت تضعه على المائدة لم تلحظ ذلك الذي فتح عينيه على صوت الأطباق التي تعدها في المطبخ ، فابتسم و تمطي بكسل ، و شاهدها و هي تصل للمائدة ، فرفع حاجبيه فرحاً برؤيتها دون حجاب ..
و أخذ يتأمل ذلك الذيل البني في إعجاب شديد ! ..




ملامحها نفس ملامح شقيقها الغيور ، لكنها أحلى منه بمراحل ..
عينيها بنيتان و بشرتها بيضاء مثله ، لكنها تظل أحلى بنظره ..
عكس أخيهما الأكبر (سالم) ، فملامحه بعيدة
عنهما ..
قمحي البشرة لوالده و شعره بلون الليل الحالك ..
و عندما استدارت لتعود للمطبخ تصنع أنه لا زال نائماً حتى لا يخجلها ، و عندما انتهت جاءت إليه لتوقظه قائلة بمكر :
_ أعلم أنك قد استيقظت ..



فأنت فاشل في التمثيل و عيناك تتحركان من تحت جفونك ..
فهيا اذهب إلى الحمام لتغتسل ، و تأتي لتناول الطعام .
فضحك بخفة و هو يفتح عينيه ليرى وجهها المتورد رغم سخريتها منه ، فأمسك يدها فجأة لتتسع عينيها ، لكنه لم يمهلها فرصة للهرب ، و اعتدل مسرعاً ليمسك وجهها بيده الأخرى ليقبل وجنتها قبلة خاطفة و قال بعدها بتيه شعره وهو يتطلع لعينيها من هذا القرب :
_ صباح الخير يا زوجتي الحبيبة .



فقاومته ليتركها ببساطة بعد أن نال ما أراد ، لتقول هي بغيظ و قد ازداد احمرار وجهها :
_ لم نتفق على هذا ، سأعود كما كنت .
فقال ضاحكاً :
_ حذاري حبيبتي ، نحن لم نتفق على الكثير ، لكن دعيني أوضح لكِ الأمر .
و قام ليجلس على مقعده ، و عندما استقر فوقه نظر إليها قائلاً بابتسامة ساحرة :
_ نحن زوجان حبيبتي ، لا يصح أن نبيت في مكانين مختلفين ..
و لا أفعل هذا سوي لأعطيكِ فرصة كي تتعرفين عليّ جيداً و تألفينني ، و لأن حالتي كما

ترين ..
لكن هذا لم يمنع من أن نتقارب أكثر ، و ألا تغلقي عليك الباب ..
لماذا تغلقين باب غرفتك ؟! ..
أليس من الطبيعي أن أكون داخلها معك ؟ .
تمنت أن تنشق الأرض و تبتلعها تلك اللحظة من شدة الخجل ، فرحمها قائلاً بحنان :
_ أدرك تماماً أن الأمر صار بسرعة مفاجئة لكلينا ، و لهذا قد وضعتك بمرتبة خطيبتي لا زوجتي ، حتى تسمحين بتطور علاقتنا ..
هذا و مع عقد القران يعطيني الحق فيما أرغب بفعله معك ، و لا يعطيك الحق في الاعتراض .



دبت الأرض بقدميها في اعتراض ظاهري دون القول و ابتعدت عنه بسرعة ، فضحك وهو يتوجه إلى الحمام ..
مر اليوم ببساطة وسط مشاكستهما معاً حتى حلّ المساء فترجاها أن تنتظر بجواره حتى يزور النوم عينيه ، فوافقت على مضض ..
و اشعلت التلفاز ليشاهدا فيلماً ما عله يمل و ينام ..
و بالفعل أرجع رأسه للوراء و ظل يشاهد الفيلم حتى غفى ووجهه فى مواجهتها ، فحانت منها نظرة إليه ، لتجده راح في النوم بالفعل ..




تأملت بشرته البيضاء بملامحه الوسيمة و المستقيمة بشكل محبب ، و شعيراته المبعثرة السوداء التي طالت و نزلت على جبينه ..
حاولت أن ترفعها بأناملها بخفة ، فشعرت أنه سيتنبه فتوقفت ، و قامت من مكانها بجواره على الأريكة ، و أغلقت التلفاز ، و هزت كتفه برفق ليتنبه قليلاً ، فابتسم لها بعين نصف مغلقة و قال لها وهو يعتدل :
_ شكراً حبيبتي ..
تصبحين على خير .
و عاد يغلق عينه ، فجلست على مقعد بجواره حتى غط في النوم ثانيةً ..

و تركته هذه المرة على مضض ، فلقد شعرت بدقات قلبها تهتف باسمه ولا تريد تركه بمفرده ..
لكن حيائها قطعاً سيرفض رجاء قلبها ..
فذهبت لتنام و هذه المرة لم تغلق الباب بإحكام ..

***

مر الشهر و تم إنجاز المرحلة الأولى من المشروع ، و سعد كثيراً (راغب) بقرب حصوله على مبلغ القرض كاملاً ..
فدخل عليه مساعده بعد أن طرق الباب و قال له باهتمام و لهفة :


_ لقد تم ما أردنا يا سيدي ..
و المبلغ تم تحويله كلياً لحساب سيادتك دون أي تعقيدات .
فسأله باهتمام مماثل :
_ هل تأكدت من خبراء التكنولوجيا و الحسابات لدينا بنسبة مائة بالمائة ؟ .
تهللت أساريره و هو يرد عليه بإيجاب :
_ نعم يا سيدي ، و هناك تقرير يعد الآن من قبلهم و سيرسلونه لسيادتك يحتوي على كافة التفاصيل .
تنهد بسعادة و سأله مرة أخرى :
_ هل ظهر الصحفي ؟ .
هز رأسه نفياً قائلاً :
_ لا ، لم يظهر ..

لا هو و لا تلك المحامية خاصته ..
أنا واثق أنهما مختبئين في مكان ما .
أرجع (راغب) ظهره للوراء و غمغم باهتمام :
_ ذلك الصحفي لا يجب أن نأمن جانبه ..
أنا واثق أنه يحيك شيئاً ما ..
و يعلم عنا الكثير .
فقال مساعدة باستنكار :
_ لا يا سيدي ، لا أظن ذلك ..
في اعتقادي أنهما مختبئان خشية منا لا أكثر ..
لقد رأيت بنفسك ، حتى تغيير إدارة البنك للعقد لم يعوق خطتنا ..



كانوا يريدون منحنا شهر لرؤية انجازاتنا و التأكد من جديتنا في بدء المشروع ، وها قد أعطونا القرض بسهولة من دون أي تعقيدات .
مط شفتيه و قال بعدم اقتناع :
_ ربما تكون على حق ..
لكن لا تتوقف عن البحث عنه ..
فربما تحت يده ما يهددنا به ، و ينتظر اللحظة الحاسمة .
سأله المساعد باهتمام و فضول :
_ ومتى هذه اللحظة الحاسمة يا سيدي ؟! .
زوي ركن شفتيه بمعني جهله بموعدها قائلاً :



_ لا أعرف ، فإن تم نقل مبلغ القرض للخارج كما نخطط ، فسيكون اعتقادك في محله ..
أما لو ظهرت تعقيدات أخرى ، فسيكون هو وراءها بالتأكيد ..
ووقتها لن أرحمه ..
عليك أن تجعله تحت عيني إلى أن تحين لحظة مغادرتنا للبلاد .
فقال مساعده في حزم :
_ سأحاول تجنيد عدد آخر من الرجال للبحث عنه .





و كان في هذا انتهاء المقابلة ، و الخروج للبحث عن بطلنا و زوجته


***


يجلس باسترخاء تام تاركاً لنفسه الحرية في تأملها بعشق ، بينما هي تصب جل تركيزها على ذلك القاطع في يدها ، و تتبع تعليمات شقيقها دكتور (سالم) من خلال محادثة جارية بينهما صوتاً و صورة ..

سمعها تقول لأخيها بخوف :
_ (سالم) ، هل أنت متأكد من عدم جرحي له بالله عليك ؟! .
ابتسم لها بحنان ، على حين جاوبها أخيها بهدوء قائلاً :
_ (سجى) ، أنت فتاة قوية ، فلا تتركي لمخيلتك العنان لتجعلك تشكين في ثقتك بنفسك ..
الأمر بسيط للغاية ، و الجبيرة سميكة فلا تقلقي ..
و أسفلها طبقة قطنية غليظة ، لن تجعلك تصلين لجلد ساقه من الأساس ..
هو محض قطع طولي في الجبيرة و ينتهي الأمر يا حبيبتي .



تنهدت بقوة ونظرت لزوجها العاشق لتستمد منه القوة على نزع الجبيرة من حول ساقه ، فوجدته ينظر لها نظرة مشجعة هادئة ..
و بعث لها قبلة في الهواء لم يرها (سالم) ، ليشتت تركيزها الآن ، فتعقد حاجبيها بتذمر من افعاله العابثة ..
و تأخذ قراراً بألا تنظر نحوه حتى تنتهي ..
و سمت بالله و بدأت تقطع الجبيرة بحرص و حذر بالغين من الأعلى و حتى أطراف أصابع قدميه ..
و مع كل بضعة سنتيمترات تقطعها تتنفس الصعداء و كأنها تقطع آلاف الكيلومترات في سباق عدو لابد من الفوز به ..


حتى وصلت منتصف ساقه مع تشجيع (سالم) لها ، فمد (قصي) يده ليفتح الشق بقوته البدنية في تعجيل منه بقرب تحرير ساقه ، التي ظلت في تلك الجبيرة السخيفة مدة شهرين و زيادة ..
و بعد أن انتهت لم يعطي لها الفرصة أو حتى لشقيقها الدكتور لتحذيره ، بل قام واقفاً بسعادة لشعوره بقدمه تدوس على الأرض مجدداً ، بينما كان (سالم) يصرخ فيه :
_ توقف لا تفعلها .
كان قد خطا أولى خطواته و حرك ركبته و كاحله ، اللذان لم يعتادا على هذا التغير المفاجئ في



وضعهما الساكن بعد ، فانبعث منهما صاروخ ألماً جعله يطلق صرخة عالية و حاول أن يصل للأريكة مرة أخرى ، و رمي بنفسه فوقها متألماً بشدة ..
فهتف به (سالم) بحنق و دون وعي :
_ غبي ، لم هذه العجلة ؟! ..
هل غرتك قوتك لذلك الحد ؟! ..
هذه المفاصل متوقفة عن العمل مدة شهرين كاملين ، بكل عقلك تريدها الآن أن تتحرك بحرية و قد تحررت من الجبيرة للتو ؟! .
و مع مشهده ذاك و هو يطبق على عينيه بألم بالغ




انسابت الدموع من عينيها لأجله ، ونظرت لأخيها تعاتبه على تعنيفه له ، فتنفس بصوت مرتفع غاضب ، و حاول أن يهدأ و هو يقول موجه حديثه لشقيقته :
_ هناك نوع من الكريم جلبه لك (ساجد) في حقيبة العلاج خاصته ..
يومياً و لمدة أسبوعين تضعي طبقة من ذلك الكريم على المفصلين ، الركبة و الكاحل ، و يقوم هو بتحريكهم ببطء و روية و هو في وضع الجلوس ..
و لا يقف على قدميه قط في تلك الفترة ..



كمان كان يفعل وهي مجبرة ، يفعل الآن ، و سأكون معكما باستمرار لأعرف التطورات ، و أعطيكما التعليمات ..
اعطيه قرص مسكن الآن و قومي بوضع هذا الكريم على المفصلين لكن بلا أي تدريب على الحركة اليوم .
و مط شفتيه قائلاً بأسف :
_ هو في الاساس لن يجرؤ على تحريكها ثانيةً .
فأنهت المكالمة مع شقيقها و توجهت إليه لتتفقده ، ليمسح هو عينيه قبل أن تراهما باكيتان من شدة الألم وهو يخفي وجهه في ظهر الأريكة ..
فسألته بخفوت واهتمام واضعة يدها على كتفه :


_ هل أنت بخير ؟ .
أومأ برأسه إيجاباً ، و لكنه لم يقوى على الكلام ، فغادرته لتجلب له قرص مسكن سريعاً ، و كوباً من الماء ..
و قالت بتعاطف :
_ اعتدل يا (قصي) لتتناول المسكن ، و بعدها سيزول الألم بإذن الله .
فحاول أن يعتدل ، و تناول منها القرص و الماء و ابتلعهما ، و عاد ينام على ظهره و رفع ذراعه ليغطي به عينيه و قد شحب وجهه بشدة ..
فجلست على مقعده المتحرك و ألصقت ركبتيها في أريكته لتقترب منه قدر الإمكان و راحت تفرد


الكريم على ركبته فسمعته يقول بخفوت :
_ برفق يا (سجى) ، رجاءاً .
كان صوته خافت بشدة و كأنه يعاني من الدوار ، فشعرت بمدى ألمه فهمس بحنان :
_ لا تخشى شيئاً ، لن أؤلمك بمشيئة الله .
و بالفعل راحت تحرك أناملها برفق شديد بضع دقائق حتى تشرب جلده هذا الكريم ، فانتقلت لكاحله و فعلت فيه المثل ، و بعد انتهائها و جدته يرفع ذراعه عن عينيه و يبتسم لها قائلاً بنفس الخفوت :
_ شكراً حبيبتي .
بادلته الابتسامة قائلة :



_ لا شكر على واجب يا زوجي العزيز .
و قامت لتغسل يدها ، و عندما عادت مد يده لها ، فسألته بعدم فهم :
_ هل تريد شيئاً ؟ .
أجابها مغمض العينين :
_ تعالي و اجلسي كما كنتي .
ففعلت ظناً منها أنه يريدها أن تفعل شيئاً له ، ففتح عينيه و لا زال ماداً يده لها ، فنظرت له بتساؤل ، ليبتسم قائلاً :
_ ضعي يدك في يدي .
فرفعت حاجبيها ووضعتها بدهشة ، و انتظرت أن يحدث شيء ! ..


فقال لها ببطء :
_ لقد أفقدني الألم عقلي ، و شعرت بأن روحي تفارقني ..
فهل لو طلبت منكِ ألا تدعيني وحدي الليلة ستوافقين ؟ .
شعرت بخوفه حقاً مع شحوب وجهه الذي لا زال كما هو ، و هزت رأسها موافقة ، و شعرت بارتخاء قبضته حول يدها مما يدل على ضعفه العام فسألته بقلق :
_ هل تشعر بالدوار ؟ .
أغمض عينه و هز رأسه بإيجاب ، فهمست له و هي تتشبث بيده و احتوتها بين كفيها :



_ سأجلب لك عصيراً سيجعل ضغط دمك يرتفع قليلاً ، لأنه واضح أنك تعاني من هبوط في الدورة الدموية .
فقال لها قاطعاً :
_ لا ، سأكون بخير ..
لا تتعبي نفسك وجودك معي يكفيني .
ظل قلبها يتراقص لوعة لأجله ؛ فكلما فتح عينيه تجده ينظر لها و عينيه زائغتان ..
و يعود يغمضهما من جديد ، حتى لاحظت أن أنفاسه قد انتظمت ، وأدركت أنه نام أخيراً ..




تنهدت بارتياح ، و ظلت تراقبه في نومته التي من الوضح أنه سقط فيها و كأنه سقط في غيبوبة ! ..
صوت تنفسه علا تدريجياً ، فكان لابد أن تجعله يعدل من وضع رأسه ..
حاولت تنبيهه إلا أنه لم يتأثر ، فأمسكت جانبي وجهه و قامت هي بتعديل وضعيته ، و لدهشتها أتمت فعلتها دون أن تبدر منه أي حركة أو أن ينتبه لما يحدث له ..
فابتسمت له بتعاطف و عشق ، لإدراكها أن شعوره بالألم قد عصف بعقله بقوة بالغة حد أنه الآن قد انهار تماماً ..



فاقتربت منه بالمقعد و أخذت تمسح على رأسه ، و تتخلل شعره بأناملها حتى تاهت معه ، و تمنت أن تقترب أكثر ..
و بالفعل غامرت لعلمها بأنه لن يشعر و لن ينتبه لما تفعله ، مالت عليه و أهدت وجنته قبله عميقة طويلة ..
و رفعت وجهها قليلاً مغمضة العينين ، تتحسس شعيرات لحيته بشفتيها و تهمس له قائلة :
_ لا بأس عليك حبيبي ..
ستشفى بإذن الله .



و ما من قوة الآن تمنعها في إظهار عشقها له ، فأخذت تبثه إياه ، حتى شعرت أنه سيستيقظ ليجد نفسه بين ذراعيها ، و ستكون هي في موقف الموت فيه أهون من أن يراها هكذا ، فابتعدت عنه و هي مكرهه ..
و جلست على مقعد بجوار الأريكة ، و تركته بعد أن اطمأنت أن دمائه عادت تغزو وجهه مجدداً ..
كان هذا في الثانية بعد منتصف الليل ..
لهذا فقد اغمضت عينيها لتذهب هي هذه المرة في سبات عميق ..

***



استيقظ صباحاً و هو لا يدرك كيف نام بالليل ! ..
و كيف لم يشعر بشيء البتة ؟! ..
حتي أنه لم يعدل من نومته على الإطلاق ! ..
و نظر لكرسيه الذي بجانبه ، فوجده فارغاً ، ليمط شفتيه بأسف ، و قد أدرك أنها تركته ..
لكنه ما إن هم بالنوم على جانبه حتى لمحها ..
تنام على مقعد بجواره و تستند برأسها على مرفقها ، في حين أن يدها تتدلى إلى أسفل ذراع المقعد ..
فتأملها بعشق جارف ، و لم يقدم على أي حركة من شأنها أن توقظها ..




لا يعرف كم من الوقت ظل هكذا ، لكنه قرر القيام بخفة و تروي حتى لا يصدر صوتاً ..
وحرص على أن يضع ساقه المصابة في وضع ثابت حتى لا يتكرر له ما حدث بالأمس ..
و جلس على كرسيه و مشى به ببطء شديد حتى دخل المطبخ ..
صنع هو الفطور هذه المرة ، و ذهب ليغتسل ..
و اندهش بشدة لغرقها بالنوم ! ..
هذا يعني أنها سهرت بجواره ، لكن لماذا ؟! ..
لم يصل لإجابة ، فسار حتى توقف أمامها مباشرةً ، و مال يمسك أناملها ليستشعر برودتها لعدم سريان



الدم بها ، فقبلها و أخذ يدلكها برفق ليعود لها
الدم ..
فتنبهت قليلاً ، و فتحت عينيها لتواجه عينين تحدقان بها ، فانتفضت بزعر و ابتعد مغمضة العين ، لكن بعد ثواني انتبهت أنها عينين زوجها ..
فتحت عينيها و هي تعتدل و تلهث من الانفعال و نظرت له بعتاب فسألها بخفة ظل :
_ لم أكن أعرف أن رؤيتي تثير الفزع بهذا
الشكل ؟! .
فهتفت مهاجمة إياه :



_ عندما تصحو لتجد عينان تحدقان بك من هذا القرب ، و تظن أنك ستُأكل أليس هذا الشعور كافي
لتفزع ؟! .
ضحك بمرح و رفع يدها الممسك بها و قبلها قائلاً بخفوت :
_ آسف حبيبتي ، لكنني لن أعدك بعدم تكرارها ..
بل عليكِ أنتِ أن تعتادي على ذلك .
اندهشت لأنها لم تشعر بيده إلا وهو يرفع يدها بها ليقبلها ، فأخذتها منه بخجل ، فقال وهو يفسح لها المجال للمرور :
_ هيا ، اذهبي إلى الحمام و اغتسلي و تعالي لنتناول الفطور ، لقد أعددته أنا اليوم .


مطت شفتيها و قالت بدعابة :
_ عظيم ، ضمنا تلبك معوي .
فضحك بصوت متقطع ليقول لها :
_ ها ها ها ، طعامي أفضل من طعامك بمئات المرات ، و سترين .
ذهبت من أمامه و هي مبتسمة بسعادة ، لأنه قد برء من ألم الأمس ..


***

زووم إنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن