الفصل الأول: ولادة المجهول

249 12 3
                                    

الفصل الأول: ولادة المجهول

في ليلة شتوية عاصفة، غطت الغيوم السوداء سماء قصر مونت كريستو المهيب، بينما كان القمر مختبئًا خلف تلك السحب، لم يُظهر إلا بريقًا خافتًا يعكس الأجواء القاتمة التي تملأ أروقة القصر. بين جدران هذا القصر العتيق، المزخرف برموز سحرية تنبض بالقوة والسلطة، ولدت لحظة منتظرة بفارغ الصبر – لحظة ولادة وريث جديد لعائلة مونت كريستو.

لكن مع ولادة فسريس، لم تكن هناك فرحة ولا احتفال. بدلاً من ذلك، كانت الغرفة محاطة بهالة من الترقب الثقيل، ترقب يخفي وراءه مشاعر متضاربة. كانت "إيلاريا مونت كريستو"، والدة فسريس، ترقد على السرير، نظراتها الباردة والمتجمدة كانت تتجه نحو الطفل الصغير دون أي إشارة إلى العاطفة. بشعرها الفضي الطويل وملامحها الحادة، بدت إيلاريا وكأنها تمثال من رخام بارد، جمالها الأثيري لا يعكس شيئًا من الدفء الذي يفترض أن تشعر به أم تجاه مولودها الجديد.

منذ اللحظة الأولى، أدركت إيلاريا أن هذا الطفل الذي وُلد لها لن يكون كما كانت تأمل. لم ترضعه، ولم تمنحه حنان الأم. بدلاً من ذلك، بقي الطفل ملفوفًا في أقمشة فاخرة، لكنه محروم من أبسط مشاعر الأمومة. كان مصيره أن يعيش في قصر مليء بالبرودة والقسوة، منذ أول لحظاته.

كان "فاليريان مونت كريستو"، والد فسريس، يقف بالقرب من السرير، متطلعًا إلى طفله بعينين مليئتين بالتوقعات الثقيلة. عندما حمل ابنه لأول مرة، شعر بشيء غير طبيعي، شيء جعله يتوقف لحظة ويفكر. لم تكن هناك أي هالة سحرية تحيط بالطفل، لم يكن هناك أي إشعار أو مؤشر ينبئ بالقوة السحرية التي يُفترض أن تندفع في عروقه. هذا الصمت السحري كان صدمة لفاليريان، الذي كان ينتظر بفارغ الصبر ولادة وريث يستحق اسم مونت كريستو.

بصوت مليء بالاحتقار والخيبة، همس فاليريان: "لا شيء... إنه خالي من القوة...". كانت هذه الكلمات تحمل معها ثقل العار، عار لا يمكن للعائلة تحمله. فاليريان، الذي عاش حياته مخلصًا لتقاليد العائلة الصارمة، لم يستطع قبول أن يكون وريثه بلا قوة سحرية. كان ذلك بمثابة ضربة قاضية لأحلامه.

أما إيلاريا، التي كانت تراقب المشهد بصمت، لم تكن أقل قسوة. شعورها بالعار كان يملأ كيانها، ولم تستطع إخفاء خيبة أملها. لقد أنجبت وريثًا، ولكن بدون القوة التي تميز عائلة مونت كريستو. في داخلها، كانت تلوم نفسها وتكره اللحظة التي حملت فيها هذا الطفل الذي لن يرقى إلى مستوى توقعاتها.

وسط هذا الجو المشحون بالكآبة والبرود، كانت هناك شعلة صغيرة من الأمل تظهر في شخص "فينيسيا"، شقيقة فسريس الكبرى. فينيسيا، على عكس والديها، كانت فتاة مشرقة ومليئة بالحنان. عندما اقتربت من سرير شقيقها ورأته لأول مرة، شعرت بموجة من الحب تغمر قلبها. على الرغم من كل شيء، كان فسريس بالنسبة لها أكثر من مجرد وريث. كان شقيقها الصغير الذي ستعتني به وتحبه.

بين القوة والضلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن