1

116 9 0
                                    


من وسط الهمسات و الأصوات المنخفضة ، من بين الجميع تجلس مطأطأة الرأس و قد دار شريط ذكرياتها يعاد أمامها، لحظات فرحها ثم ألمها ، حزنها و بكائها،فرحها و سعادتها

ظلت تتذكر و تعتصر مخها تحاول تذكر كل تفصيلة تجمعها معهم حتى استيقظت على صوت نحيب أختها الجالسة بين أحضان عمتها المرتدية الأسود كما هو الحال مع جميع النساء الجالسات

نظرة أخيرة نظرتها للجميع قبل أن تنغمس في الظلام ابتعاداً عن كل الألم و هذا الفراق المرير، ربما مجرد كلمة بسيطة من أربع حروف لكن خلفها تقبع كل معاني الألم و الحزن ، خلفها يقبع الكثير على أمل رجوع أحبائهم و خلفها يقبع الكثير وحيداً عالماً أنه لن يعود أبداً

أغلقت عينيها و ابتعدت عن كل شيئ تاركة خلفها من على صوتهن صراخاً بعد أن وقعت أمامهن كجثة هامدة بلا روح

فتحت عينيها المتورمتين و التي تغلغلت الحمرة بهما  مخترقةً بياض قرنيتها على صوت ارتطام قوي بالأرض لتتسع عينيها قليلاً و قد تبدلت تعابيرها الحزينة ليسود عليها الصدمة و الخوف.....الخوف من فقدانها أيضاً و البقاء وحيدة ، الخوف عليها صاحبة المشاعر الهشة

حركت جسدها الذي اختل توازنه ما ان وصلت اليها لتمسك برأسها واضعةً اياه على قدمها و قد أحاطت وجهها بين يديها المرتجفتين لتحادثها بهمس يعتريه الشهيق المتقطع بينما تحرك وجهها الذي هربت الدماء منه "ملك...ملك فوقي...ملللكك"

صرخة عالية صرختها و لم تكفي لإخراج ما بجوفها من ألم و حزن فها هو الجميع يرحل واحداً تلو الآخر بدون مراعاة لها و لقلبها الذي يتحطم ألف مرة من بعدهم

أبعدتها عملتها بينما تحاول تهدأتها بأنها فقط لم تحتمل و ستفيق لكنها لم تسمعها ، لم تسمع غير أصوات مشوشة و لم ترى غير أختها التي هربت منها الحياة

دخل بتعابير تحمل الألم و المرض كذلك ، دخل ليظهر وجهه الشاحب و جسده الذي يحارب كي يتحرك ليتوجه نحو اخواته اللائي لم يحتملن خبر وفاة والدتهم ثم أبيهم

نظر لأخته التي تتسطح الأرض تبكي و على قدمها أخته الأكبر التي هزمها حزنها لتقرر الإبتعاد عن كل شيئ

حملها بين ذراعية ليتحرك مسرعاً ينقلها نحو غرفتها ثم سارع باستدعاء طبيباً من عيادة مجاورة و خلال دقائق قصيرة كان قد ذهبت أولئك النساء و لم يتبقى غير عمته التي لم تتركهم إلى الآن

تمتم متحدثاً بصوت خافت غالبه الإعياء" معلش يا عمتو خليكي جمب رحمة و أنا هفضل جمب ملك لحد ما تفوق"

أومأت عمته لتطبطب على كتفه ثم خرجت برفقة أخته الصغرى ممسكة بها جيداً تسندها خشية من الوقوع بينما جلس هو يراقب أخته ثم المحلول المعلق بيدها و أخيراً المهدئ الذي أوصى به الطبيب محزراً من أن تأخذ منه الكثير حتى لا يصبح ملجأها لكل حزن يسيطر عليها

خيوط القدر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن