هي...
عيد رأس السنة في إسطنبول
لم يكن رأس السنة مكلل بالثلوج في إسطنبول كما هو الحال في مختلف الدول المعروفة التي تستقبل السياح في هذا الموسم من كل سنة.. كان الشتاء في هذه المنطقة من الشرق الأوسط يتميز بطقس غائم ممطر، حيث تستمر العواصف المطرية بتوسد سماء إسطنبول، و تسقي الزرع و السكان بأجواء ممزوجة من الكآبة و الخير...
و على الرغم من أجواء اليأس هذه، لا تزال إسطنبول وجهة مميزة و مطلوبة في سوق السياحة و السفر و الترفيه، و لعل ذلك يعود إلى أسواقها الوفيرة، طبيعتها الخضراء الخلابة الساحرة رغم السماء الرمادية الكئيبة، و خدماتها المميزة من فنادق و مطاعم و طيران عالمي يخدم كل سنة آلاف السياح يوميا....
كان الوقت ليلا، يقارب منتصف الليل، و كانت شوارع العاصمة متكللة بالمتاجر ذات الإضاءات الذهبية، و الأعمدة الطويلة حيث تستولي محامل النور التي تتوسد رأسها على الإعجاب لرقي تصميمها... و على الرغم من أن الليل يكاد ينتصف بالفعل، إلا أن الشوارع لا زالت تغص بالسياح، متنقلين بمظلاتهم ما بين الفنادق أو المحلات، مستأنسين برنات القطرات المطيرة التي تعطي الجو إحساسا من اليأس الحزين المهدئ...
زفرت السكرتيرة ما تبقى لديها من طاقة بينما تشيح نظرها عن الواجهة الزجاجية المزينة بقطرات الماء العذبة و الشوارع العاجة بالخلق، و إتجهت بها نحو هاتفها الذي بدأت تخطط لتحطيمه بأقرب فرصة، و ذلك لأنه لم ينفك يدق منذ اللحظة التي غربت فيها شمس إسطنبول...
" أجل سيدي؟"
حاولت أن تجعل صوتها يضج بالاحترام و الطاعة، بينما كان عقلها في الداخل يرسل أسم الرسائل و الشتائم لهذا المدير المتكور الذي لا ينفك يتصل بها كل خمس دقائق...
" هل وصل الرئيس؟"
بصوته الخنزيري، كما أسمته هي، نطق بثلاثة كلمات بلجهة وقحة... و لكنها إستشعرت شيئا من الخوف يترصد كلماته عندما نطق بكلمة، ' الرئيس'...
" لا سيدي..."
" ما إن يصل، إتصلي بي فورا!!"
و أقفل الخط...
زفرت السكرتيرة بانزعاج... ألا يمل من الإتصال كل خمسة دقائق؟ لقد أوصاني بالفعل بالإتصال به، و لكنه كاللعنة يتصل بي! هل يعتقد حقا بأنني سأنسى مثلا؟! في النهاية، الغضب من هذا الخنزير لا يجدي نفعا... نفخت ما كبتته من غيض، ثم عادت لمراقبة أرصفة العاصمة التي تضج بالناس.. لا بأس، لا بدّ أنها فرصة جيدة للإبتعاد عن مكتب ذاك المدير الأخرق...
" المعذرة يا آنسة..."
بلكنة إنجليزية رقيقة، لفت صوت أنثوي هادئ إنتباهها، أدارت وجهها الى الخلف فواجهتها هالة مألوفة..
أنت تقرأ
forbidden flower || زهرة محرمة
Romansaبينما كانت هي تستمتع و تتجول في الأرجاء، لم تكن تعي تلك العيون السوداء المظلمة التي كانت تتبعها من الأعلى بنظرة راغبة... كان عاجزًا عن رفع عينيه عن هيئتها الصغيرة الفرحة، و كان قلبه ينبض بسرعة بينما يراقبها تجلس على إحدى الكراسي في مطعم الفندق... "...