وضعت أخر متعلقاتها الشخصية فى حقيبة السفر الكبيرة ، تنهدت وهى تنظر جانبها لتلك الدمية الموضوعة على الكومود لتقترب وتلتقطها ، اخذت تنظر لها بحنين والدموع تتلألأ فى عينيها قالت وهى تمسح على رأسها
" عمرى ما هنساكى يا حلا انا بس محتاجه اكون احسن يا حبيبتى ، هتفضلى طول عمرك جوا قلبى "
ثم عانقت الدمية بشدة ووضعتها مكانها مرة اخرى
طرقت نرجس على الباب برفق ثم دخلت وهى تقول بحماس
" ها جهزتى ولا لسه "
مسحت كارما الدمعه التى فرت من عينها وقالت
" اه خلاص ، نرجس انتى متأكده انك هتسيبى شغلك هنا وهتيجى معايا "
قالت بسعادة
" يعنى هى المطاعم خلصت انا شيف قد الدنيا والف مطعم يتمنانى ، وبعدين انا كنت جاية اكلمك فى الموضوع ده "
ردت كارما باستغراب
" موضوع ايه "
" بصى يا ستى انا كلمت وائل ابن خالتى هو عايش فى الغردقة وبيشتغل هناك وجابلى شغل فى مطعم كبير هناك وكمان ظبطلنا شقه ايجارها كويس نعيش فيها "
ابتسمت كارما قائلة
" انا مش عارفة اشكرك ازاى على اللى بتعمليه معايا ده "
قالت نرجس بمزاح
" لا نبقى نشوف حكاية الشكر دى بعدين يلا عشان منتاخرش على الباص "...انطلقت تلك الحافلة الكبيرة لوجهتها (الغردقة)
جلست كاما تنظر من النافذة نحو الطريق ، فهى لم تكن تخرج من منزلها منذ فترة طويلة
الا لبعض الزيارات للطبيب النفسي ، شعرت لوهلة انها نسيت شكل الشارع والاشجار والسماء وايضا الناس !
استندت برأسها للخلف واغلقت عينيها فمازال الطريق طويل امامهم
وبعد مرور بضع ساعات توقفت الحافلة فى كمين ليتم انزال جميع الركاب لحين الانتهاء من تفتيش الحافلة
قالت كارما بتساؤل
" هو فى ايه "
ردت نرجس
" ياربى بقى هيفتشوا الباص يلا يا بنتى ننزل "
وقفت كارما برفقة نرجس وباقى الركاب منتظرين انتهاء الضباط من التفتيش ،لفت نظر كارما صوت طفله صغيرة تتحدث مع والدتها بحماس وسعادة وهى تقول
" ماما احنا رايحين البحر "
لترد والدتها بابتسامه
" اه يا حبيبتى "
لتقفز الطفلة مكانها بسعاده وهى تتناول قطعة الشيكولاته التى تمسكها فى يديها .
ابتسمت كارما بحزن وعادت ذكرياتها مرة اخرى ..منذ عامين...
صرخت حلا بسعادة وهى ترى تلك الدمية التى كان يخفيها والداها خلف ظهره لتقفز من سريرها وهى تلتقطها منه وتخرجها من صندوقها لتراها عن قرب
" طب مفيش حضن لبابا اللى جابلك اللعبة "
ركضت نحوه وعانقته ثم قبلت وجنته وهى تقول
" انا بحبك اوى اوى يا بابا "
" وانا كمان بحبك يا قلب بابا "
هنا قالت كارما بسعاده
" وفى مفاجأة كمان "
نظرت لها حلا بابتسامه وهى تقول
" بجد يا ماما ايه هى "
مدت كارما يدها لتسحب حلا نحو الخارج وهى تقول
" تعالى وانتى تشوفيها بنفسك "
خرجت حلا لترى تلك الكعكة الوردية الموضوعة
على الطاولة لتصيح بفرحه وهى تقول
" الله يا ماما دى جميلة اوى انا بحبكوا اوى "
عانقتها كارما وقالت
" واحنا بنحبك اوى يا قلب ماما "
قالت حلا
" بس انا نفسي فى حاجة كمان "
رد والدها قائلا
" الاميرة بتاعتى تطلب وانا انفذ "
قالت حلا بسعادة
" نفسي اروح البحر والعب مع السمك "..." كارما كارما "
انتبهت كارما لنداء نرجس ثم قالت
" ايه يا نرجس "
قالت وهى تحثها على الاسراع
" يلا بابنتى الناس طلعت على الباص "
ركبت كارما الحافلة مرة اخرى برفقة نرجس نحو المجهول ، حدثت نفسها قائلة
" يارب استرها معايا "..
وصلت الحافلة لوجهتها اخيرا وقام الركاب من اماكنهم ليلتقطوا حقائبهم استعدادا للنزول ، نظرت نرجس لكارما فوجدتها نائمة ،هزت كتفها برفق وهى تقول
" كارما اصحى يلا وصلنا "
فتحت عينيها ببطئ وهى تضع يدها امامها تحاول الاعتياد على ضوء الشمس الساطع ،
اخذوا حقائبهم ثم استقلوا سيارة اجرة منطلقين لوجهتهم التالية ...توقفت سيارة الاجرة امام مطعم كبير ، اعطت نرجس النقود للسائق ثم ترجلت هى وكارما
قالت كارما بانبهار
" الله انتى هتشتغلى هنا يا نرجس "
قالت بابتسامه
" ايوة يا ستى ومش هتصدقى وائل طلع شريك فى المطعم ده "
ردت كارما باستغراب
" بجد مش كنتى قولتيلى انه شغال تبع الحسابات "
" لا مهو ربنا كرمه وبقى شريك فيه تعالى يلا اما اعرفك عليه"
دلفوا للداخل واخذوا ينظرون حولهم مستكشفين المكان الذى كان افخم مما يتصوروا
سمعوا صوتا يأتى من خلفهم يقول بسعادة
" الشيف الكبير بتاعنا منور "
التفتوا له لتقول نرجس بابتسامه
" وائل اخبارك ايه "
رد عليها " الحمد لله طمنينى عنك انتى غايبة بقالك فترة "
ابتسمت قائلة " هبقى احكيلك بعدين على رواقة ، اه اعرفك كارما صديقتى و زى اختى "
ثم نظرت لكارما قائلة
" كارما وائل ابن خالتى "
اومأت كارما بابتسامه وقالت
" اتشرفت بيك "
رد عليها بابتسامه مرحبة
" الشرف ليا نورتى الغردقة "
اخذهم وائل فى جولة بداخل المطعم الذى انبهروا من جمال تصميمه ، ثم نزلوا نحو مطبخه الكبير حيث عرف وائل العاملين به على نرجس وانها ستنضم لهم من الغد كأحد امهر الطهاه ، اصر وائل على استضافتهم ليأكلوا شيئا ولكن نرجس اعتذرت متحججة بانهم مرهقين من السفر مفضلين الذهاب للمنزل لينالوا قسطا من الراحة ، عرض عليهم وائل توصيلهم للمنزل ووافقوا ....وضعت كارما جميع اغراضها داخل ذلك الدولاب الواسع ثم اغلقته والتفت وهى تجوب الغرفة بعينيها ، شعرت ببعض الراحة والسعادة
دخلت نرجس وهى ترتمى على الفراش قائلة بتعب
" اه مش قادرة خلاص توضيب الدولاب تعبنى اوى محتاجه انام بتاع اربع خمس سنين "
ضحكت كارما عليها فتابعت
" خلصتى توضيب دولابك ""
" اه كله تمام "
اعتدلت وقالت " قوليلى بقى ايه رأيك فى الشقة وفى اوضتك "
تنهدت كارما براحه وقالت
" جميلة جدا والمنظر هنا مريح للاعصاب اوى ، انا فعلا كنت محتاجه تغيير فى حياتى "
ثم نظرت لنرجس وقالت برجاء
" ارجوكى متسبنيش ارجع للى كنت فيه تانى "
امسكت نرجس بيدها وضغطت عليها وهى تطمئنها قائلة
" انتى صاحبتى واختى يا كارما ولا يمكن اسيبك ابدا ".....