بداية جديدة ...التقطت هاتفها وعبثت به قليلا ثم وضعته على أذنها منتظرة الرد ، ثوانى وجاءها صوت يقول بنشاط
" صباح الخير يا كوكى معلش نزلت بدرى الصبح ملحقتش اصبح عليكى "
ابتسمت كارما بهدوء وقالت
" صباح النور ، ما انا قولت اتصل اتطمن عليكى"
ردت عليها نرجس عبر الهاتف
" متقلقيش كله زى الفل انتى ايه اخبار المحل"
"يعنى اهو لسه فى الاول بس اكيد ربنا هيكرم"
اقتربت احدى العاملات فى المطبخ من نرجس وقالت بصوت هادئ
" وائل بيه عايز حضرتك فى مكتبه يا شيف"
اتسعت ابتسامة نرجس ولكن حاولت اخفاء سعادتها وقالت بنبرة عادية
" جاية حالا "
جاءها صوت كارما عبر الهاتف تقول
" شكلك مشغولة هقفل وابقى اكلمك بعدين"
ردت نرجس بفرحة
" هقفل دلوقتى بس وهكلمك بعدين ، اه ومتنسيش هعدى عليكى بليل عشان
نروح سوا "...طرقت على الباب بخفه ثم فتحته واطلت منه برأسها وهى تقول
" كنت طلبت اجى "
ابتسم وائل مرحبا ثم دعاها للدخول ، جلست نرجس امامه محاولة الحفاظ على توازنها ، ثم سمعته يقول
" ايه الاخبار فى المطبخ كله تمام "
ردت بابتسامه واسعة
" اه كله تمام متقلقش "
صمت قليلا وكأنه فى حيرة كيف يبدأ كلامه ولكنه تحدث اخيرا قائلا
" نرجس ممكن اعزمك على العشا هنا فى المطعم بعد ما تخلصى شغلك يعنى كنت عايز اتكلم معاكى فى موضوع مهم "
تفاجأت من عرضه واخذ قلبها يدق بعنف لدرجة انها خشيت ان يسمع صوت دقاته ، حمحمت قائلة بنبرة سعيدة فشلت ان تخفيها
" ماشي مفيش مشكلة ، بس ايه الموضوع "
ابتسم قائلا بهدوء
" بليل هتعرفى "...مع غروب الشمس القت نرجس ادوات الطعام فى ذلك الحوض الواسع ليتم تنظيفها ، ثم دلفت لغرفة تبديل الثياب لترتدي ملابسها
نظرت لنفسها فى المرآه وهى تضع بعض الزينة
وقالت
" ايه القرف ده مش كنت لبست حاجه عدلة انهاردة "
ثم ضربت على رأسها وهى تقول بضحكة
" مش مهم المهم انه خلاص اخيرا حس بيا ياترى هيعترفلى بحبه ولا هيكلمنى فى ايه الحماس هيقتلنى "...جلست على تلك الطاولة التى حددها لها وهى تنظر حولها بتوتر وسعاده فى آن واحد ، فها هى احلامها سوف تتحقق الليلة ، رأت وائل مقبل عليها بابتسامته المعهودة ثم جلس امامها وهو يقول معتذرًا
" معلش اتأخرت عليكى "
اجابت بابتسامه هادئة
" لا ولايهمك ، خير ايه الموضوع اللى عايز تتكلم فيه "
اخذ وائل نفسا عميقا ثم بدأ يتحدث بعد ان وضع النادل الطعام امامهم قائلا
"بصراحة انا كنت عايز اخد رأيك فى حاجة"
اخذ قلبها يدق وقالت بنبرة متوترة
" اكيد اتفضل "
قال بابتسامه واسعة
" فى كارما "
اختفت ابتسامتها وقالت باستغراب
" كارما ! "
" يعنى بحكم انها صاحبتك كنت عايز اعرف رأيك فيها ايه يعنى اعرف معلومات عنها اكتر "
ثم تنهد بسعادة واضحه وهو يقول
" مش هكدب عليكى انتى بنت خالتى و اختى انا معجب بكارما جدا شدتنى من اول مرة شوفتها فيها هدوئها وجمالها الطبيعى ، هى دى اللى بدور عليها من زمان "
أهذا صوت قلبى الذى يتحطم !
شعرت ان الدنيا تدور بها ، كلماته نزلت عليها كالصاعقة ، بعد مده من الصمت قالت بنبرة حسرة
" ليه ! ليه يا وائل ليه ! ليه مش أنا معقول مش حاسس بيا كل ده مش حاسس بالطفله اللى كبرت كل يوم وهى متعرفش حبيب غيرك ! كنت عايشة كل يوم على امل انك تحس بيا حتى بعد ما سافرت "
رد عليها ببرود وقال
" نرجس لوسمحتى ده كان حب اطفال يعنى لعب عيال وكل ده كان فى الماضى وخلص انتى بالنسبالى زى اختى وبس "
مسحت تلك الدمعة التى فرت عينها ولملمت بقايا كرامتها ونهضت وهى تقول بجمود
" انت صح من انهاردة انت بالنسبالى مديري وبس ، واه مظنش انه هيكون ليك فرصه مع كارما لانها عايشة على ذكرى جوزها وبنتها ولا يمكن تفكر فى حد تانى "
رمت فى وجهه تلك القنبلة ، ثم تركته وانصرفت راكضة وهى تحاول ان لا تنهار بالبكاء فالليلة التى ظنت انها ستكون اسعد لياليها اصبت اسوء ليلة مرت عليها ...
***" ايوة يا مهاب خلاص يا ابنى انا بركن العربية قدام المطعم اهو "
اغلق اضواء السيارة واوقف موتورها ثم ترجل منها وتأكد من غلقها جيدا ، دس هاتفه فى جيبه وهم بالدخول من باب المطعم ولكنه رأى تلك الفتاه التى تخرج راكضة دون ان تنتبه لتلك السيارة القادمة من بعيد ، اندفع نحوها وقام بسحبها لجانب الطريق وهو يقول
" حاااسبى "
نظر لوجهها وهم ان يتكلم لكن اتسعت عيناه وقال بدهشة
" أنتى ! انتى ايه يا بنتى بترمى نفسك قدام العربيات هواية يعنى ، لو لاقية حياتك فى كيس شيبسي عرفينى "
نظرت له بحنق قائلة من بين دموعها
" اهو ده اللى كان ناقصنى "
عندما رأى حالتها اشفق عليها قفال بنبرة هادئه
" أنتى كويسة ؟"
اندهشت من حديثه معها بلطف فقالت وهى تومئ برأسها
"كويسة ، شكرا انك لحقتنى بعد اذنك "
ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يطالعها بعدما انصرفت ، ثم دلف لداخل المطعم..قال إياد بحنق وهو يجلس امام مهاب
" خير جايبنى على ملا وشي ليه "
ثم نظر حوله قائلا
" وبعدين ايه سر حبك فى المطعم ده مش فاهم"
قال مهاب بنفاذ صبر
" يا بنى اسمع مش وقت هزارك "
" ادينا سامعين "
انفرجت اسارير مهاب وهو يقول براحة
" شوكت قبل عرضنا وهنبدأ توريد من بكرة "
اتسعت عيني اياد من السعاده وقال
" شوفت كنت متأكد ان ربنا هيكرمنا "
جلسوا يتحدثون فى امور العمل الى ان رن هاتف إياد الذى ظهر عليه ملامح الحزن ، وبعد ما اغلق قال
" عامر صاحبنا عمل حادثه وهو فى المستشفى دلوقتى "
صدم مهاب قائلا
" لا حول ولا قوه الا بالله ، طب قوم بينا نروحله ده ياما وقف جمبنا "...." استنى يا أياد "
قالها مهاب سريعا ليوقف اياد السيارة وهو يقول
" فى ايه "
" فى محل ورد هناك اهو هنزل اشتريله حاجه ندخل بيها ميصحش نروح بايدنا فاضية كده"
رد عليه إياد قائلا
" ماشي مستنيك"..
وقف مهاب امام ذلك المحل الصغير رفع بصرة فوجد مكتوب عليه ( حلا للأزهار ) ، دلف للداخل ولكن لم يجد احدا اخذ يتفحص المكان حوله واعجب بديكوراته البسيطة والوانه الهادئة التى تبعث فى النفس الشعور بالراحه
حمحم قائلا
" سلام عليكم فى حد هنا ! "
سمع صوتا يأتى من باب فى اخر المحل ثم خرجت منه كارما وهى تقول بابتسامه عملية
" اهلا بحضرتك اتفضل "
عندما وقع بصره عليها شعر وكأن الدنيا توقفت من حوله ، ومع انها فتاه متوسطة الجمال ولكن ملامحها البسيطة لفتت نظره و عقله .
" حضرتك معايا "
افاق من شروده قائلا
" اه كنت عايز بوكيه ورد حلو كده على ذوقك لزيارة لمريض "
ابتسمت تلك الابتسامه التى سحرته وقالت بصوتها الهادئ
" تحت امرك "....