وضعت تلك الصينية التى تحتوى على كأسين من العصير على الطاولة ثم جلست بجانب زوجها وهى تتبادل معه نظرات التساؤل والحيرة ، رفع كتفيه بتلقائية دلالة على عدم علمه بشئ
حمحم إياد ثم مال على أُذن والده وقال بهمس
" ايه يا بابا مش ناوى تتكلم ولا ايه الناس هيناموا مننا "
تنحنح والده وتحدث وهو يشعر بالأحراج من تصرفات أبنه الهوجاء وقال
" أنا جاى انهاردة ويشرفنى يا أستاذ نادر انى اطلب ايد الآنسة نرجس أختك لإياد ابنى "
اندهش نادر من طلبه فمن هذا و لما لم تعرفه نرجس بشئ ، هم ان يبدى اعتراضه ولكن قاطعتها شيماء زوجته سريعا وقالت بابتسامه مجاملة
" اهه احنا نتشرف بيكوا طبعا بس تسمحولى بس دقيقة انا ونادر "
نظر اياد لوالده باستفهام فرفع كتفيه فى حيرة ثم رد قائلا
" اه طبعا اتفضلوا "بداخل غرفة نادر صاح قائلا
" انتى ازاى تتكلمى كده وبعدين سبينى انا لازم ادخل افهم من نرجس ايه الحكاية ، وانا اقول هى جت من الغردقة على هنا ليه وكل ما اسأل وائل عنها ميدينيش عقاد نافع"
اجلسته شيماء بحده وقالت
" متبقاش غبى الفرصه جت لحد عندنا ، تقدر تقولى نرجس هتقعد عن صاحبتها قد ايه ؟
مهما قعدت فمصير صاحبتها تشوف حياتها وتتجوز وكده هترجع تعيش معانا من تانى
اسمع منى الواد ده شكله بيحبها جوزها بقى وخلينا نخلص "
شرد نادر فى حديث زوجته ووجد انها على حق ، فخرج متوجها لغرفة نرجس ليسألها عن رأيها وتفاجأ بموافقتها عليه ، خرج لهم مرة اخرى فنهض إياد من مكانه وقد لمح نرجس وهى تقف خلف الستار تراقب من بعيد
تنحنح نادر وقال
" أنا اخدت رأيها وهى موافقه "
قال والد إياد بفرح
" على خيرة الله نقرأ الفاتحة"
اوقفهم إياد سريعا وهو يقول بأبتسامه
" أقروا الفاتحه عشان انا جايب المأذون معايا بالمرة ، اتفضل يا شيخنا "
اتسعت عيني والده وقال باندهاش
" اقسم بالله انت فى حاجه فى دماغك "
ضحكوا جميعهم ونظر إياد لنرجس ثم غمز لها لتغلق الستار وتبتسم بسعاده وتشعر بذلك الشعور الجميل لأول مرة ...***
فى قاعة كبيرة من قاعات ذلك الفندق الكبير حيث تراصت تلك الطاولات المغطاه بأغطية بيضاء حريرية ويلتف حولها مقاعد مدهبة ، يتوسطها مزهريات تحتوى على الورد الجورى الأحمر ، أقيم ذلك الحفل الرائع بمناسبة أفتتاح الفرع الثانى لشركة مُهاب .
وصل مهاب برفقة كارما للحفل وأخذ يسلم على المدعويين ويتقبل مباركاتهم ، ثم أخذ يتحدث مع بعض رجال الأعمال فى أمور تتعلق بالعمل الى ان استأذن منهم ثم توجهه لكارما وهو يقول بإبتسامه
" ايه رأيك فى الحفلة "
نظرت حولها ثم قالت بإبتسامه
" لطيفة ، القاعه كمان حلوة جدا "
نظر لها بحب قائلا
" أخترت ورد الجورى الاحمر بالتحديد عشانك "
ابتسمت بخجل وقالت
" أخدت بالى "..بالخارج صف إياد سيارته ثم هبط منها ليلف حولها ويفتح الباب ثم يلتقط يد نرجس التى هبطت منها مرتدية ذلك الفستان الطويل أزرق اللون والمرصع بتلك الفصوص اللامعه مع ذلك الحجاب الأبيض والذى اضاف مظهرا جميلا لها.
ترجلت من السيارة وهى تنظر بابتسامه لإياد والذى قال
" اتفضلى يا زوجتى العزيزة "
ضحكت نرجس ثم تأبطت ذراعه وهمت ان تمشي لكنها تعرقلت فى طرف الفستان وكادت ان تسقطت فسحبت يد إياد معاها والذى تماسك كلى لا يسقط كلاهما ، صاح بألم
" اه يا ضهرى يا بنتى كنتى هتوقعينى والبدلة هتتبهدل انا مش عارف ايه الستارة اللى انتى لابساها دى "
ردت عليه بغيظ
" دلوقتى بقت ستارة مش كان عاجبك وعينك بتطلع قلوب لما شوفته انتوا كده لازم تسدوا نفسنا اوعى كده "
دفعته برفق ثم لملمت ذيل فستانها بيدها وتوجهت نحو القاعه ، قال إياد بضحك وهو يركض خلفها ليلحقها
" استنى ياعم حسنين واخد ديلك فى سنانك ورايح فين "..كانت اجواء الحفل هادئه ورائعه ، كانت كارما سعيدة وهى تشارك مهاب نجاحه ، وفجأه رأته وهو يصعد على تلك المنصه استعداد لان يلق كلمة على الحضور
القى مهاب نظرة على إياد ليشير له الأخير بيده ان كل شئ على ما يرام ليبتسم مهاب ويبدأ حديثه
" طبعا أنا بشكر كل اللى لبى دعوتي وشرفنى انهاردة عشان يحتفل معايا بالانجاز اللى انا عملته ، وكمان حابب أشكر إياد صاحبى واخويا وشريكي على مجهوده اللى لولا ربنا ثم هو مكانتش الشركة كبرت ونجحت"
على تصفيق الحضور ثم نظر مهاب لكارما وقال بإبتسامه
" وحابب أشكر الأنسانه اللى دخلت حياتى وغيرتها وخلت ليها طعم تانى ، وادتنى دافع انى اقدر انجح "
ثم مد يده طالبا من كارما الاقتراب وصعود المنصه ، تعجبت كارما ونظرت لنرجس لتجدها تقول لها بحماس
" يلا روحي"
صعدت كارما المنصة ليلتفت لها مُهاب بعد ان اخرج تلك العُلبة الصغيرة من يده ويقول
" تقبلي تكملي معايا الباقى من عمرك يا كارما"
اندهشت كارما ولمعت عينيها بدموع الفرح ثم التقت نظرة على نرجس اللى كانت تنظر لها بسعاده وحماس واخذت تؤمي لها برأسها تحثها على الموافقه .
ابتسمت كارما وهى تشعر ان قلبها يرفرف من السعادة ثم قالت بفرحة حقيقة
" موافقة يا مهاب "
لتأخذ ذلك الخاتم وتضعه باصبعها لتسمع تصفيق الحضور وهم ينظروا لهم بإبتسامه متمنين له حياة مليئة بالحب والسعادة ...***
ارتمت كارما على فراشها بسعادة وهى تهاتف نرجس قائلة
" انا حقيقي مش مصدقة نفسي يا نرجس حاسة انى بحلم معقولة كل السعادة اللى انا فيها دى حاسة انى ابتديت اخاف"
ضحكت نرجس وردت عليها قائلة
" افرحى يا بومة ، كنت متأكده ان ربنا هيعوضك عشان انتى تستاهلى الفرحه يا كارما"
اعتدلت جالسه وهى تقول بمزاح
" احنا لازم نشكر دكتور عرفة على اقتراحه ده مين يصدق ان انا دلوقتى هو هو نفس الشخص من ٣ شهور "
ضحكت نرجس وقالت بمزاح
" هو بصراحه لازم نشكره عشان ودانا سناجل رجعنا مرتبطين "
ضحكت كارما بشدة ثم اخذت تتحدث مع نرجس وتسأل عن احوالها ثم انتقلوا للحديث عن ترتيبات عقد قران كارما الذى سوف يتم آخر الاسبوع .
بعد ان انتهت كارما من الحديث مع نرجس نظرت جانبها لترى دمية حلا ، امسكت بها ونظرت لها بابتسامه هادئة وقالت
" لسه فاكرة اخر مرة مسكتك فيها وانا مسافرة كنت حاسة انى سايبة حته من قلبى ، كنت فاكرة انى هفضل ضعيفة على طول يا حلا وحابسة نفسي فى الماضي ، بس شوفي الحمد لله انا بقيت احسن كتير يا حبيبتى ، واه اوعى تقلقى ماما عمرها ما هتنساكى هتفضلى فى قلبى دايما ربنا يرحمك يا حبيبتى انتى وحاتم "
ثم عانقت الدمية وكأنها تستمدت منها حضن ابنتها الدافئ وتسطحت على السرير مغمضة جفونها وذاهبه فى نوم عميق ...