( ١٠ ) والأخير

162 19 9
                                    


أحببتك وكأنك الوحيد فى العالم ، وقتلتني وكأنك لا ترى من الأعداء غيري .

فى تلك القاعة المفتوحة والتى تتميز بالبساطة والتى أضفت عليها المساحة الخضراء لمسة ساحرة ، أستعد الجميع لعقد قران و زفاف كارما و مهاب الذي كان لا تسعه الدنيا من فرط سعادته ، فاليوم أخيرا سيجتمع بمن دق لها فؤاده وسكنت بجانبها روحه .

" ماشاء الله يا كوكى طالعه زى القمر "
قالتها نرجس بسعادة حقيقة تظهر من عينيها
ردت عليها كارما بإبتسامه
" انتى اللى طالعة زى القمر "
ثم تنهدت بسعادة قائلة
" انا مش عارفة أشكرك أزاى يا نرجس على كل اللى عملتيه معايا انتى حقيقى أختى مش صاحبتى بس "
قالت نرجس بعتاب مزيف
" بس يا بت انتى وانا عملت ايه ما بلاش بقى الكلام اللى يخلينا نعيط ونبوظ الميك اب ده"
ضحكوا سويا وعندها سمعوا دقات على باب الغرفة تبعها دخول إياد وهو يقول بحماس
" ايه يا عروسة خلاص ولا ايه العريس هيموت من الحماس برا حني عليه "
التقطت نرجس هاتفها من على الطاولة وقالت
" خلاص يا أخويا خلصنا انتوا هتقعدوا تصدعونا كل شوية ، تعالي يا عم العريس المستعجل "...
***

هبطت كارما ذلك السُلم المزين بالورود وهى متأبطه ذراع مُهاب وتبتسم بسعاده  ، أقتربوا من طاولة عقد القران حيث أجلسها مهاب على يمين المأذون ثم توسط المكان بينهما ، وفى الجهة المقابلة كان يجلس خال كارما الذى يعيش بالخارج وقد أتي لعقد القران ومن ثم الرجوع مرة أخرى .

اعطت نرجس لكارما بطاقتها الشخصية بينما أخرج مهُاب بطاقته هو الآخر ، ليبدأ المأذون بمراسم العقد ، لكن لسوء الحظ أندفع طفل من الأطفال ليرى عن قرب مما تسبب فى سقوط كوب المياه على الأوراق ، حيث صاح الناس بذعر وبما فيهم كارما
قال المأذون مطمئنا
" حصل خير يا بنتى أنا مجهز نسخه تانية احتياطى ، هدأوا من روعكم "
انبسط وجه كارما وشعرت بالراحه ومن ثَم التقطت البطاقتين لتجففهم ولكن أثناء ذلك دفعها الفضول لترى بطاقة مُهاب لحين تجهيز المأذون للنسخة الأخرى من الأوراق .
ألقت عليها نظرة عن كثب لتجفل فجأه وتتسع عيناها بصدمة ، تجمدت كارما فى مكانها ولم تشعر بإى شخص حولها بل شعرت أن الدنيا توقفت فى تلك اللحظة ، أنتشلها من فوهه صدمتها وذكرياتها  نرجس وهى تهزها قائلة
" كارما انتى معانا يلا أمضى على الورق "
مازالت تحت تأثير الصدمة لدرجة أن نرجس قلقت من سكونها وعدم ردها ، لتنتصب واقفة فجأة مما أثار ريبة الحضور ، نهض مهاب وهو ينظر لها بحيرة واستفهام ، نظرت له نظرة تتجمع بها الدموع ثم لم تشعر بنفسها الا وهى تخلع حذائها بمكانه وتفر راكضة وسط ذهول جميع الحضور ..

***

منذ عام ونصف  ..

وقفت كارما تأخذ عزاء النساء بسكون يشبه سكون الموتي ، تشعر أن كل ما يحدث حولها ما هو إلا حُلم ولكنها لا تستيقظ منه ابدًا .
بعد إنصراف الجميع هوت على ذلك المقعد بينما جلست نرجس بجانبها تواسيها وتربت على كتفها وتذكرها أن ذلك قضاء الله وما عليها إلا الصبر على قضاءه .
دقائق وطلب ذلك الضابط أخذ أقوال كارما ، أجابته بضعف وحسرة بعد أن سألها عن ما حدث
" اليوم ده كان اول يوم مدرسة لبنتى وكان رايح يوصلها ، مفيش ساعه لقيت اللى بيتصل بيا وبيقولي انهم عملوا حادثة وماتوا"
ثم انفجرت فى بكاء مرير ، حاولت نرجس تهدئتها ولكنها فشلت ولكن أسترسل الضابط حديثه قائلا
" حضرتك شاكه فى حد يكون مدبرهاله او كان ليه اعداء "
هزت رأسها بالنفي ولم تستطيع الحديث أكثر ، وبعد ذلك اليوم بأسبوع واحد دخلت كارما مستشفى للطب النفسي بعدما أثرت عليها صدمة وفاه زوجها و أبنتها .
وفى يوم بعد الحادث بأسبوعان زارتها نرجس كعادتها لتطمئن عليها وتعلمها بالجديد فى القضية .
دلفت نرجس عليها بحزن و سلمت عليها وعانقتها ثم تنهدت وقالت
" انا مش عارفه اقولك ايه بس الحادثة طلعت بالغلط ، البوليس راجع الكاميرات اللى على الطريق ولقوا ان صاحب العربية اللى خبطهم كان طالع من شارع جانبى بسرعة ومكانش واخد باله منهم و ...."
قطعت نرجس كلامها بحزن حين لاحظت تشنج وجهه كارما وانهمار دموعها فتابعت قائلة
" بعد كده قدروا يوصلوا للعربية عن طريق أرقام اللوحة اللى كانت ظاهرة "
انتبهت لها كارما واستمعت بتركز ولكن تشنج وجهها مرة اخرى عندما سمعت نرجس تقول
" للأسف هو هرب ومقدروش يوصلوله والقضية اتقيدت ضد مجهول ، معرفوش
غير مكان سكنه فى المعادى وأسمه
مهاب سراج المهدى عبد الله " ....

زهرة خلف قضبان قلبى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن