( ٤ )

149 19 1
                                    


هل الحياه مثلما يقولون :
( اللى مكتوب على الجبين لازم تشوفوا العين )
ام ان لنا يد فى تغيير اقدارنا ..!

التقط سترته من على ذلك الكرسي الوثير وارتداها ، ثم اخذ يعدل من وضعية ربطة عنقه وهو ينظر لنفسه فى المرآه ، اعاد تلك الخصله الهاربة من شعرة والتى تدلت على جبينه لمكانها مرة اخرى ثم امسك بعطره ليرش منه القليل على عنقه  ..
اصدر هاتفه صوتا عاليا معلنا عن وصول مكالمة واردة ، فنظر لنفسه نظرة اخيرة بالمرآه ثم امسك بالهاتف ليجيب على المتصل
" ايوة يا إياد انا خلاص نازل اهو " .

أخذ يلتفت له اكثر من مرة ليحصى عدد المرات التى نظر فيها لساعته ثم ضحك قائلا
" كده بقوا ٢٣ مرة "
نظر له بحنق وهو يهز ساقه بتوتر ثم قال
" انت بتتريق يا إياد والله انت فايق "
انتبه للطريق مرة اخرى وهو ينظر فى مرآه السيارة الجانبية وضحك قائلا
" ما انا مش فاهم ليه التوتر ده كله دى مقابلة شغل عادية هنعرض على الراجل العرض اللى عندنا وخلصنا "
زفر بيأس قائلا
" يابنى ده شوكت عبد الرحيم صاحب اكبر فنادق الغردقة فكرك ممكن يوافق يشتغل مع شركة لسه فى بدايتها زينا ده الحمد لله انه وافق يقابلنا قبل المعاد بتاعه اصلا "
ربت إياد على ركبته وقال بنبرة مشجعه
" متقلقش يا صاحبى خليها على الله وانا حاسس اننا هناخد الشغل ده ان شاء الله "
نظر من نافذة السيارة بشرود ولسان حاله يقول  " يارب "...

اغلقت كتابها بعدما قرأت جزءا منه لعل الوقت يمضي سريعا وتنتهى نرجس من عملها ، وكأنها استدعتها بأفكارها فقد رأتها تأتى من بعيد وعلى وجهها ابتسامه واسعه فنهضت قائلة
" ها خلصتى "
ردت عليها
" اه خلصت انتى زهقتى من القاعدة ولا ايه "
" يعنى مش اوى ، المهم قوليلى ايه اخبار اول يوم "
تأبطت نرجس ذراعها وساروا سويا لخارج المطعم وهى تتحدث قائلة
" كان يوم لذيذ بصراحه ، الشيف بكر ده هايل اتعلمت منه حاجات كتير اوى وكمان الشيفات اللى شغالين كويسين يعتبر اتفاهمنا بسرعة "
سعدت كارما لصديقتها كثيرا فقد كان ضميرها يؤنبها بسبب انها جعلتها تترك عملها واهلها بالقاهرة لتقضى معاها تلك الستة اشهر بالغردقة من اجل ان تتعافى.
فاقت كارما من شرودها على صرخة نرجس وهى تقول
" حاسبى يا كارما "
سحبتها سريعا لجانب الطريق لتسمع صوت احتكاك شديد لاطار سيارة بالارض ثم تتوقف تماما
ترجل صاحبها قائلا بحده خفيفة
" ايه يا أنسه حد يمشى فى نص الطريق كده "
كانت كارما مازالت فى حالة صدمة مما حدث فردت نرجس قائلة
" مخدناش بالنا يا كابتن وبعدين مفروض انت تمشي براحه مش تمشي تدوس خلق الله "
نظر لها بتعجب وضرب كف بكف قائلا
" والله خلق الله هما اللى بيرموا نفسهم على العربيات "
ثم تركها و ركب سيارته مرة اخرى لينطلق بها، همت نرجس ان ترد عليه ولكن كارما منعتها قائلة
" خلاص يا نرجس الناس بتبص علينا وبعدين احنا غلطانين برضو"
ردت بغضب
" بنى ادم بارد وقليل الذوق بدل ما يعتذر "
انتبهت نرجس لكارما التى كانت حاول اخفاء ضحكتها وكأنها كانت تلقى النكات على مسامعها ، فقالت بدهشة
" انتى بتضحكى يا كارما !"
خرجت ضحكتها اخيرا وهى ترد قائلة
" اصل بصراحة شكلك كان مسخرة وانتى بتتخانقى معاه لا وبتشمرى عايزة تضربية"
شبكت ذراعيها امام بطنها بحنق وقالت
"وده يضحك فى ايه بقى انا كنت هضربة فعلا"
انفجرت كارما ضاحكة ثم حاولت تمالك نفسها لتقول بصوت متقطع من بين ضحكاتها
" تضربى مين يا نرجس ده شبه الدولاب ده لو لمسك بس هيعملك ستيكر على الارض زى توم وجيرى كده "
كانوا قد وصلوا اسفل البناية التى يسكنون بها فتركتها نرجس بحنق وهى تصعد الدرج بغيظ تاركه كارما وهى تتبعها راكضة و تقول بضحك
" طب استنى بس هقولك " ...

***

" بت مستفزة "
قالها إياد وهو يصف سيارته امام ذلك المطعم الذى ستتم فيها مقابلة العمل الخاصة بهم
" خلاص يا إياد سيبك منها خلينا نركز فى الشغل جهزت كل الورق اللى طلبته منك "
فتح الحقيبة وتأكد من كل شئ ثم قال بنبرة واثقه
" كله تمام متقلقش خليها على الله ويلا بينا ".
كانت بعض دقائق قليلة التى انتظرها برفقة اياد بعد ما دلتهم النادلة على الطاولة التى تم حجزها مسبقا ولكنها مرت عليه كعام حتى وصل من ينتظره اخيرا .
" مهاب سراج المهدى "
قالها وهو يصافح شوكت قبل ان يجلسوا سويا على الطاولة ، جاء النادل بفناجين القهوه ووضعها امامهم على الطاولة بعد ان اخرج إياد تلك الاوراق من حقيبته ليضعها امامه ويقوم مهاب بعرض الصفقة عليهم والذى تفنن فى محاولة اقناعهم بمهارة ...
***

جلست امامها بسعاده وهى تقول
" بجد يا كارما دى فكرة هايلة انك تشترى المحل ده "
تنهدت كارما براحه وقالت
" بصراحه اول ما شوفته قولت وماله لما اجرب واهو اعمل حاجه جديدة وانتى عارفة انى كان نفسي افتح محل ورد من زمان "
ثم نظرت للارض وخرجت منها تنهيدة حزينة وهى تقول
" حاتم الله يرحمه كان ناوى يفتحولى وكان مدينى فلوسه بس حصل اللى حصل "
ربتت نرجس على يدها وقالت بتشجيع
" ان شاء الله هتحققى اللى تتمنيه وانا من الصبح هاجى معاكى "
ابتسمت كارما بحماس فصديقتها دائما ما تشجعها وتدعمها فى قرارتها .
وقد حدث بالفعل فى اليوم التالى توجهت كارما برفقة نرجس وقابلت تلك المرآه صاحبة المحل واتفقت معاها واتمت شراءه ثم بدأت فى تجهيزه فى اليوم ذاته من فرط حماسها وسعادتها ..

مع اقتراب غروب الشمس كانت كارما قد اتمت جميع توضيبات المحل ، وقفت بمنتصفه وهى تنظر حولها بسعاده ، تبقى لها فقط زيارة المشتل لتنتقى الازهار التى سوف تبيعها ، دقائق ووصلت شاحنة صغيرة تحمل  على متنا لافته المحل الكبيرة والتى اتفقت كارما على صناعتها بالامس واعطتهم جميع متطلباتها ، خرجت لتجد العمال يقومون بانزال اللوحه الكبيرة ومن ثَم ثتبيتها اعلى باب المحل والتى خُط عليها اسم
( حلا للأزهار )
شكرتهم قبل ان ينصرفوا ثم اخذت تنظر لتلك اللافتة بسعادة وهى تنفض التراب عند يديها .
" بسم الله ماشاء الله المحل بقى زى القمر"
نظرت لنرجس التى وصلت للتو بعد انتهائها من عملها فقالت بسعادة
" كدة مش ناقص غير انى اروح المشتل بكرة واتفق معاهم "
اقتربت نرجس منها وقالت بنظرة مليئة بالتشجيع والحب
" يارب دايما اشوفك مبسوطه كده "...




زهرة خلف قضبان قلبى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن