التغريدة الأخيرة

13 1 0
                                    

يشتكي كريم، الذي لا تعلم تغريد بقية اسمه بعد، ولا تهتم أن تعرف عنه أي تفصيلة، لأمه، كما هو معتاد دائما، من عدم تجاوب تغريد معه في المحادثات التليفونية، لا تبادله الرومانسية المختلقة، لا تعيش معه الجو والحالة، بدورها تملأ أمه أذن أمها بكلام سام، فتقوم على ابنتها تغريد بضربات موجعة كي تستقيم، تزعم أن في ضرباتها وشخط أبيها شفاء للبنت.


هكذا تدور أيام تغريد، سوداء كئيبة، ما عادت تطيق حياتها، تأخرت عن التقديم في تنسيق الجامعات، ضاعت عليها فرصة أن تكون مهندسة كما تطمح، ستُدفن في بيت لا تألفه، مع زوج لا تحبه، تحت سطوة أم تشك أنها أمها حقا!


عند منتصف الليل، بعدما ينتهي الأب من شرب حجر المعسل، وتنتهي الأم من النميمة مع جارتها على العتبة، يخلدون جميعا للنوم، تنطفئ مصابيح البيت.


تمكث رغما عنها في الظلام، تبكي كعادتها، لكنها سئمت من البكاء والنحيب، من الضرب والتنكيل، تفتح كوة بالباب، تسمع غطيط والديها في النوم، تطمئن لانسحاقهما في أكل الأرز مع الملائكة، أو بالأحرى الشياطين الذين يرتدون زي الملائكة!


تتسحب خارجة من البيت، تنظر في الشارع الفارغ من كل شيء، تسير بمفردها، غير خائفة مما ستلقى في الظلام الذي تواجهه في الطريق، إنما خوفها من أن تستعيدها الوحوش التي خلّفتها وراءها!..


تسارع بالركض، تهرب من الوحش!


***


يدخل بكر الغرفة غاضبا، يلقي الحقيبة بعنف، على الأرض كرة، يتناولها ويلقي بها نحو الحائط في غضبة شديدة، ترتد وتسقط على الأرض، تتدحرج قليلا ثم تسكن مجددا كما كانت، يركل الكرسي فيوقعه على جنبه، يدخل والده عليه مندهشا:


- إيه ياض الدوشة اللي انت عاملها دي؟


يحاول بكر الهدوء قابضا يديه:


- آسف!


يقول جمال باشمئزاز:


- آسف!.. انت رحت برضه الاختبارات؟


يتفادى بكر النظر نحوه:


- آه.


- والنتيجة؟


لا يرد بكر، يفهم جمال على الفور، يبتسم متشفيا، يقول ساخرا:


- هأ هأ! أنا قلت والله..


يشعر بكر بالحرج، مثل المبلول أمام الأنظار في الشارع، يجلس جمال على الأرض، يلتقط الكرة، هناك سكين على طبق به قطعة تفاح موضوعان على الأرض بجواره، يقول:


- أظن كفاياك عبث لحد كدة.. انت عمرك ما هتبقى لاعّيب، هتفشل، زي ما حاولت تبقى دكتور وفشلت.. انت هاتعيش زيك زي أي مواطن عادي، يشتغل ويكد ويعرق عشان يكسب قوت يومه، مش لاعيب يجريلي في الملعب تسعين دقيقة ويعبّي في حجره ألافات!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 30 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

تغريد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن