7-حُضور الذَنب

12 3 0
                                    

"وما تدري
‏لعلَّك من صخور العُسر
‏تقطف زهرة اليُسر
‏لعلَّ مع انسداد النهر..
‏نهرٌ آخرٌ يجري
‏فدع لله تسخيره
‏وقل خيرة
‏ولا تُفلت يد الصبرِ
‏فما تدري!"

اللّٰهمّ صلِّ عَلىٰ مُحمّد وآلِ مُحمّد

حُضور الذَنب
كل انسان سوف يعيش هذه القصة بكل تفاصيلها

ثُمَّ أَمَرنِي حَسَن أَن أُسَلمَه كِتَابِي بِيَدِي اليُمنَى، فَناوَلتُه إِيَّاه وَقُلتُ : لَكَ جَزيل شُكرِي وَ تَقدِيرِي لِأَنَّك أَنقَذتَنِي مِن غُربَتِي وَ سَتُرَافِقُنِي وَ تُوَاسِينِي فِي رِحلَتِي هَذِه  .

قَال : سَوفَ لَن أَدَعَك وَحِيدًا مَا إِستَطَعتَ، إِلَّا...

تَغير لَونُ وَجهِي فَسَأَلتُه مَرعُوبًا : وَ مَاذَا ؟

قَال : إِلَّا أَن يَتَغَلب عَلَي ذَلِك القَادِم فَتَبقَى أَنتَ وَهُوَ !

سَأَلتُه : وَ مَن ذَلِك ؟

قَال : إِنَّ كُل مَا أَعرِفُه هُوَ إِنَّك سَلمَتنِي صَحِيفَة أَعمَالِك اليُمنَى أَمَّا صَحِيفَة أَعمَالِك التِي فِي الشمَال فَهِيَ مَا زَالَت مُعَلَّقَة فِي عُنُقِك وَلَا تَدَع شَيئًا إِلَّا أَحَصتهُ، وَ هُنَالِك شَخصٌ آخَر أَسَمَهُ ‹ الذَّنب › سَيَستَلِمُهَا مِنكَ، فَإِذَا مَا تَغَلب عَلَي سَتَكُون رَفِيقُه حِينَذَاك، وَ إِلَّا فَإِننِي سَأُرَافِقُك عَلَى مَدَى هَذَا الطَّرِيق المَحفُوف بِالمَخَاطِر  .

قُلتُ : سَأُعطِيه الصَّحِيفَة مُبَاشَرَة حَتى يَذهَب
قَالَ حَسَن : إِنَّهُ نَتِيجَة أَعمَالِك القَبِيحَة وَ خَطَايَاك وَ يُحِبُّ البَقَاءَ عِندَك  .

كُنا مُستَمِرين فِي الحَدِيث وَ إِذَا بِي أَشعُر بِرَائِحَة كَرِيهَة لِلغَايَة زَعجَنِي، قَد مَلَأت تِلكَ الرَّائِحَة الأَجوَاء وَقَطَعَت عَلَينَا حَدِيثَنَا، وَ بَرَز فِي قَبرِي شَبَحٌ قَبِيح وَ كَرِيه، وَمِن شِدَّة هَلَعِي التَجَأتُ بِـ حَسَن وَتَعَلَّقتُ بِهِ بِقُوَّة  .

هُنَا أَمسَك الذَّنب بِعُنُقي بِيَدَيهِ القَذِرَتَين الوَسخَتَين وَ أَخَذَ يُزَمجِر مُقهَقهًا : إِننِي سَعِيدٌ يَا صَاحِبِي... وَ وَاصَل قَهقَهَتَهُ بِصَوتٍ عَالٍ، فَأَستَحوذ عَلَي الرُّعبَ وَ الخَوفَ وَ عَقَد لِسَانِي عَن الكَلَام وَ اشتَدَّت ضَرَبَاتُ قَلبِي حَتى فَقَدتُ الوَعي  .

وَلَمَّا أَفَقتُ وَجَدتُ رَأسِي فِي أَحضَان حَسَن وَلَكِنَّنِي بِمُجَرد رُؤيَتِي لِوَجهِ حَسَن المُلَطخ بِالدِّمَاء هَيمَن عَلَى فُؤادِي الحُزن حَيثُ تَصَوَّرتُ أَنَّ ذَلِكَ الشِّبَح القَذر قَد إِنتَصَر عَلَيهِ وَ قَهَرَه، لَكِن حَسَن كَانَ يَعلَم بِمَا يَدُور فِي قَلبِي، نَظَرَ إِلَي وَقَالَ بِهُدُوء : لَا تَحزَن، فَبَعدَ صِرَاعٍ وَجَدَل شَدِيد أَعطَيتُه كِتَابَه وَ أَبعَدتَه عَنكَ حَتى حِين  .

ثُمَّ نَهَضتُ مُتَّكِئًا عَلَى كَتِف حَسَن وَ الدُّمُوع تَتَرَقرَق فِي أَحدَاقِي،
وَقُلتُ : إِنَّنِي أَوَد أَن تَبقَى إِلَى جَانِبِي إِلَى الأَبَد، لَقَد أَزعَجَنِي ذَلِكَ الشِّبَح الكَرِيه، وَ الغُربَة بِالنِّسبَة لِي أَفضَلُ بِكَثِير مِنَ المُكُوث إِلَى جَانِبِه، فَإِذَا مَا جَاوَرَنِي الذَّنب سَأَعِيشُ الإِضطِرَاب  .

قَالَ حَسَن : لَهُ الحَق فِي أَن يُجَاوِرَك فَهَذَا مَا أَرَدتَهُ أَنتَ.

قُلتُ لَهُ مُتَعَجبًا : إِنَّنِي لَم أَدَعهُ أَبَدًا..!

قَالَ : عَلَى أَيَّةِ حَال، أَعمَالُكَ الطَّالِحَة وَ ذُنُوبُكَ هِيَ التِي جَعَلتَه يَكُون هَكَذَا وَلَابُد لَكَ أَن تَرَاهُ مَرَّة أُخرَى إِلَى جَانِبك  .

فَاعتَرَانِي الخَجَل لِمَا قَالَهُ حَسَن، وَ إِضطَرَبتُ بِشِدَّة، ثُمَّ سَأَلتُه مُرتَعِدًا : مَتَى وَ أَينَ ؟

قَالَ : رُبَّمَا فِي الطَّرِيق الَّذِي نَسلُكُه.

قُلتُ : أَيَّ طَرِيق، أَيَّ مَسِير ؟

قَالَ : فِي ضَوء مَا بَشرَك بِهِ مُنكَر وَ نَكِير فَإِنَّ مُستَقرَك فِي بُقعَةٍ تَقَعُ فِي وَادِي السَّلَام، وَ عَلَيكَ الإِستِعدَاد لِلرَّحِيل هُنَاك  .

قُلتُ : وَ أَينَ يَقَع وَادِي السَّلَام ؟

قَالَ : هُوَ مَكَان يَتَمَنى كُل مُؤمِن أَن يَبلُغَه، وَلَابُد لَكَ مِنَ العُبُور مِن وَادِي بَرهُوت كَي تَتَطَهر فِي الطَّرِيق مِن كُل دَرنٍ وَ خَبَثٍ  وَ ذَلِكَ مِن خِلَال المَشَقَّات وَ الصِّعَاب التِي سَتَتجَرعُهَا حَيثُ تَذُوب خَطَايَاك، فَتَبلُغ مَقصَدَك بِسَلَام  .

قُلتُ : وَمَا هُوَ بِرهُوت ؟

قَالَ : إِنَّهُ مَكَان يَستَقِر فِيهِ الكَافِرُون وَ الظَّالِمُون وَفِيهِ يَذُوقُونَ عَذَابَ البَرزَخ  .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البـاقِيات الصَّالِحـات :

- ﴿سُبحان الله﴾
-﴿الحَمدُ للّٰه﴾
- ﴿لا إلٰه إلّا الله﴾
- ﴿الله اكبَر﴾
- ﴿سُبحان الله وبحَمده﴾
- ﴿سُبحان الله العظيم﴾
- ﴿أستغفِرُ الله وأتوبُ إليه﴾
- ﴿لا حَول ولا قوّة إلّا باللّٰه﴾
- ﴿اللّٰهمّ صلِّ عَلىٰ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ﴾

دُمتُـم في رِعاية اللّٰه .

رِحلـة بَرزخـيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن