كانت (سارة) حينها قد همّت بالجري اللافت لأنظار الجميع في بناء المشفى بعد أن شهقَت واستقبلت الصاعقةَ بقوةٍ على رأسها، أخذت تركض للخارج باتجاه السجن!
ولكن، عندما أفاقت (لمياء) العاجزة عن النهوض من كابوسٍ قصيرٍ أراها نفسها حين التهمتها بعض النيران إذ افترقت عن أمها؛ صارت تضرب بكفّها على الطاولة..الكرسي..الأرضية...كلُّ ما تراه قربها، وحين أتت الممرضة لتتفقدها بلهفةٍ قويةٍ صرخت عليها:
_أين أمي! لماذا ليست هنا في الغرفة معي أنا! أين ذهبت مجددا! لماذا ذهبتم وتركتمونني! لقد استيقظت من كابوسي لأجد الوحدة فقط! إني لست ممن لا أهل لها أيتها الممرضة! لدي أم وأخت! لماذا لا تدعونهما تعانقانني! ذهبت أختي! ذهبت! بقيت والدتنا! أنا..أنا لا..
_أرجوكِ اهدئي...هيا من فضلك! عجبا! لا لا ما الذ...أيها الطبيب! أيها الط...بيب!
بعد أن أتى الطبيب وحقَنوها إبرةً من المهدئ القويَّ وحوَّلوها إلى جسدٍ فارغٍ من الدماء المتحركة وأجبروها على المزيد من الاستلقاء على سريرها؛ أمسكَتْ بعد جهدٍ ذراعه من المنتصف بعينيها الشبيهتان بزهرةٍ متعفنةٍ قبل أن تسحقَها قدمٌ بعشرِ دقائقَ قائلةً له بصوتها الثخين البشع لتأثير النيران:
_إلى أين ذَهبت أُ....
_إلى عندِ أباكِ أيتها الفتاة
_هكذا إذن (قالتها وقد ذهبَ بريقُ عينَيها)
_ذهبَت إليه لتطمئن على ما أصابه بعد أن طلب من رجال الشرطةِ أن يزجّوه في السجنِ قائلا إنه لن يقبلَ أن ينام قاتلٌ على سريرٍ ووسادةٍ مُريحةٍ في منزلٍ مريح...
_إذن..تركَتنِي؟! أجيبوني! هل تركَتْني أمي هنا أيضا هكذا؟ هل تر...ما بكم! لمَ لا تتكلمون! لا تعرفون ؟! أقول لكم ..هل أمي تركت..
_لا لم تتركك! (قالتها (سارة) التي فتحت الباب داخلةً بقوةٍ وهي تلهث باكيةً ناظرةً إلى دموع ابنتها بدموعها التي بدأتها منذ أن غادرت المشفى حيث وبَّخت نفسها قائلةً (إن زوجَكِ بأمانٍ في السجن ولا يشكو من أي شيءٍ سوى قهره من أخطاءه، بينما ابنتك الوحيدة المتبقية كيفَ تركتِها مجددا؟! ماذا إن أصابها مكروه! ماذا إن شاهدت كابوسا! ألن تحتاجَ أماً تعانقها إذا ما استيقظت منه! أم أنها ستستيقظ فزعةً واجدةً نفسها في أحضان الوحدة والعتمة!)
أنت تقرأ
لماذا تبكين ؟!
Romanceأكوامٌ .... من الدموع أكوامٌ .... من الصراخ في داخلِ قلبين اثنين دون إظهاره أكوامٌ .... من تعاسةٍ يُعتقدُ أنها سترافق الدرب الأسود و الأبيضَ حتى ثوانِ القبض على روحهما الدافئة أكوامٌ .... من سواد