البارت الاول من رحلتنه برواية عهد الغياهب
تفاعلوا بتعليق و اعجاب ان اعجبتكم ✨
_______
دخل إلى المنزل المتواضع، الذي بالكاد يقف في نهاية شارع طويل مغطى بطبقات متراكمة من الغبار والرماد، وكأن الرياح قد تخلت عن حملها للسماء وأسقطتها هنا. الشارع كان يروي بصمته قصصاً عن منازل كانت شاهقة ذات يوم، لكنها الآن ليست سوى هياكل متهالكة.
الجدران المتشققة والأبواب المعلقة على حوافها كانت تشير إلى محاولات يائسة لإعادة الترميم، وكأن أصحابها حاولوا بعناء أن يبعثوا فيها روحاً قديمة، لكنها رفضت العودة. رمم البعض بيوتهم كيفما اتفق، رقع هنا وجدار هناك، لكن لا شيء استطاع أن يعيد لها سحرها الأول. اللون الباهت للجدران المرممة والخشب المتهالك خلف مشهدًا أشبه بجسد يعاني من جروح لم تلتئم بعد.
حينما خطا إلى الداخل، استقبلته رائحة حساء الفطر التي تسللت إلى أنفه فوراً، مغمورة بروائح أخرى خفيفة، لا تقل حضوراً – رائحة البطاطا المطبوخة، والفجل الحاد برائحته الأرضية، والكرنب الذي كان يتنفس بطعم خفيف لكنه مميز. هذا الحساء كان طوق نجاتهم اليومي، طعمه مألوف بقدر ما هو متواضع، إذ أصبحت هذه المكونات البسيطة جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
الأرض، بعد طول معاناة، بدأت تستعيد قدرتها على الإنبات، لكن كل شيء كان محدوداً للغاية، وكل شيء يكاد يكون بعيد المنال، مكلفاً بشكل لا يصدق. لم يعد هناك من رفاهية في اختيار الأطعمة. فالخضار التي كانت في الماضي تُعتبر بسيطة، كالكرنب والفجل والبطاطا، أصبحت اليوم هي نجوم المائدة، تزين الحساء وتمنحه طعماً يغلب على رتابته.
البطاطا، تلك الدرنات المطمورة في تربة صلبة ومعادية، كانت كنزهم الثمين، تُسلق أو تُقلى لتضيف ثِقلاً إلى الوجبة. أما الفجل، فقد كانت نكهته القوية تضفي على الطعام طابعًا من الحدة، وكأنه يذكرهم بتلك الأيام الصعبة. الكرنب، بأوراقه الخضراء العريضة، كان يشبه الأمل المتجدد، رغم بساطته، وهو يتلوّن برائحة الحساء، يمنحهم شعورًا بالدفء وسط العدم.
أنت تقرأ
عهد الغياهب
Science Fictionتزلزلتِ الأكوانُ من نبضِ القدَرِ والريحُ تصرخُ في غياهبِ المُنحدَرِ أحبّتني عينانِ في ظلماتِها جمرُ الجحيمِ وشررُ الموتِ انصهرَ قدّرتُ أن أكونَ طيفًا في نجاتِه لكنني غَرقتُ في لُججِ الخطرِ أنا الفتى، وأمواجُ القدرِ تُحيطني والحبُ نارٌ في ض...