البارت السابع من رحلة عهد الغياهب 🔥
_______كان آران يشعر بأن الزمن بدأ يذوب في داخل الحفرة، وكأن الدقائق والساعات تتشابك معًا في دوامة متداخلة. لم يعد يعرف إذا كان النهار أو الليل، فقد اختفى الإحساس بالتوقيت من حوله تمامًا. الحفرة بدت وكأنها تمتص كل شيء، بما في ذلك إدراكه للوقت.
استلقى على الأرض الباردة، جسده مرهق وروحه منهكة. كان التحديق إلى الفوهة في الأعلى هو كل ما يربطه بالعالم الخارجي، ولكن حتى ذلك الارتباط بدأ يفقد معناه. لم يكن هناك ضوء أو صوت يُشير إلى أن أحدًا سيأتي. فقط صمتٌ مطبقٌ، وهدوءٌ ثقيلٌ يغمر المكان.
حاول أن يُبعد أفكاره عن الوضع، لكن عقله بدأ يتلاعب به. كأن الحفرة ليست فقط سجناً لجسده بل لعقله أيضًا. بدأ يسمع أصواتًا في عقله، وهمسات غير مفهومة، يتردد صداها في أركان عقله وكأنها تُحاوره: "إلى متى ستظل هنا؟ إلى متى ستبقى؟"
كان يحاول مقاومة هذه الأصوات، لكنه لم يستطع تجاهلها. بل بدأت تملأ رأسه، تخترق صمته الداخلي وتزرع فيه الشكوك. "هل سيأتي أحدهم؟ أم أنني سأظل هنا للأبد؟"
أغلق عينيه بشدة، محاولاً تهدئة نبضات قلبه المتسارعة. شعر بأن البرد قد بدأ يتغلغل في جسده، ولكنه لم يكن فقط برد الجسد، بل كان برداً يلامس روحه. كأن الحفرة ذاتها تسعى لإضعافه وكسر إرادته.
بمرور الوقت، لم يعد قادراً على معرفة ما إذا كان ما يمر به حقيقيًا أم مجرد وهم. هل هذا المكان يتلاعب به؟ هل كان كل ما يراه ويشعر به جزءًا من تجربة لا يمكنه الفكاك منها؟
في تلك اللحظات، شعر برغبة قوية في الحركة، في القيام بأي شيء لكسر هذا الجمود. لكنه لم يكن يعرف إلى أين يذهب أو ماذا يفعل. كان محاصرًا بجدران الحفرة، بجدران خوفه، وصمته.
كل ما تبقى له هو الانتظار.
مع كل لحظة تمر، شعر آران وكأن الجدران الحديدية تضيق حوله أكثر فأكثر، جسده ثقيل وكأن كل عضلة فيه تطالب بالاستسلام. لكنه رفض أن يستسلم بسهولة. نهض بتثاقل، وبدأ يتحرك ببطء في الحفرة الواسعة، يلمس الجدران الباردة بأطراف أصابعه، يحاول أن يجد أي شيء قد يمنحه أملًا في الخروج من هذه الفوضى.
لكن لا شيء. مجرد جدران صلبة وزوايا حادة. حاول إقناع نفسه بأنه يحتاج إلى البقاء هادئًا والتفكير بوضوح، ولكن كيف له أن يفعل ذلك وهو محاصر بهذه العقوبات والظلام؟ "لماذا أنا هنا؟ لماذا يحدث هذا لي؟"
جلس مرة أخرى، ظهره مستند إلى الجدار الحديدي البارد، وعينيه تحدقان في فجوة الحفرة . ذهنه مشوش، وكأن عقله يرفض قبول الواقع القاسي الذي أُلقي فيه. لكنه لم يكن غاضبًا فقط من السيدة التي حكمت عليه، أو فاليريوس، بل من نفسه. "لو أنني فقط كنت أذكى، لو أنني لم أتحداهم بهذا الشكل..."
أنت تقرأ
عهد الغياهب
Science Fictionتزلزلتِ الأكوانُ من نبضِ القدَرِ والريحُ تصرخُ في غياهبِ المُنحدَرِ أحبّتني عينانِ في ظلماتِها جمرُ الجحيمِ وشررُ الموتِ انصهرَ قدّرتُ أن أكونَ طيفًا في نجاتِه لكنني غَرقتُ في لُججِ الخطرِ أنا الفتى، وأمواجُ القدرِ تُحيطني والحبُ نارٌ في ض...