3

54 9 17
                                    


البارت الثالث من الرحلة ✨

* جميع الصور الموضوعه هي لتقريب الوصف الى خيالك وليست معتمده بوصف الاشخاص والاماكن

________

تحرك الفتية ببطء، مترددين في خطواتهم، بعد أن أشارت لهم السيدة بالمغادرة، وكأن كل منهم كان يسير نحو مصير مجهول. لكن آران، الذي باتت الكلمات ثقيلة على قلبه، بقي متجمداً في مكانه، عاجزاً عن استيعاب حقيقة ما يحدث. كان جسده ثقيلاً، وكأن قدميه رفضتا التحرك. فجأة شعر بدفعة قوية في ظهره، أحد الحراس أجبره على التحرك، دافعاً إياه بقسوة وكأنه يقول له "لم يعد لديك وقت للتردد".

كان التحرك بالنسبة لآران ثقيلاً كخطواته نحو الهاوية، لكنه وجد نفسه أمام بوابة ضخمة تنتظره، وكأنها فم وحش عظيم يستعد لابتلاعه. قبل أن يعبر تلك البوابة، قطع صوت السيدة البارد صمته الداخلي، ذلك الصوت الذي كان كافياً ليشعره بالبرد في عروقه. كانت كلماتها خالية تماماً من أي مشاعر، كأنها تلقي تعليمات لتعامل مع آلة، وليس إنسان.

"خذه إلى الطابق سي"، قالت وكأن آران كان مجرد ملف يتم تحويله. "واجعل كل من مرساة 32 و 14 و 5 و 76 أن يقابلوه ويتحدثوا معه."

كان صوتها حاداً، قاطعاً، لا يتضمن أي مساحة للشفقة أو الرحمة. تابعت بلهجة تحمل مزيجاً من الاستياء والتعجل: "ليس لدينا وقت للتعامل مع طفل جاهل."

تلك الكلمات الأخيرة كانت بمثابة ضربة أخرى لآران. لقد كان مجرد "طفل جاهل" في نظرهم، عبء يتعين عليهم التعامل معه بسرعة. لم يكن له قيمة فردية في هذه المنظومة الضخمة، كان مجرد ترس صغير في آلة الزيرون الكبرى. فهمه لهذه الحقيقة سحق قلبه أكثر.

انتفض جسد آران رغماً عنه، وكأن صدمة الكلمات قد اخترقت كل جدار دفاعي بناه لنفسه. عينيه التقتا بعينيها للحظة، مشبعتين بالغيض والكره، لكن السيدة لم تعره أي اهتمام. استدارت ببساطة وسارت مبتعدة بخطوات ثابتة، وكأن وجوده لم يكن ذا أهمية تُذكر.

قبض آران على يديه بغضب، أصابعه تغرز في راحة يده وكأنه يحاول السيطرة على المشاعر التي تغلي داخله. لم يكن أمامه خيار سوى اتباع الحارس الذي كان يسير أمامه بخطوات رتيبة وثابتة، متقدماً نحو الخارج. آران تباطأ في خطواته، كأنه كان يسير نحو مصيره المحتوم ببطء مقصود، مستغلًا كل لحظة ليطيل وقته بعيداً عن المستقبل المجهول الذي ينتظره.

كانت عيناه تتنقل بين تفاصيل المكان الذي لم يره من قبل. المساحات الواسعة أمامه كانت مملوءة بأشجار ضخمة، وكأنها كانت تحيط بالمبنى وتخفيه عن العالم. الأزهار المتناثرة بين تلك الأشجار كانت متنوعة الألوان، أحمر، أصفر، وأزرق، تضيف لمسة من الحياة في هذا المكان الذي يشعره بالموت البطيء. كانت تلك الألوان تثير في داخله شعوراً متضارباً، بين جمال الطبيعة وقسوة المصير.

عهد الغياهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن