الفصل الأول:في ليلة هادئة بنسيمها العليل، كانت "نورة" جالسة في حوش بيتهم الطيني، تلعب بخصلات شعرها الطويل وهي تفكر. النجوم تلمع فوق راسها، لكن عقلها كان مشغول بأمور ثانية. قربت منها "مشاعل"، أختها الصغيرة، بخفة وجلست جنبها.
"نورة، وش تسوين هنا؟" سألتها مشاعل بنبرة مرحة.
"ما أسوي شيء... أطالع السما." ردت نورة وهي ترفع عيونها فوق.
مشاعل ضحكت وقالت: "تطالعين السما ولا تفكرين في شي؟"
نورة تنهدت وقالت: "يا مشاعل، العمر يمضي وأنا ما صار لي شيء جديد... لا زواج، ولا شغل، حتى أحلامي أحس إنها ضاعت."
مشاعل حركت يدها وكأنها تتنفض عن نورة الهم وقالت: "يا نورة لا تقولين كذا، كل شيء بيجي بوقته. الله كاتب لك نصيبك، لا تحاتين."
نورة ما ردت مباشرة، لكنها قالت بعد لحظة: "بس أحس كل اللي كانوا معي تزوجوا. أنا اللي واقفة، أسمع أخبارهم، أشوف صور عيالهم، وأنا؟! ولا شيء."
"وش هالهم اللي شايلته يا نورة؟ كل شيء بيد الله. يمكن نصيبك قريب، ويمكن ربي كاتب لك رجل يجي يسعدك أكثر من اللي تتمنينه." ردت مشاعل وهي تحاول تزرع الأمل في قلب أختها.
نورة ابتسمت بهدوء وقالت: "يا ليت. بس أحيانًا أحس الدنيا واقفة، وأنا اللي ما أتحرك."
مشاعل رفعت حواجبها وقالت بنبرة ضاحكة: "عادي يا بنت، بكرة يجيك واحد يخطبك، ولا تشوفين إلا وأنتِ تجهزين لزواجك."
"الله يسمع منك،" قالت نورة وهي تضيع بنظراتها في السماء.
مشاعل حركت كتفها بلطف: "طيب، ليش ما تجين معي لبنات خالتي بكره؟ يمكن تغيرين جو، وتنسين هالأفكار اللي تدور براسك."
نورة رفعت رأسها وقالت: "بنات خالتك؟... ما أدري، بس ما ودي أثقل عليهم."
مشاعل ردت بحماس: "يا بنت، لا تقولين كذا! الناس يحبونك، وبعدين من يدري؟ يمكن نصيبك يكون هناك! وحده من صاحباتهم تجيب لك عريس ما تحلمين فيه."
نورة ضحكت وقالت: "يا مشاعل، لا تكبرين الموضوع. أصلاً مين يفكر فيني وأنا كذا؟"
مشاعل هزت كتفيها وقالت: "وش فيك كذا؟ أنتِ حلوة وطيبة، وما ينقصك شيء. بس شويّة ثقة، وبتشوفين العجب!"
نورة جلست تفكر شوي، ثم قالت: "يمكن... بس الحين ما لي خلق."
مشاعل ناظرتها بعيون جادة وقالت: "نورة، لازم تعطين نفسك فرصة. الدنيا ما توقف على شيء، يمكن النصيب يكون أقرب مما تتخيلين."
نورة سكتت لحظة، ثم قالت: "ما أدري يا مشاعل... يمكن معك حق، لكن قلبي مو مرتاح."
مشاعل ضحكت بخفة وقالت: "والله إنك عنيدة. اسمعي كلامي وبكره تعالي معي، ما بتخسرين شيء."
أنت تقرأ
قلوب نجدية
General Fictionرواية رومانسية تحكي قصة "نورة"، فتاة تعيش في نجد، تتأمل حياتها بينما تشعر بأن الزمن يمر بدون أن تحقق أحلامها. وسط حديثها مع أختها "مشاعل"، تتصارع نورة بين الأمل والخوف من المستقبل. في قلب نجد، تتشابك مشاعر الانتظار والبحث عن السعادة الحقيقية.