الفصل الرابع

1 1 0
                                    


بينما كانت القهوة تُعد في المطبخ، استمر حديث نورة وعبدالله، وكأنهما يعرفان بعض منذ زمن. كانت الأحاديث تتدفق بينهما بسلاسة، والضحكات تنبعث من قلبيهما، مما جعل الجو مليئًا بالحيوية.

"يعني، تحبون الأكلات التقليدية؟" سأل عبدالله وهو يضع فنجان القهوة على الطاولة.

"أحبها، خاصًة الكبسة!" ردت نورة ببهجة. "وإذا كانت مع دقوس، تصير أكلة أسطورية!"

"صدقتي! دقوس أم زهراء هو الأفضل،" عبدالله ضحك. "ويا زين الأكلات لما تكون من يد الأم."

نورة ابتسمت، وقالت: "إي والله، ما في طعم الأكل اللي تطبخه الأم، حتى لو كانت الوصفة بسيطة."

"أحس أن الأكل يجمع العائلة،" عبدالله قال بتأمل. "أنا كل جمعة أجتمع مع العائلة ونسوي عزيمة، ويصير الجو حلو ومليء بالسواليف."

نورة حسّت بأنها تتفق معه. "صحيح، العزايم تعني أكثر من الأكل، تعني الذكريات، والضحكات، وكل لحظة فيها أهمية."

بينما كانا يتحدثان، دخلت "مشاعل" فجأة، وهي تقول: "هاا، وينكم؟ مشغولين بالقهوة ولا بس تسولفون؟"

نورة ضحكت: "كنا نجهز قهوة للي يبيها!"

"والله، إذا أنتوا جايين تسوون قهوة، نبي فنجال من الأجمل!" قالت مشاعل بتحدٍ.

عبدالله ابتسم: "هاها، إذا تحبون القهوة، نجيب لكم أحسن نوع!"

"يا سلام! اللي يحب القهوة طيب،" قالت مشاعل وهي تشد على يدي نورة. "شوفوا، الناس تجمعوا برا. تعالوا نروح نسمع سواليفهم."

خرجوا جميعًا إلى الحوش، حيث كانت الضحكات والأصوات ترتفع. جلست نورة مع مشاعل بينما عبدالله كان يتحدث مع أصدقائه. كانت نظراته تلاحقها بين الحين والآخر، مما جعل قلبها ينبض بسرعة.

"وش شعورك؟" سألت مشاعل نورة بنبرة مرحة.

"ما أدري،" نورة ردت بخجل. "أحس كل شيء يمر بسرعة."

مشاعل ضحكت: "هذا هو الحب يا نورة! لازم تكوني جريئة، ولا تخافين!"

نورة شعرت بحرج، لكن لم تستطع منع الابتسامة من الظهور على وجهها. وبينما كانت تستمع إلى الضحكات والأحاديث من حولها، شعرت بأن هذه اللحظات مميزة.

فجأة، اقترب عبدالله من نورة وسألها: "كيف كانت القهوة؟"

"والله، طيبة!" ردت نورة، وشعرت بلون الخجل يتسرب إلى وجهها. "أنت كنت السبب."

"حبيتها! أعدك أتعلم أعملها أحسن في المرة الجاية." قال عبدالله.

تدخلت مشاعل: "يا عبدالله، هل عندك خطة تسويها بعدين؟"

عبدالله نظر إلى نورة ثم قال: "والله، أحاول أفتح مشروع خاص فيني. بس لازم أبحث عن الدعم وأشوف الأفكار."

"مشروع؟!" مشاعل تحمست، "وش نوع المشروع؟"

"أفكر أفتح مقهى مخصص للقهوة، بس بفكر خارج الصندوق. نبي نضيف لمسات نجدية، مثل الأجواء التقليدية والأكلات الشعبية،" عبدالله قال بحماس.

نورة انبهرت بالفكرة. "فكرة رائعة! أكيد راح تحظى بإقبال كبير، لأن الناس تحب الأجواء الدافئة."

"تصدقين؟" قال عبدالله مبتسمًا، "إذا احتجتي أي شيء في التخطيط، أنا هنا، نقدر نشتغل سوا."

نورة ترددت: "سوا؟"

عبدالله أضاف: "يعني إذا في شيء تحتاجينه، لا تترددي في مساعدتي. الأفكار تكون أحلى لما نتشاركها."

ومع تواصل الحديث، أصبح الجو أكثر دفئًا وحيوية. كانت مشاعل تتحرك بين الضيوف، تنقل الأحاديث، ونورة كانت تشعر بأن هذا اليوم قد يكون بداية جديدة في حياتها.

ومع اقتراب المساء، بدأت الأنوار تتلألأ حول الحوش، والأجواء كانت مليئة بالمرح والضحكات. أخذ عبدالله فنجان قهوة آخر، ونظر إلى نورة بحماس: "هل تحبين القهوة بالهيل؟"

"نعم، أفضله!" نورة أجابت، وهي تشعر بأن الحديث أصبح أعمق. "الهيل يعطيها طعم خاص."

عبدالله قال بابتسامة: "مثلما الهيل يعطي القهوة طعمها، الأصدقاء والعائلة هم اللي يضيفون للحياة لمسة جميلة."

نورة شعرت بدفء كلماته، وكانت تفكر: "هل ممكن أن يكون هذا الشاب هو جزء من حياتي الجديدة؟"

وبينما كانوا يضحكون ويسولفون، لم تشعر نورة بالوقت. كانت تلك اللحظات تتجدد كلما نظرت إلى عبدالله، ومع كل ضحكة وكل كلمة، كانت تُدرك أنها ربما وجدت شيئًا خاصًا في هذا اليوم.

قلوب نجديةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن