٠٣

15 9 28
                                    


" اقتربي يا صغيرة "

مشت الفتاة بخطوات متعثّرة نحو العرش ، تنزل رأسها و قد احمرّت خدّاها خجلا من الأنظار المتوجّهة نحوها ، كانت جنيع الوجوه يعيدة و قد ارتفعت الضحكات ، و بدى الجميع أسعد من قبل

وقفت أمام الشّابّة و نظرت لوجهها الجميل ، بلعت ريقها بتوتر ، اقتربت منها الشّابّة فبرز جمالها أكثر بمشيتها الأنيقة ، نزلت على ركبتيها لتبدو بطول الفتاة و قالت : " أدعى آيا ميرث ، أميرة مملكة أُورِيجْيَا لُودُوسْ "

- " أدعى آيفا غوين .. أنا أبحث عن والداي ، هل رأيتهما ؟ "

فكّرت آيا قليلا ، ثمّ هزّت رأسها نافية ، وقفت و أمسكت بيد آيفا و قادتها معها

كانوا قد عادوا جميعا إلى الرّقص و الاستمتاع بطريقتهم الغريبة ، قادتها إلى مائدة مليئة بالطّعام

- آيا بفخر -:" مملكتنا مختلفة تماما عن عالمكم ، نحن لا نحتفل إلّا في أطول ليلة و التي تعادل اليوم .. كلّ ما نفعله اليوم هو الفرح و المرح ، كما أنّنا متطوّرون عليكم "

أمسكت قدحا و ملأته من قنّينة زجاجيّة بعصير لا يتوقّف لونه عن التّغيّر ، كما انّ القنّينة عادت ممتلأة لآخرها

قدّمت العصير لـ آيفا ، و قالت : " تفضّلي .. يدعى عصير مِيسْتِيكْ كَاتَالِسْتْ ، يزيد النّشاط و يرفع مستوى ادراكك لهذه المملكة "

تردّدت قليلا ، ثمّ أغمضت عينيها بقوّة و ارتشفته كاملا ، تنهّدت بعمق مستعيدة أنفاسها ، نظرت لـ آيا : " ذوقه غريب لكنّه .. لذيذ "

قهقهت آيا قهقهة صغيرة ثمّ أردفت ممسكة بكف آيفا : " نعم ، هل ترغبين بمعرفة المزيد عن هذا العالم ؟ "

مشيا قليلا عبر الطّاولات التي تحمل كلّ واحدة أصنافا كثيرة من الطّعام ، لاحظت آيفا أنّ الطاولات مرتفهة قليلا عن الأرض و أنّ كلّ شخص في القاعة ينظر للطّعام تتّجه الطّاولة نحوه بسرعة

أخذت آيا الزائرة إلى مرآة في القاعة و وقفت بجانبها ، في المرآة كانت هناك شابّة جميلة بطريقة مختلفة ، ملابسها بالألوان البنفسجي و الأسود عليها الكثير من النّقوش و الطّروز ، شعرها بدى مبعثرا بعض الشّيء لكن بطريقة جميلة ، تحمل بيدها مصّاصة يتغيّر شكلها من النّجمة للقلب ثمّ الدائرة و الكثير من الأشكال

-آيا بابتسامة-: " آتوم راها ، إن ّ هذه ضيفتنا هذا العام "

نظرت المدعوّة راها لـ آيفا و شردت لبعض الوقت بينما تضمر حزنا و شفقة ظاهرة على عينيها ، قالت و كأنّ الدّموع على وشك الانهيار على وجنتيها : " طفلة ؟ "

- أومأت آيا -: " نعم .. من الإنس ، تدعى آيفا غوين .. "

-راها بابتسامة اجباريّة-: " هل تعرفين شيئا عن المملكة ؟ أو عن ليلة إيلمو العظيمة ؟ "

هزّت آيفا رأسها نافية ، و قالت بلهجة مليئة بالفضول : " لا أعرف شيئا عن هذه المملكة غير ما قالته لي الأميرة آيا عن غرابتها ، و أتيت عن طريق المصادفة إلى هنا "

توقّفت فجأة عن الحديث و بدأت تفكّر بدهشة : " لحظة .. لقد كنت أبحث عن شيء قبل مجيئي .. ماذا كان ؟ "

بادرت راها بإجابة سريعة مقاطعة حبل تفكير آيفا : " ليلة إيلمو هي أطول ليلة في السّنة ، أو كما يفترض بها أن تكون ، هذه اللّيلة الجميع في هذه المملكة ينتظرها بفارغ الصّبر .. إنّها اللّيلة التي نبرز فيها سنويّا "

لم تدهش آيفا من شيء .. يبدو أنّه بسبب مفعول ذاك المشروب الغريب ، كانت تشعر بأنّ كلّ شيء طبيعي رغم أنّها هنالك في جزء ما من عقلها لا تتوقّف عن الثّرثرة "ماقصّة هذه المملكة الغريبة ؟ هل هم سحرة ؟ متى سأعود للديار ؟ .. "

" أرجوا لك وقتا ممتعا .. "

تكلّمت راها مع ابتسامة صغيرو قبل أن تطير بعيدا .. نعم !؟ ... أقصد أنّ المرآة التي تحمل راها طارت بها إلى الضّيوف في القاعة

سحبت آيا الأخرى من كفّ يدها ، بينما تهيّجت بحماس : " هيا أسرعي .. مازال هناك الكثير لاستكشافه "

تبعتها آيفا بصمت ، تنظر هنا و هناك .. كلّ شيء غريب و مختلف في هذه المملكة .. لا يعرفون شيء يدعى " قوانين الفيزياء " ، جميعهم سعداء يهلّلون و يفرحون و يمرحون .. يرحّبون بهذا و ذاك دون حساب ، ما غايتهم ترى من آيا ؟ ما سرّ هذه المملكة ؟ و ماذا تخفي راها في طيّاتها ؟ و الأهم من ذلك .. ماذا سيحلّ بـ آيفا ؟ هل ستجد والديها ؟ ..

" ×مَـوْطِـن الـرَّهْـبَـة× "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن