٠٩

6 4 5
                                    

تقدّمت ببطئ مصدرة صدى صوت طقطقة حذائها في أرجاء القاعة ، تنهّدت فخرج من فاهها هواء بارد

كانت القاعة مقلوبة رأسا على عقب ، طلاء الحائط قد بدأ بالتّقشّر ، النّوافذ متشقّقة ، سائل لزج يغطّي معظم أرجاء القاعة ، المكان هادئ تماما إلّا صفير الرّياح لا يتوقّف عن الصّراخ

الألوان الزّاهية كلّها صارت شاحبة ، الأثاث فَسُدَ جلّه و اهترأ ، لا تكاد آيفا تفهم أين هي ، هل أخطأت الطّريق و ذهبت لمكان آخر بدل المملكة ؟

اقتربت من زجاج النّافذة ، نظرت إلى ذلك السّائر اللّزج الذي يغطّي الأرجاء ، لامسته بأصبعها و أقربته من عينيها لتلقي نظرة له

شهقت فجأة و سارعت لمسح إصبعها في السّتار و بدأت بالتّراجع ورائا ، همست بصوت مرتجف
" د .. دماء ؟~~"

توقّفت لوهلة و قالت بعد أن تسلّل الخوف لقلبها و صار يضخّه في عروقها " هل يعقل أنّ ذاك الوحش قد هاجم المملكة ؟ "

سارعت في صعود الدّرج وصولا للطابق الثّاني ، و كان عبارة عن ممر في نفس حالة القاعة المزرية و مليئ بالغرف كلّ غرفة تحمل على بابها لوحة مكتوب عليها اسم ما

لم تعرف آيفا لماذا يملّكها الفضول في كلّ مرّة .. أصلا لا أحد في المملكة و هذا يعني أنّها تستطيع التجوّل لبعض الوقت و المبيت حتّى الصّباح لتعاود البحث عن طريق العودة

اقتربت من أوّل غرفة بجانب السّلالم ، همست محاولة قرائة الاسم

~~" Aath "~~

لم تفهم مالذي تعنيه الكلمة ربّما اسم شخص ما ؟ ، لكنّها كانت موقنة بأنّ لا أحد بهذا المكان لذلك فتحت الباب و كالعادة كان مهترئا فأصدر صريرا

دلفت إليه و قد كان مطبخا ، لكن و الصدمة .. لقد كان نظيفا تماما !! على عكس القاعة و الممرُ فلم يحمل اي بقعة دم و مرتّبا بطريقة مثاليّة

كلّ شيء يلمع هناك كما لو تمّ تنظيفه لأكثر من مرّة ، تجوّلت فيه قليلا و قد كان واسعا و تنسيقه جميل للغاية

شعرت آيفا بجوع شديد ، أحسّت بأنّها لم تأكل لأمد طويل 

اقتربت من الثّلّاجة و قد ارتسمت على محياها ابتسامة عريضة ، أمسكت مقبضها و فتحتها مجهّزة عينيها لترى أصنافا مختلفة من الطّعام و لا تأبه إذ كان ذلك طعام المملكة الغريب ذو الأساطير السخيفة

~~

فُتحت عيناها على مصرعيها و تقلّصت بؤبؤتا عينيها ، اختفت الابتسامة من على شفتيها ، ارتجفت يدها و أحسّت بتلك النّغزة الموجِعة في قلبها كما لو كان سهما يخترقه

سقطت جاثية على الأرض لا تبتعد عينيها عن ذاك المنظر البشع

لحوم .. لحوم بشريّة .. أعضاء بشريّة ، كانت الثّلاجة ممتلئة لآخرها بـ أعضاء بشريّة غارقة في الماء داخل علب زجاجيّة

سيقان ، أذرع ، أصابع .. جميع اللّحوم البشريّة

انشلّت قدميها فبدأت بالزّحف للخلف ببطئ تحاول الابتعاد عن منطقة الخطر لكنّ جسدها يزيد ثِقلا

توقّف لوهلة بعد أن شعرت أنّ جسدها يستطيع الوقوف و الحراك بشكل أفضل ، فوقفت على قديميها و سارعت لإغلاق باب الثّلاجة

تنهّدت بعمق ، نظرت لباقي الخزانات الصّغيرة في توتّر و لم تلبث أن فتحتها جميعها ، كان تحمل أيضا باقي الأعضاء من أعين و شعر و ألسنة .. و العظام بأنواعها و أشكالها ، كان منظرا مروّعة

و رغم ذلك كان كلّ شيء نظيفا تماما ..

ارتعد جسدها حين سمعت صوت صدى طرقات أقدام على البلاط الخشبي

أحسّت برهبة شديدة و لم تكد أن بادرت بالاختباء في خزانة قد كانت فارغة

انكمشت بداخلها بحيث عانقت ساقيها بقوّة ، بينما كانت تنظر من الثّقب الصغيرة في باب الخزنة

بدأت طرقات الحذاء تقترب أكثر و أكثر و قد كان واضحا أنّها امرأة فقد كانت طرقات كعب عالي بعض الشّيء

و أخيرا .. ظهرت

قطّبت آيفا جبينها و خفّت دقّات قلبها ..

~~/He follows/ ~~

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 4 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

" ×مَـوْطِـن الـرَّهْـبَـة× "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن