٠٥

11 7 18
                                    


اقترب من النّهر ببطئ ، كان مليئا بالأضواء في كل شبر مع العامل الأسّاسي في المدينة و الذي لا ننساه .. الزّينة

وضعت قدمها بهدوء قاصدة غوصها بالنّهر ، لتتفاجئ بعدم غرقها !! قدمها لم تدخل الماء بل بقية في السّطح كما لو كان هناك حاجز يمنع ذلك

توهّجت البقعة التي وضعت بها قدمها باللّون الأزرق و بدت جميلة بحق

وضعت القدم الثٌانية ببطئ أيضا و حصل نفس الشّيء مع الأولى .. لتليها عدّة خطوات حتى وصلت للحوت

دارت حوله كامل لكنّها لم تجد مدخلا ، اقتربت من وجهه بدافع الفضول
لم تمرّ دقيقة حتّى تقفز من مكانها بهلع بعد ان صعقت من افتتاح فم الحوت لآخره

بدى كممرّ حالك الظّلمة .. سمعت همسّا من الدّاخل كان كصوت فتاة صغيرة  : " أنا من جعلتها تتوارى عن أنظارك ، أنا من أبعدتها عنك قبل أن تستحوذ على عقلك ... اقتربي .. اقتربي ~~"

ارتجفت آيفا متصمّرة في مكانها بقلق ، لتسمع صوت الفتاة و قد على : " اقتربي ~~"

بلعت آيفا ريقها بصعوبة ، و لم تجرؤ أن تقترب خطوة أو حتّى تطلق نفسا

أحسّت بنسمة هواء قويّة لتليها أخرى فجائية أقوى دفعتها إلى الدّاخل بقسوة ، و لم تلبث أن وجدت بذاتها وسـط مكتبة مليئة بالكتب طويلة إلى اللّانهاية

في ركن كانت تجلس هناك فتاة لا يبدو أنّها تجاوزت الخامسة عشر من عمرها ، تحتسي كوب قهوة و تحمل بين كفّيها كتابا مهترئا ، تحملق في آيفا بعينيها الزرقاوتان الباردتان ، ذات شعر أشقر طويل ينسدل على كتفيها

قالت بكلّ هدوء مشيرة لكرسي بجانب آيفا : "أنت بأمان هنا .. إجلسي "

أومأت آيفا رأسها بتوتر و جلست بهدوء على الكرسي حتى أصدر صريرا قويا دلالة على اهترائه

مرّت لحظة صمت لم يتحدّث أيّ واحدة من هما و اكتفيتا بالسّكوت ، أغلقت الفتاة الكتاب بهدوء و وضعته على الطّاولة الصّغيرة بجانبها ، ارتشفت آخر ما تبقى في الكوب ، لتنظر مجدّدا في وجه آيفا :

" اسمعيني جيّدا .. أنت لا تعرفين شيئا عن هذا العالم .. إنّه خطر على طفلة مثلك !! "

ظهر الاستغراب على وجه آيفا فاستفسرت : "خطر ؟ إنّه يبدو مثاليا بحق ، كما أنّ آيا عرّفتني بالكثير عنه و عن أساطيره "

قهقهت الفتاة بسخرية و قالت مع ابتسامة مستهزئة "مثاليا ؟ .. كلّ ما قالته تلك الشّابّة مجرّد ترّهات ! أعرف أنّك قد لا تصدقينني لكنّي من جنس البشر .. قضيت أكثر من ألف عام في هذه المملكة و أعرف الكثير عنها ، لا تصدّقي كلّ ما تسمعينه من الغرباء "

قطّبت آيفا جبينها و قالت بعدم تصديق :"ألف سنة ؟ و أنت من جنس البشر ؟ مستحيل .. و ماذا تعنين بكلامك هذا ؟ هل هم ليسوا ببشريّين ؟ و هل نسيتي أنّك أيضا غريبة ؟ "

تنهّدت الفتاة بضجر ، شبكت أصابع يديها و عدّلت من جلستها : " لقد كنت يوما ما مثلك .. تمنّيت لو وجدت شخصا أخبرني بما سأخبرك به الآن ، و أدعى أوريليا ، لقد اكتسبت الكثير من العادات و الأشياء من هذه المملكة .. فقط أريدك أن تصغي لي و لا اهتم إذ كنت لن تصدّقيني لكن تأكّدي أنّك ستندمين"

فكّرت آيفا قليلا بينما تداعب حافّة ثوبها ، رفعت بصرها لـ أوريليا بنظرات قد ظهر عليها قليلا أنّها ستأخذ كلام الفتاة على محمل الجدّ

تنهّدت الأخرى ، قبل أن تصبّ لذاتها المزيد من القهوة في الكوب و مسكته بين كفّيها كما لو كانت ستحكي قصّة طويلة ..

" ×مَـوْطِـن الـرَّهْـبَـة× "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن